الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هل الطقس الحار يحدّ من انتشار فيروس كورونا؟

المصدر: "النهار"
جورج كرم
هل الطقس الحار يحدّ من انتشار فيروس كورونا؟
هل الطقس الحار يحدّ من انتشار فيروس كورونا؟
A+ A-

اليوم تستقطب دراسة العلاقة بين الطقس والمناخ من جهة، وفيروس كورونا من جهة أخرى، أعداداً كبيرة من الباحثين وذوي الاختصاصات المختلفة، محاولين التوصل إلى نتائج مقنعة سواء أكانت سلبية أو إيجابية من ناحية تأثير حرارة الجو بصورة ما في حجم انتشار هذا الفيروس.

أولى الدراسات بدأت في الصين، البؤرة الأساسية التي انتشر فيها فيروس كورونا، إذ نقلت صحيفة "تشاينا توداي" عن الباحثة في الجمعية الطبية الصينية، "تانغ تشين"، قولها إن فيروس كورونا يفقد نشاطه بشكل أكبر مع ارتفاع درجات الحرارة، و تمثّل درجة حرارة 56 درجة مئوية أفضل الدرجات التي يتراجع فيها بسرعة نشاط هذا الفيروس. في الإطار نفسه، لاحظت "جامعة تسينغهوا" في بكين أن انتشار فيروس كورونا يكون أكثر في المناطق الأقل دفئاً ورطوبة، وهذا ما يتوافق مع رؤية "جامعة كوانزو" الصينية، حيث توصل عدد من الباحثين فيها الى أنّ الفيروس ينتقل بشكل أفضل حين تكون الحرارة حول 8,7 درجات مئوية.

أيضاً سجلّت القارة الأوروبية، التي أصبحت بؤرة جديدة للوباء، عدداً من التجارب والأبحاث، جاءت نتيجتها مشابهة للدراسات الصينية. فقام فريق من "جامعة رور" في مدينة بوخوم الألمانية، بتحليل وقت بقاء فيروس كورونا على الأسطح، فوجدوا أن الفيروس يختفي في وقت قصير عندما تصل الحرارة إلى ما بين 30 إلى 40 درجة مئوية، في حين يمكنه البقاء لمدة 28 يوماً في درجة حرارة تقترب من 4 درجات مئوية. رأي مماثل "للبروفسور بول هانتر" من "جامعة إيست أنجليا" في بريطانيا الذي يعتقد أن فيروس كورونا لا يبقى لفترة طويلة في ظروف أكثر دفئاً.

بدورها نشرت الصحيفة الأميركية "نيويورك تايمز" دراسة تحليلية لفريق من العلماء في "معهد ماسا تشوستس للتكنولوجيا". فبحسب الدراسة، إن المجتمعات التي تعيش في أماكن أكثر دفئاً تتمتع بميزة نسبية في إبطاء انتقال عدوى فيروس كورونا مقارنة بالبيئات الأقلّ حرارة. وجاءت الدراسة متطابقة مع رأي كلّ من الأستاذة في جامعة ويسكونسن "أماندا سيمانيك" التي قالت: "يتجه فيروس كورونا إلى طقس بارد وجاف لكي يبقى حيّا" والعالمة البيولوجية في "جامعة جورج ماسون" التي أوضحت "أن نهاية سريعة لفيروس كورونا ممكنة اذا سيطر طقس مشمس ودافئ تماماً لمدة أسبوعين".

إذاً، من الناحية الطبية، يتبيّن لنا، ومن خلال هذا العرض الموجز السريع لأبرز الدراسات والأبحاث المتداولة حول نظرية "العلاقة بين الطقس الحار وانتشار فيروس كورونا"، أن الحرارة المرتفعة تحدّ من انتشار الفيروس وتبطئه. أما من الناحية الجغرافية والمناخية، فانتشار الفيروس في دول تتميز بمناخات حارة وموزعة على قارات مختلفة (أفريقيا، آسيا، أميركا الجنوبية وأوقيانيا) قد حسم الجدل القائم حول إمكانية تلاشي الفيروس وموته تحت تأثير ارتفاع درجات الحرارة.

وبمجرد النظر الى خريطة تَوزّع الإصابات بفيروس كورونا حول العالم، تتبيّن لنا صحة الدراسات الطبية التي انطلقنا منها، فنلاحظ بوضوح أن الدول التي تقع ضمن نطاق المنطقة الحارة (أي الدول الموجودة بين مداري السرطان والجدي وصولاً الى دائرة عرض 30 درجة تقريباً شمالا وجنوباً، والتي يبلغ فيها متوسط الحرارة السنوي ما بين 25 و 27 درجة مئوية في الإقليمين الاستوائي والمداري وصولاً الى أكثر من 30 درجة مئوية في الإقليم الصحراويّ)، هي الأقل تأثّراً حتى الآن بفيروس كورونا. و بعملية حسابية سريعة لأعداد المصابين في هذه الدول حتى تاريخ 27 آذار 2020 (مستعينين بالرابط التالي : worldometers.info) يتبيّن لنا أن نسبتهم تشكل 3 % فقط من مجمل الحالات حول العالم، كما نلاحظ أن 66,8 % من هذه الدول لا يتجاوز عدد الإصابات فيها 50 إصابة، مقارنة بآلاف الإصابات التي سجّلت في الدول الواقعة في نطاق المنطقة المعتدلة الشمالية بين دائرتي عرض تقريباً 30 و 50 درجة شمال دائرة الاستواء. هذا النطاق الذي تتوزع دوله بين الأقاليم: المتوسطي، المحيطي والقاري والذي كان تحت تأثير فصل الشتاء حتى 20 آذار، يضمّ اليوم أكبر المناطق الموبوءة حول العالم، من الصين شرقاً مروراً بإيران وقارة أوروبا حتى الولايات المتحدة غرباً، التي أصبحت تتصدّر حتى تاريخ إعداد هذا التقرير قائمة الدول المصابة بفيروس كورونا.

وإذا سلّمنا جدلاً بأن مناعة الدول الموجودة في نطاق المنطقة الحارة والتي تؤكّدها محدوديّة الإصابات المسجلة حتى الساعة (وبخاصة الدول الأفريقية منها التي تشكل إصاباتها فقط 5 % من مجمل إصابات المنطقة الحارة)، يوفّرها المناخ الحارّ وليس قلّة الدقّة في فحوصات الكشف عن كورونا (وبخاصة أن أغلبيّة هذه الدول تتميز بهشاشة أنظمتها الصحيّة)، نستطيع القول إن الارتفاع التدريجيّ في درجات الحرارة مع حلول فصل الربيع في النصف الشمالي الموبوء من الكرة الأرضيّة، سيساهم تدريجيّاً في الحدّ من انتشار فيروس كورونا لتتراجع خطورته بحلول فصل الصيف القادم.

دكتور جورج كرم – دكتور مختص في علم المناخ

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم