الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

في زمن كورونا... من يراقب توزيع المساعدات ويضمن العدالة والشفافية؟

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
في زمن كورونا... من يراقب توزيع المساعدات ويضمن العدالة والشفافية؟
في زمن كورونا... من يراقب توزيع المساعدات ويضمن العدالة والشفافية؟
A+ A-

في الوقت الذي تتسابق فيه الدول لاحتواء تداعيات فيروس كورونا عبر تقديم مساعدات عينية ورواتب لمواطنيها في ظل الحجر المنزلي لمعظم سكان الأرض، تتخبّط الدولة اللبنانية بأزمات اقتصادية وسياسية ومعيشية وخدماتية، واضعةً نفسها أمام امتحان صعب مع نهاية أزمة كورونا التي على ما يبدو ستطول في الفترة الحالية.

رغم أن عدد الإصابات في لبنان ما زال تحت السيطرة نوعاً ما، إلا أن المشكلة الحقيقية بدأت معالمها بالظهور عبر عدم إمكانية رب المنزل من إعالة عائلته وتقديم أبسط مقومات العيش، وما التحركات الشعبية العفوية في بعض المناطق اللبنانية إلا جرس إنذار لما سيكون عليه الوضع العام في الفترة المقبلة إذا لم تجد الدولة حلاًّ سريعاً لأزمة اقتصادية هي أخطر بكثير من الفيروس.

وبعد أكثر من شهر تقريباً على الحجر المنزلي، خرجت الحكومة اللبنانية باقتراح تقديم مساعدات مالية  بـ400 ألف ليرة للعائلات المحتاجة؛ ومع تفلّت الأسعار في الأسواق وارتفاع سعر الدولار ليقارب الـ3000 ليرة لبنانية، يُعتبر المبلغ المقدَّم، في حال تم توزيعه، بمثابة مساعدة لبضعة أيام لا أكثر، وبما أننا اختبرنا النظام اللبناني لعقود، فإن الشعب اللبناني برمته لن يثق بطريقة توزيع تلك المساعدات، خصوصاً أن الـ"6 والـ6 مكرر" هو النظام الحاكم الفعلي للدولة، فكيف إذا كان تقديم المساعدات سيمرّ بالطرق المُعلَن عنها في الدوائر الحكومية!

التحدّي الأكبر اليوم ليس تأمين المساعدات، سواء أكانت مالية أو عينية أو خدمات صحية أو اجتماعية أو غيرها، وإنما تحديد من هم بحاجة إلى المساعدة والدعم من فئات المجتمع بأقل هامش من الخطأ، وفي وضع آلية إجرائية لضمان النزاهة والإنصاف والشمول، وتفادي الهدر في عملية توزيع المساعدات (بحيث لا تستفيد الأسرة ذاتها من أكثر من مساعدة خلال مدة زمنية معينة من أكثر من جهة أو مصدر).

خطط كثيرة وُضعت ودراسات أُنشأت كان آخرها خطة وزارة الشؤون الاجتماعية (الاستجابة السريعة) حيث سيتم توزيع المساعدات والخدمات على الأسر الفقيرة وتلك التي تضررت نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت منذ النصف الثاني من عام 2019 وتداعيات تفشي وباء الكورونا، ويمكن تصنيفها على الوجه التالي:

1- أُسر ليس من الضرورة التحقق من حاجتها للدعم في المرحلة الأولى وهي:

أ‌- الأسر المصنفة من خلال مشروع استهداف الأسر الأكثر فقراً وتحمل بطاقة "حياة"، باستثناء الأسر التي تستفيد من البطاقة الغذائية (الأسر من حملة بطاقة "حياة" يبلغ عددها حالياً 28,000 أسرة يضاف إليها 15,000 أسرة من حملة بطاقة "حياة" والبطاقة الغذائية).

ب‌- أسر الأطفال والمسنين وذوي الحاجات الخاصة وغيرهم ممن يبيتون في مؤسسات الرعاية الاجتماعية، خاصة المتعاقدة منها مع وزارة الشؤون الاجتماعية (يتجاوز عددهم 25,000 طفل ومسنّ وشخص من ذوي الاعاقة/الحاجات الخاصة).

ت‌- أسر الذين يطبّقون إجراءات العزل أو الحجر بناءً على طلب من وزارة الصحة العامة.

ث‌- أسر مصابي الألغام (ما يقارب 4,300 أسرة).

ج‌- أسر سائقي السيارات والباصات العمومية.

ح‌- أسر صيادي الأسماك المسجلين لدى وزارة الزراعة اللبنانية.

خ‌- الأسر التي تقدّمت بطلب لدى مشروع استهداف الأسر الأكثر فقراً للاستفادة من خدمات المشروع والتي أُجريت لها زيارات منزلية وتم تعبئة استمارة تقييم لقياس مستوى فقرها وتبين أنها تقع تحت خط الفقر الأعلى.

2- أُسر يقتضي التحقق من حاجتها للمساعدة وفقاً للآلية المذكورة أدناه:

أ‌- أسر السجينات والسجناء.

ب‌- أسر العاملين/ات الذين تم تسريحهم/ن من عملهم/ن (وفقاً لبيانات وزارة العمل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووزارة الصناعة ووزارة السياحة وغيرها).

ت‌- الأسر التي تقدمت بطلب لدى مشروع استهداف الأسر الأكثر فقراً للاستفادة من المشروع ولم يتم إجراء زيارات منزلية لها حتى هذا التاريخ (لا يتجاوز عددها 10,000 أسرة).

ث‌- كل أسرة تطلب وفقاً للآلية المذكورة أدناه مساعدة أو خدمة، شرط التحقق من أنها من الأسر المحتاجة وفقاً للآلية المذكورة أدناه.

لا بد من الإشارة إلى أن عدد الأسر المذكورة أعلاه باستثناء أسر العمال والأجراء الذين تم تسريحهم يقارب 200,000 أسرة، مع التأكيد على أنه يفضَّل إعطاء الأولوية للأسر التي يكون عدد الأطفال فيها دون سن الثامنة (طفولة مبكرة) طفلين أو أكثر، والأسر التي يزيد عدد أفرادها على خمسة وكبار السن المستقلين بإقامتهم...

وبحسب حديث المدير العام لوزارة الشؤون الاجتماعية القاضي عبدالله أحمد لـ"النهار"، فإن الدراسة المعدة تكفل الحد من انتشار فيروس الكورونا وتخفيض الفاتورة الصحية التي يمكن أن تتحملها الدولة من خلال الاختبارات المخبرية والاستشفاء والعلاج.

- التخفيف من آثار الفقر وسوء التغذية الذي قد يلحق بالأطفال والنساء الحوامل والمسنين خاصة في الأسر المحتاجة.

- توفير قاعدة بيانات وطنية عن الأسر المحتاجة التي قد يتجاوز عددها الأربعمئة ألف أسرة، مع الإشارة الى أن مئتي ألف أسرة على الأقل لا تحتاج في ظل الظروف الطارئة إلى تدقيق بمدى حاجتها، كما تساهم في الحد من المخالفات والانحراف والتفكك والجرائم التي قد تتولد من العوز والفقر في ظل هذا النوع من الأزمات.

وسأل أحمد عن سبب عدم اعتماد تلك الآلية خصوصاً أن لوائح سائقي العمومي والصيادين موجودة لدى الوزارات المعنية، كما المتضررين من الألغام فهم ليسوا بحاجة إلى أوراق أو أي معلومات إضافية، فجميعها موجودة لدى الدولة.

وفي ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، رأى أحمد أنه يمكن للأسرة التي ترى حاجة لمساعدتها، أن ترسل على أرقام الهواتف المحددة لهذه الغاية في كل قضاء وفي كل دائرة انتخابية من دوائر محافظة بيروت، رسالة نصية يحدد مضمونها مسبقاً ويعمم على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات ليصار الى الاتصال بالأسرة مرسِلة الرسالة للتحقق من أنها لا تدخل ضمن فئة الأسر المحددة في النبذة 1 من الفقرة II "الأسر المستهدفة"، ومن ثم تحديد إسم مرسل الرسالة وعنوانه وبعض المعلومات المتعلقة بوضعه الاجتماعي، ويتم إعداد جداول يومية بالأسماء من قبل فرق العمل في الأقضية وإرسالها الى رؤوساء البلديات أو المخاتير في القرى التي لا توجد فيها بلديات.

على رؤوساء البلديات والمخاتير اتخاذ قرار ما إذا كانت الأسر الواردة في اللائحة المبلغة إليهم هي أسر محتاجة أو غير محتاجة (يفضل أن تعرض اللائحة على المجالس البلدية والمجالس الاختيارية أو أن تحمل توقيع رئيس البلدية ونائبه والمختار وأحد الأعضاء الإختياريين).

تعاد اللوائح المذكورة مع بيان الرأي بشأنها إلى القائمقام الذي يُطلع الفريق على مضمونها ويرسلها فوراً عبر المحافظ إلى الهيئة لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.

وللحدّ من تداعيات الأزمة، طالب أحمد بضرورة الإسراع بتقديم المساعدات اليوم قبل الغد، فالوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل في بلد يعاني منذ سنوات من أزمات اقتصادية متعاقبة كانت الكورونا بمثابة الضربة القاضية له.

مصادر مطلعة على الملف، أكدت لـ"النهار" أن أسئلة كثيرة تطرح عن كيفية توزيع المساعدات، ومن هو المسؤول عنها فعلياً، ومن سيراقب توزيع المساعدات خصوصاً إذا كانت مالية، متخوفاً في الوقت نفسه من مماطلة متّبعة للاستدانة من البنك الدولي عبر قروض، فيما الخوف الأكبر من أن تكون تلك القروض على الطريقة اللبنانية (منافع ومحسوبيات، ومساعدات أمام الكاميرات) بينما العائلات المحتاجة فعلاً والتي تزيد يوماً بعد يوم ستُحرم من أي مساعدة ولو عينية.

وإلى حين تقديم تلك المساعدات، أكانت مادية أو غيرها، سيبقى حجم الخطر يتفاقم يومياً والدولة لا يمكن أن تقدّم أكثر من 400 ألف ليرة لعدد محدود من العائلات، بينما آلاف المقتدرين مادياً من سياسيين ومصارف وأصحاب أموال ونفوذ يصمّون آذانهم عن صرخات شعب طالما جمعوا ثرواتهم منه.

مشاكل اقتصادية كثيرة تواجه العائلات في لبنان، بحاجة الى تكافل وتكاتف من باقي فئات المجتمع. فسهى ربة منزل سخِرت من مبلغ الـ400 ألف ليرة في حال تم توزيعه. فمع غلاء الأسعار الاستهلاكية وارتفاع اسعار أدوات التنظيف، لا يمكن أن يكفي المبلغ يومين لعائلة مؤلّفة من 5 أشخاص. واعتبرت أنّ الحل يكمن بتقديم المبلغ المتواضع مع إعفاء من الضرائب وتسهيلات كثيرة يمكن ان تقدم للمواطن اللبناني. فالتحرّكات التي خرجت في طرابلس والضاحية، هي دليل إلى الانفجار الآتي اذا لم تتدارك الدولة الوضع، حيث لا يمكن أن يستمر اقفال المحال التجارية مدة طويلة فيما الدولة تقدم فقط مبلغاً بسيطاً وبعض المساعدات.

اما ماهر، الذي طرد من عمله قبل نحو 4 أشهر ولديه اليوم ابن في ظلّ تردي الاوضاع الاقتصادية، فيسأل: "من هو المسؤول عن وضعي؟ رب العمل اقفل المؤسسة التي أعمل بها بحجة الافلاس، والشكوى أمام وزارة العمل نائمة، بينما طفلي ابن السنة والنصف السنة بحاجة لمصروف كبير، أكان من الحليب او الحفاضات او غيرها من الأمور التي تعتبر أكثر من مهمة بالنسبة له، ومع الحجر المنزلي زاد الطين بلة، واكثر ما يمكن فعله في الوقت الحالي تقديم طلب عمل أونلاين والبحث عن مساعدات يمكن ان تقدّم من البلدية أو الأيادي البيضاء برغم صعوبة مد اليد للمساعدة بخاصة انني كنت المعيل لأهلي وعائلتي".

وضع ماهر ينطوي على فئة كبيرة من المجتمع اللبناني، التي أصبحت تحت خط الفقر، وتنتظر بصمت تلك المساعدات برغم بساطتها، إلا انها تبقى أفضل من العدم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم