الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

قراءة معارضة لأسباب التدهور من القصير إلى يبرود

موسى عاصي
A+ A-

لم تستفق المعارضة السورية من الضربة الموجعة التي تلقتها بسقوط مدينة يبرود في منطقة القلمون بريف دمشق الشمالي في أيدي قوات النظام السوري ومقاتلي "حزب الله" اللبناني وإن تكن توقعت هذه النهاية قبل حصولها، لكن المفاجأة والصدمة كانتا في السرعة التي تهاوت فيها دفاعات المدينة، مع العلم أن القوى العسكرية المعارضة فيها وعمودها الفقري "جبهة النصرة" كانت تتوقع هذا الهجوم منذ بضعة أشهر، وقد جهزت له على حد كبير منعاً للوصول الى نهاية كهذه.


كانت قيادات المعارضة السورية قد تداعت الى اسطنبول قبل سقوط يبرود بأيام "من أجل درس الوضع الميداني استناداً الى المعلومات التي كانت تشير الى قرب سقوط المدينة"، استناداً الى شخصية رفيعة المستوى في المعارضة. لكن السقوط السريع ليبرود خلط الأمور وسادت الاجتماعات أجواء "عاصفة" وتخللتها انتقادات لاذعة وتحميل للمسؤولية، ودفع بملفات عدة كانت تؤجل في السابق وفرضها على طاولة النقاش، وفي مقدمها ملف القيادة السياسية للمعارضة "التي ارتكبت أخطاء مميتة في الاشهر الأخيرة بدءاً من طريقة التعامل مع مفاوضات جنيف 2 واعطائها الأولوية على حساب الميدان، وصولاً الى المرحلة الأخيرة حيث أوقعت هذه القيادة قيادة أركان الجيش الحر بإرباك كبير سببه الخلافات التي تركزت على المواقع والمناصب "مما غطى المهمة الاساسية لهذ الجيش وهي محاربة النظام".
وفي معلومات خاصة بـ"النهار" أنه حضر الى جانب رموز وقادة "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" في الخارج الى اسطنبول عدد كبير من الضباط التابعين للكتائب المنضوية تحت لواء "الجيش السوري الحر" وعقدوا اجتماعات لدرس الأسباب التي أدت الى "الانهيار العسكري المستمر منذ سقوط مدينة القصير في حزيران من العام الماضي".
وتعدد المعارضة ثلاثة أسباب رئيسية للتراجع العسكري ككل وآخره في يبرود وهي:
1 - تشرذم الكتائب العسكرية وتعدد مرجعياتها وتأثير الخلاف بين هذه المرجعيات على الميدان والحروب في ما بينها، الى الخلافات السياسية والشخصية في صفوف القيادة السياسية.
2 - عدم احداث أي تغيير على مستوى المواجهة العسكرية للمعارضة مع النظام والحفاظ على اسلوب قديم على رغم تغيير الاستراتيجية العسكرية النظامية بعد دخول "حزب الله" علناً الحرب.
3 - عدم امتلاك اسلحة نوعية وتحديداً مضادات لسلاح الطيران السوري.
على هذا الأساس تعتقد قيادات رفيعة المستوى في الائتلاف أن المخرج الوحيد لهذه الأزمة يكمن في معالجة هذه الأخطاء الفادحة من خلال انشاء قيادة مركزية موحدة للعمل السياسي وأخرى للقوى العسكرية. ولكن كيف يمكن المعارضة بعد كل هذه الاخفاقات أن تعيد تنظيم نفسها على هذا الاساس؟
عن هذا السؤال تجيب اوساط الائتلاف القيادية لـ"النهار" بأن اللقاءات ستستمر خلال الأسابيع المقبلة في اسطنبول وصولاً الى مطلع نيسان المقبل، موعد اجتماع الهيئة العامة للائتلاف الوطني. وقبل هذا الاجتماع "علينا ان نكون قد حسمنا امرنا في اتجاه الاتفاق على اعادة هيكلة الائتلاف وتغيير الدستور وانشاء مكتب سياسي موسع لادارة الشأن السياسي، واجراء انتخابات، ولم لا، تغيير بعض رموز القيادة".
أما على المستوى العسكري، فتعاني المعارضة السورية، التفلت التام للمجموعات العسكرية الكبيرة وارتباط هذه المجموعات بمرجعياتها ولا سيما منها "جبهة النصرة" الموالية لتنظيم "القاعدة" و"الجبهة الاسلامية" وغيرها كثير من الجبهات ذات الثقل في الميدان. لذلك، تراهن قيادات في المعارضة على تشكيل قوة عسكرية مظلتها "الجيش السوري الحر" من خلال جمع المجموعات العسكرية الصغيرة، من 50 الى 200 مقاتل، وهذه المجموعات منتشرة في معظم أنحاء سوريا و"هي التي تقاتل القوات النظامية بشكل حقيقي وهادف"، وانشاء قيادة مركزية لها تعمل على امدادها بالمال والسلاح مباشرة ودون وسائط. أما بالنسبة الى المجموعات الكبيرة (عدا "الدولة الاسلامية في العراق والشام") فترى هذه القيادات أن مستقبل العلاقة معها هو التحالف بينها وبين "الجيش السوري الحر".
وقد سألت "النهار" القيادي في الائتلاف السوري برهان غليون عن امكان نجاح هذا السيناريو في ظل الخلافات القائمة بين أطياف المعارضة من جهة وبين المرجعيتين الخليجيتين لهذه المعارضة، أي السعودية وقطر، فرأى أن ليس أمام المعارضة السورية الا الخروج بحلول حاسمة خلال الايام والاسابيع المقبلة "لأن الفشل يعني فشل الثورة". وأكد أن على قيادات المعارضة السورية التخلي عن الأوهام وعن التنافس في ما بينها و"علينا محاربة سياسة الولاءات". وقال ان على القيادة الموحدة للمعارضة السورية أن تتولى العلاقة مع الدول الداعمة مباشرة، بدل العلاقة الموجودة حالياً بين هذه الدول والمجموعات العسكرية على الارض. واقترح غليون انشاء صندوق موحد للدعم المادي تذهب اليه كل التبرعات أياً كان مصدرها، على أن تتولى القيادة المركزية للثورة توزيع الدعم على المناطق وعلى الكتائب العسكرية.
واعتبر أن على الدول الخليجية الحليفة (السعودية وقطر تحديداً) التي تدعم المجموعات العسكرية السورية ابعاد خلافاتها عن الملف السوري "حفاظاً على الثورة السورية" والبدء بتقديم الدعم المادي للقيادة السياسية بدل تقديمها مباشرة للمجموعات على الارض "مما يؤثر على ولاءات هذه المجموعات"، موضحاً أن لا خيارات أخرى أمام هذه الدول "لأن فشل الثورة السورية يعني ان هذه الدول ذاتها باتت في خطر".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم