الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لبنان يواجه كورونا... وسينتصر

الدكتور مهدي أيوب
لبنان يواجه كورونا... وسينتصر
لبنان يواجه كورونا... وسينتصر
A+ A-

منذ أن حصدت حكومة #حسان_دياب ثقة المجلس النيابي على أنقاض حكومات سابقة حفرت عميقاً في النظام المالي والمصرفي اللبناني وباعته لأصحاب المصارف بثمن بخس، وهي تتخبّط محاولةً الانطلاق إلى الأمام، ولكن العبء بلا شك أكبر من إمكانياتها.

الواضح أنّ دياب الرصين والمتزن والصلب وحكومته بشكلها ومضمونها مختلفان هذه المرة بمقاربة الأمور، وخاصة المالية منها، ويتحركون كفريق عمل متكامل ومتجانس باستثناء بعض الأخطاء التي يمكن تجاوزها. يُسجّل لهذه الحكومة جرأتها بعدم دفع سندات الأورو بوند وإزعاج أصحاب المصارف بعدة أمور، قد يكون أهمها الملف القضائي الذي فتحه المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم الذي، ورغم تجميد العمل به، كان صفعةً قويةً للمصارف ورسالة لهم أن القضاء لو أُعطي الغطاء السياسي يستطيع لجمهم إلى حد كبير وإعادة الانتظام المالي والمصرفي إلى البلاد.

لكنّ الحدث الأكبر الذي تواجهه الحكومة العتيدة، هو بلا شك فيروس #كورونا الذي صنّفته منظمة الصحة العالمية بأنّه وباء عالمي، مع كل ما يحمله هذا المصطلح من خطورة على البشرية جمعاء.

الحكومة اللبنانية شكّلت باكراً خلية أزمة لاحتواء الأمر منذ بدايته، لكن بعض الساسة اللبنانيين قرروا، وللأسف، أن يصنّفوا هذا الوباء طائفياً ومناطقياً، قبل أن يجدوا أنفسهم في قلب الحدث، فالمرض الذي صُنّف بشكل طائفي خلع رداءه وكشف عن أنيابه، وبدأ يحصد ضحاياه من مختلف المناطق، متجاوزاً التركيبة اللبنانية. عندها تراجع الجميع وخرج رجال المواجهة؛ فقراء الوطن، والصليب الأحمر، والدفاع المدني الرسالي وغيرهم من الجمعيات الأهلية الوطنية، ثكناتهم المستشفيات الحكومية، وضباط الصف الأول، وأطباء وتلامذة أطباء من جامعة الوطن، والعسكر الزحّاف، وممرضات وممرضون حرموا من سلسلة الرتب والرواتب. في هذه اللحظات كان أصحاب الأموال والألقاب والرتب، ولأول مرة في المؤخرة، فالفقراء هم خط الدفاع عنهم. هكذا يظنون، لكنهم لا يدرون أن الأمر تجاوز الطبقية ودخل بوّابة الإنسانية، والحرب حرب وجود حقيقية وهؤلاء أسياد النزال.

حتى تاريخ كتابة هذه الكلمات ما زالت الأمور تحت السيطرة، أُعلنت التعبئة العامة بعد القرارات الأولى المبكرة بإغلاق المدارس والجامعات ودور العبادة واعتماد المداورة في الإدارات العامة.

حالة التعبئة هذه تتسابق اليوم مع بدء مرحلة توزيع الحصص التي خصصتها الحكومة مشكورة لمساعدة من خسروا أعمالهم، بهدف إبقائهم في بيوتهم. فهم الركن الأساس في كسر قرار التعبئة، وهم الذين يخرجون طلباً لرغيف الخبز. أما المستهترون، وهم قلّة، فكانوا ولا زالوا، علّة ومرض الأوطان. فهم بقلّة وعيهم يعكّرون صفو كل ما قامت وتقوم به وزارة الصحة العامة لضبط الأمور والسيطرة في مرحلة تفشي الوباء، وهي المرحلة الأخطر.

خلف هذه الإجراءات كان الجميع قد نسي شعار لبنان الذي يقول إن لبنان يحلّق بجناحيه المغترب والمقيم، ذلك المغترب الذي كان حجر الرّحى في الحفاظ على وجود لبنان، لكن رجلاً واحداً أبى أن يتراكم الرماد على عيونه وينسى هؤلاء، فرفع صوته في برية الوطن صارخاً إما أن نعيش معاً أو نرحل، واستطاع أن يفرض قرار العودة، تاركاً للحكومة تحديد شكل وتوقيت هذه العودة المنظّمة، فرجل العبور من الأوطان إلى الوطن ورئيس برلمان كل لبنان نبيه بري اعتدنا عليه في الشدائد مقداماً، وفي الأزمات جامعاً ومبادراً.

هكذا نحن الآن في خضم صراع وجودي أخرَجَنا من كل الحسابات الضيقة، وحرّك فينا إنسانيتنا، ودفعنا للدفاع عن الوجود البشري. وهذه أسمى صفات الإنسان. عليه، ولأن المنتصر هو من يبتسم أخيراً، ستبقى الأيدي متشابكة والقلوب متقاربة حتى نخرج من عنق هذه الزجاجة منتصرين.

عشتم، عاش لبنان...

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم