الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

خيار الانتظار الطويل

المصدر: النهار
سعد نسيب عطاالله
خيار الانتظار الطويل
خيار الانتظار الطويل
A+ A-

أنت في ريعان الشباب. أنهيت تخصصك الأكاديمي. لا تريد الانتساب إلى أي جهاز أمني وتكون شاهداً على الفساد والفاسدين.

أنت لا تعمل. أنت عاطل عن العمل. لا تجد فرصة عمل. لا تريد الإصابة بالإحباط، أو الاكتئاب، أو الملل. ماذا تريد أن تفعل؟

كيف تتغلّب على سطوة الغفلة، واللاإنتباه، ومرور الزمن السريع؟

لقد مللت المطالعة، والإطلاع على المعرفة النظريّة!

عليك التزام المنزل في أكثر الأحيان! كيف تمضي يومك في المنزل؟

إنّك لا تستطيع البقاء في الفراش بعد الساعة السادسة صباحاً، لأنه الوقت الذي كنت تصحو فيه، وتحضّر ليومك الدراسي، طوال أكثر من عقدين.

تصحو باكراً وترتدي ثياب العمل حتى تُبقي الاستعداد الدائم للخروج من المنزل إلى مكان العمل.

تبقى في المنزل طوال النهار، جالساً أمام شاشة التلفزيون، متنقلاً من قناة إلى أخرى، ومتابعاً برامج الأخبار والحوارات، والمسلسلات، والإعلانات.

يتحكّم بك جهاز التحكّم عن بُعد.

مضت سنوات على تخرجك، وأنت تشاهد الوجوه نفسها، وتكرار تصريحاتهم، واجتهاداتهم، وفذلكاتهم، وأسفارهم، واستقبالاتهم، وحفلات أعياد ميلادهم، وإفطاراتهم، وثرثراتهم الفارغة، والصلوات على ذكرى شهدائهم.

مضت سنوات، وهم يتنقلون من حكومة إلى أخرى، ومن وزارة إلى أخرى، وأنت لا عمل لك.

مضت سنوات، وهم وحدهم الأذكياء، والأوفياء، والشهداء، والأشقياء، والأغنياء، وأنت عنصر في خانة الفقراء.

مضت سنوات، وهم يبيعون الناس وعوداً بتوفير الكهرباء 24/24، وضمان الشيخوخة، ومحاربة الفساد، وأنت تعيش في عتمة الدولة وضوء اشتراك المولد الكهربائي، وتشيخ في منزلك يوماً بعد يوم.

مضت سنوات، وهم يمضون عطلاتهم مع عائلاتهم وبطاناتهم، في مدن العالم، وأنت تمضي العمر على كرسي غير وثير، في أحد مقاهي المجمعات التجارية الرخيصة.

مضت سنوات، وأنت تحاكي الأمل البعيد، وهم يسرقون أيامك، وأموالك، ومستقبلك.

مضت سنوات، وأنت تلبس رداء الجبن، والتردّد، والحيرة.

إلى أين المصير بعد مضي هذه السنوات الطويلة، الفارغة؟

ماذا تنتظر؟ الهجرة ليست الحلّ. أمامك خيار واحد لا غير. أمامك الشارع. خيارك الانتفاضة، والثورة. إنهم جبناء، وضعفاء.

أنت الأقوى.

أنت الأبقى!




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم