الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

أعيدوا للـ٢٥٠ ليرة عزّها

المصدر: النهار
نسب زكريا
أعيدوا للـ٢٥٠ ليرة عزّها
أعيدوا للـ٢٥٠ ليرة عزّها
A+ A-

يخبرني ابن اختي، في حديث عابر عبر الواتساب، أنه "انوجع" عندما قصد دكاناً لشراء المناقيش، فوجد صاحبه مكسور الخاطر: لديه أربعة أطفال وألف ليرة، لم تستطع أن تشتري له ٤ أصناف شوكولاتة أو حلوى أو سكاكر للأطفال الأربعة، إذ لا توجد شوكولاتة بـ ٢٥٠ ليرة، فعاد خالي اليدين.

موجع ذلك حقاً، أن يعيش العالم بكل هذا التطور والتكنولوجيا والرفاهية، وما زال هنالك آباء تنام مكسورة الخاطر لأنها لا تستطع أن تؤمّن أدنى حقوق أطفالها من الحلوى، وأن تكون حصة الطفل اليومية ٢٥٠ ليرة.

تذكّرت للتوّ مشهداً من الطفولة؛ كيف كنت أنتظر أبي عائداً من العمل، ليصحبني ونشتري ١٠ دبكة كريم بـ ١٠٠٠ ليرة. كنت أعتبر ذلك الروتين اليومي أقصى درجات الرفاهية... ذهبت أيام الليرة، وذهب أبي وذهبت دبكة كريم، ولا أجد إلى يومنا هذا بسكويت يضاهيها طعماً.

نحن جيل عرف عزّ الـ ٢٥٠ ليرة وعاش قيمتها. موجع أن نكون آخر جيل يستمتع بـ ٤ قطع ذهبية تشتري وجبة كاملة في الصباح ربما تكفيك نهاراً بطوله.

اليوم تترفّع كل السلع عن الـ٢٥٠ ليرة، ولم يعد حتى أي لوح شوكولاتة وطني هشّ، فيه أدنى معايير الصحة الغذائية، بقيمة هذه الفئة الصغيرة من النقود! نذير شؤم وخطر.

هذه القصص الموجعة حتى على بساطتها، التي تُنسى بعد ساعات من سماعنا إياها، تجعلني من أنصار نظرية دعم المؤسسات الصغيرة، أو بمعنى آخر دعم الـ٢٥٠ ليرة.

اشتروا من أصحاب الأكشاك الصغيرة، اقصدوا الدكاكين ذات الواجهات الضيقة، باركوا أصحاب البسطات الخشبية النقّالة، غضّوا الأنظار أحياناً عن معايير النظافة العامة التي تفتقدها، لا تخافوا، لدينا مناعة ضد كورونا نفسها (إنني أمزح)، لا تخافوا لأنكم أصحاب بركة، والنوايا تحمي أصحابها. باركوا الفئات النقدية المعدنية، وثوروا كي نبقى جيل الـ ٢٥٠ ليرة؛ أعيدوا عزّها، أقلّه حتى يستطيع صاحب دكان المناقيش (التي باتت رفاهية) أن يشتري أربعة أصناف شوكولاتة لأطفاله الأربعة.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم