الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الصّناعاتُ الزراعيّة: رافعةُ الاقتصاد المحليّ الريفيّ اللبناني، ولكن...

المصدر: النهار
د.إيلي شديد
الصّناعاتُ الزراعيّة: رافعةُ الاقتصاد المحليّ الريفيّ اللبناني، ولكن...
الصّناعاتُ الزراعيّة: رافعةُ الاقتصاد المحليّ الريفيّ اللبناني، ولكن...
A+ A-

يؤدّي التّصنيعُ الزراعيُّ دوراً أساسيًّا في الإنتاج الزراعي، ويساهمُ في تحويل الفائض من الإنتاج الزراعي والإنتاج الحيواني إلى سلعٍ جديدةٍ يسهلُ حفظها ولمدّةٍ طويلة، وتلبّي كذلك حاجات استهلاك الأسواقِ المحليّة والخارجيّة.

تتجلّى أهميّةُ التّصنيعِ الغذائيّ بكونه يساهمُ في تأمينِ الأغذية الموسميّة طيلةَ أيّامِ السّنة، فضلاً عن تأمينِ الطّعام الصحيّ، إضافةً إلى توفير فرصِ العمل لسكّان الأرياف بشكلٍ عام وللمرأة بشكلٍ خاص وتأمين دخلٍ مقبول طيلة العام لسكّان الرّيف. ومن أبرز الصّناعاتِ الغذائيّة في الأرياف اللبنانية: دبس الخرنوب، العسل، الكشك، المربيات على أنواعها، المشروبات الروحية (نبيذ، عرق)، ماء الورد، ماء الزهر، شراب الورد، شراب التوت، الصنوبر، الخل، المربيات على أنواعها، إلخ. لكنَّ هذه الصّناعات تشهدُ تراجعًا ملحوظًا لأسبابّ متنوعّة.

كانتْ أشجارُ الخرنوب تغطّي مساحةً لا بأس بها من مساحة بعض القرى في الأرياف اللبنانيّةِ وتحديداً تلك الّتي لا يزيدُ ارتفاعها عن 600 متر(وهو الحد الأقصى لنموّ شجرة الخرنوب). وكانت تؤمّن مردوداً مادياً مقبولاً لعددٍ من الأسر. إنّما أدّى اندلاعُ الحرائق من جهةٍ وإصابة العدد الأكبر من الأشجار بالأمراض من جهةٍ أخرى إلى القضاءِ على هذه الشّجرة في تلك القرى، ما دفعَ ببعض الّذين يمارسون هذه المهنة إلى التوقّفِ عن العمل. أمّا القسمُ الآخر فبدأَ يستوردُ ثمرةَ الخرنوب من الجنوب اللبنانيّ ليقومَ بعد ذلك بتصنيعها وتحويلها إلى دبسٍ صالحٍ للطّعامِ المنزلي.

وفي العام 2011، تعرّضتْ أحراجُ الصّنوبر في معظمِ الأراضي اللّبنانية إلى مرضٍ أثّرَ بشكلٍ سلبيٍّ على الإنتاج بحيثُ انخفضت نسبةُ إنتاج الشجرة الواحدة إلى 100% -أي من دون أيّ ثمر- ما دفعَ العمّال بهذا القطاع إلى البحثِ عن مصدر رزقٍ آخر لتأمينِ معيشتهم.

أمّا بالنّسبة لزراعةِ العنب، فهي منتشرةٌ بكثافةٍ في معظم القرى الجبليّة. غير أنّها بدأت بالتّراجعِ بعد الأحداثِ اللبنانيّة نتيجةَ عدم اهتمام سكّان القرى بهذه الزراعة. واستمرَّ هذا التراجعُ بسبب أحداث الحرب اللبنانيّة (1975-1990)، وتأثيرها السلبيّ على الأراضي الزراعيّة الّتي أُهملتْ. كما تدهورت حالةُ الطّرقات الزراعيّة وتهدّمت حيطانُ الدّعم بالإضافة إلى تزايد عددِ الخنازير البريّة التي تغزو المحاصيل الزراعية على مختلف أنواعها. في الوقت الحاليّ، ما زال هناك بعض الكرومِ في مختلفِ القرى ولكنّها تبقى قليلة؛ فقسمٌ منها يخصَّصُ للاستعمالِ المنزلي وقسمٌ يُحوّلُ إلى خلّ أو إلى مشروباتٍ روحيّة من النبيذِ والعرق.

وفي ما يتعلّقُ بشرابِ الورد وماء الورد وشراب التّوت وماء الزهر والمربيات على مختلف أنواعها (مشمش، سفرجل، تين)، فنلاحظُ أنَّ هذا النّوع من الزّراعات الصناعيّة قد تراجعَ أيضاً نظراً إلى الحرائقِ الّتي تعرّضتْ لها الأراضي الزراعية، فضلاً عن التوسّعِ العمراني العشوائي على حساب الغطاء النباتيّ.

كما انعكسَ تراجعُ تربيةِ الأبقار والأغنام على إنتاجِ المنتجات الغذائيّةِ الحيوانية (مثل الكشك والألبنان والأجبان) حيث تراجعتْ الكميّةُ المنتجةُ مقارنةً مع الحقبات السّابقة.

بالمقابل، وعلى الرّغمِ منَ الإقبالِ الكبير للنّاس على شراءِ العسل الطبيعيّ، إلّا أنه يواجه عدّةَ مشاكلَ، أبرزها انخفاضُ المصادر الرّحيقة من أزهارٍ ونباتٍ بريّة وذلك بسبب الحرائق من جهة والرّعي الجائر من جهةٍ أخرى. فضلاً عن ارتفاع سعر الكيلو الواحد (30$)، ما يعيقُ تسويقَه. إضافةً إلى التّشكيك الحاصل في نوعيّة العسلِ من قبل المستهلكِ وهو ناجمٌ عن محاولات الغشّ الّتي يقومُ بها بعض المهندسين في قطاع تربية النّحلِ وبيع العسل.

من هنا، على الدّولةِ أن تتعاونَ مع السّلطات المحليّة (كالبلديات والنّوادي والجمعيّات). وأن تعملَ على حمايةِ هذا القطاع الذي يشكّلُ الشّريانَ الحيويَّ لبعض السكّان الريفيّين، وذلك من خلال إنشاءِ تعاونيّاتٍ زراعيّة في الأرياف وتقديم الإرشادات والمساعدات لسكّانِ القرى الّذين يعملون في هذا القطاع بهدفِ تثبيتهم في أرضهم والحدّ من عمليّة النزوحِ نحو المدن ولا سيما في هذه الفترة، مع الدعوة المستمرة الى العودة لزراعة الأراضي الزراعية والاستفادة منها، كون أبواب الاستيراد أصبحت مُقفلة على الأقل في الفترة الحالية.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم