الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

سوريّون هربوا من الضائقة المعيشيّة في لبنان فتُركوا جياعاً عند حدود بلادهم

المصدر: "النهار"
زحلة - دانييل خياط
سوريّون هربوا من الضائقة المعيشيّة في لبنان فتُركوا جياعاً عند حدود بلادهم
سوريّون هربوا من الضائقة المعيشيّة في لبنان فتُركوا جياعاً عند حدود بلادهم
A+ A-

تمنع السلطات السورية، العشرات من مواطنيها، من بينهم نساء وأطفال، كانوا غادروا لبنان خلسة عبر طرقات التهريب، من العودة إلى بلادهم، وتتركهم عالقين في العراء ما بين الحدودين، لليوم الثالث على التوالي بلا أكل أو شرب، ولم ترتدع عن إطلاق النار باتجاههم عندما حاولوا أن يعبروا حدود بلادهم تحت جنح ظلام ليل أمس.

"هل لديكم ما تعطونا إياه لنقتات به؟"، بهذا السؤال تلقفنا الوجه الأول الذي طالعنا، عندما قصدنا المنطقة الفاصلة ما بين نقطة المصنع الحدودية اللبنانية ونقطة جديدة يابوس السورية لنستطلع المعلومة التي وردت عن وجود نحو 250 شخصاً سورياً عالقين بين الحدود اللبنانية – السورية. المشهد الذي تكشّف لنا سوريالي، دفق بشري في منطقة اللامكان، المنطقة العسكرية، التي زادها وحشةً انقطاعُ السير عليها منذ قرار إقفال حدود البلدين كتدبير وقائي من جائحة كورونا. غالبيتهم كانوا رجالاً، نسبة الشبان بينهم عالية، انتشروا على زفت الطريق وعلى فاصل الباطون، فيما العائلات والنساء والأطفال افترشوا جوانبه مع أمتعتهم، قيل لنا إن ثمة امرأة حامل "وعلى وجه الولادة"، لكن مجيء الأمن السوري حال دون وصولنا إليها، فغادرنا بعد أن قُطع علينا الطريق بل هرولنا هرباً.

من تضخم الأسعار في لبنان، إلى كورونا التي ألزمت الناس الحجر وقطعت بأرزاقهم، لا سيما شريحة العمال المياومين الذين ينتمي إليهم النازحون السوريون بمعظمهم، توقفت الأشغال فانقطع المدخول الذي كان يعينهم على العيش عند حافة خط الفقر، فكان أفضل الشرور لدى العشرات من السوريين العودة إلى بلادهم، "ولو سنخدم العسكرية"، يقول الشبان الذين يشكّل لبنان لهم بلد النزوح من الخدمة العسكرية الإلزامية. دفعوا ما بين 300 و500 ألف ليرة لبنانية للمهربين بحسب حجم العائلة، وأحدهم تعرض للاعتداء والسرقة من قبل مهرب، ليعودوا إلى بلادهم "على أساس الطريق سالكة".

على الدرب نفسه الذي سلكه من سبقهم من الداخلين والخارجين خلسة ما بين الحدود اللبنانية – السورية، تجاوزوا مراكز ونقاط السلطات الأمنية اللبنانية من أمن عام، جمارك، جيش ومخابرات، خلسة عبر الطرقات الجبلية، نزلوا إلى الطريق قبل بضعة كيلومترات من مركز الفيلق السوري، تمهيداً ليعبروا بسلطات بلادهم الحدودية سيراً على الأقدام من دون أية مشكلات كما هي العادة، لولا أن هذه المرة مُنعوا حتى من تجاوز الفيلق، أي المركز العسكري السوري الضخم المنتشر عند مقلب المياه بين سوريا ولبنان. مواطنون سوريون هربوا من الضائقة المعيشية في لبنان، تمنعهم سلطات بلادهم من العودة إلى وطنهم، "طخوا علينا بالنار" عندما حاولوا التسلل إلى وطنهم ليلاً. هم جياع وعطاش، يستعطون الأكل والشرب من شاحنات النقل التي لا تزال تعمل استيراداً وتصديراً بين البلدين، بطاريات هواتفهم فرغت فيستجدون شحنها من سيارتنا، يستدفئون ليلاً من حطب الأشجار التي يجمعونها من الجبل، ويتقاسمون بقع الفيء أو يستعينون بألواح تنك ليتقوا أشعة الشمس نهاراً.

ماذا يريدون؟ أن يسمحوا لنا بالدخول إلى سوريا، أو أن يعيدونا إلى لبنان، أو أقلّه أن يؤمّنوا لنا الأكل والشرب في الانتظار.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم