الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل الزواج في قفص الاتّهام بعد انتشار كورونا؟

غسان صليبي
هل الزواج في قفص الاتّهام بعد انتشار كورونا؟
هل الزواج في قفص الاتّهام بعد انتشار كورونا؟
A+ A-

العنف المنزلي ضد المرأة ليس وليد كورونا، لكنه تزايد مع انتشار الفيروس في العالم وفي لبنان.

من السابق لأوانه دراسة حجم توسع الظاهرة وأسبابها. أتوخى في هذا النص القصير، مواكبة التحرك الذي نُظِّم البارحة احتجاجا على الظاهرة من خلال الخروج الى الشرفات وإعلان رفض العنف ضد المرأة.

مواكبتي ستتم، ليس فقط من خلال إستنكار ما يحصل، بل عبر طرح ثلاث فرضيات مترابطة، يمكن ان تساعد في رأيي في تفسير تزايد العنف المنزلي مع إنتشار كورونا.

الفرضية الأولى: الحجر المنزلي والخوف من العدوى والأزمة المعيشية، كلها عوامل متفاعلة بعضها مع بعض، وتزيد من الضغط على الجهاز العصبي، الذي يعبر عن نفسه بـ"التعصيب" والغضب عند المرأة والرجل على حد سواء. في إعتقادي ان كل عامل من هذه العوامل كفيل وحده بتوليد الضغط، فكيف إذا تفاعلت بعضها مع بعض.

لكن الرجل ينتقل أسرع من المرأة الى استخدام العنف. لأن الثقافة المحلية والعادات تسمح له بذلك من جهة، على عكس المرأة المطالَبة بالوداعة والإنصياع. ومن جهة ثانية لأنه الأقوى جسديا في ظل غياب القوانين الرادعة.

الفرضية الثانية: الحجر المنزلي يضع الزوجين غير المنسجمَين أصلا واللذين يحافظان على الزواج غصبا عنهما، يضعهما امام اختبار لم يعهداه من قبل.

فقبل الحجر المنزلي كان بالإمكان الإبتعاد عن البيت لساعات طويلة بحجة العمل او غيره من واجبات منزلية، او تمضية بعض الوقت مع أشخاص آخرين من الجنسين، مما يخفف إحتمالات الصدام الزوجي. أما مع الحجز المنزلي فاحتمالات الصدام اكبر بكثير، ومعه العنف ضد المرأة. وخصوصاً أن الحجر المنزلي يكشف للطرفين وبطريقة فجة، كم يفتقدان اهتمامات مشتركة تبرر العيش المشترك الذي يحافظان عليه رغما عنهما.

الفرضية الثالثة: دلت دراسات على إن الخلافات الزوجية تتزايد مع سعي المرأة نحو المساواة ومقاومة الرجل لهذا المسعى. من المتوقع بالتالين في واقع الحجر المنزلي والضغوط التي ترافقه، أن تطالب المرأة بتوزيع أكثر عدالة للأدوار والأعمال داخل المنزل، يقابلها الرجال الرافضون لهذا المسعى بالغضب والعنف.

الخلاف على توزيع الأدوار يترافق مع خلاف على اتخاذ القرارات في فسحة جغرافية ضيقة، يتحرك فيها الطرفان.

هذه فرضيات "ذهنية" في غياب القدرة على الملاحظة الميدانية لما يجري فعلا داخل جدران المنازل.

خطورة هذه الفرضيات ولا سيما الثانية والثالثة، انهما تضعان في قفص الاتهام، الزواج "غير السعيد" او الذي لا تسوده المساواة بين الجنسين، وتبرزانه كعامل موّلد للعنف.

كانت التحليلات قبل كورونا تركز أكثر على النظام البطريركي وتأثير التقاليد والثقافة الذكورية والقوانين، دون الإشارة بوضوح الى مسؤولية الزواج غير الناجح، الذي تتصف به للاسف معظم الزيجات.

كأن كورونا، من خلال الحجر المنزلي، وضع الزواج، او على الأصح العلاقة بين الزوجين، في موقع الإختبار الصارم، من دون السماح للمزيّنات الإجتماعية بالتدخل لتجميله. فإما تبرهن العلاقة عن صدقيتها ومتانتها، وإما تتحول الى عنف او طلاق.

ليست مصادفة ان يترافق تزايد حالات العنف ضد النساء مع الكلام عن تزايد حالات الطلاق او الاستعداد للطلاق في العالم.

لعل الأمر مؤشر قوي أيضا، الى أن الزواج، حتى ولو كان متينا، لا يمكن أن يعيش بين جدران أربعة، بل يحتاج الى فسحات، مع الزوج نفسه، ومع آخرين.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم