الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

شكرًا كورونا

المصدر: النهار
سيلينا بريدي
شكرًا كورونا
شكرًا كورونا
A+ A-

أصبح الجميع يتحدّث اليوم عن انخفاض في نسبة التلوّث في كلّ أنحاء العالم بالإضافة إلى بعض النظريّات المتفائلة التي تعتبر أنّه وفي ظلّ انتشار الكورونا بين شعوب العالم بأسره الكرة الأرضية في استراحة والإنسان يجب عليه التأمّل خلال هذه الفترة وإعادة النظر بأموره الحياتيّة. هذه الأمور التي عرضناها كفيلة لتقديم الشكر للكورونا من قِبَل سكّان الكرة الأرضيّة، ولكن على اللبنانيّين تقديم الشكر لها بشكل خاصّ وأكبر، لأنّ الكورونا "أسحرت" عقول السّياسيّين اللبنانيين وبالأخص الوزراء مع بدئهم بغضون أسبوعين فقط تحقيق ما كان يجب على الحكومة اللبنانيّة إنجازه منذ سنيبن والاهتمام بالمواضيع التي كان الشعب لفترة طويلة يصرخ للاهتمام بها.

يستفيق اللبنانيّون كلّ صباح على خبرٍ لم يعتادوا أن يسمعوه. فوسائل الإعلام تزفّ لللبنانيّين أخباراً متعلّقة بقررات اتُّخذت من قِبَل بعض المسؤولين في مختلف القطاعات العامّة، قرارات انتظر الشّعب مدّة طويلة لاتّخاذها. فالسّؤال الذي يطرح نفسه: هل فعلًا حكومة حسان دياب تخطّى عمرها الشّهر ونصف الشّهر نظرأً للأمور التي حققتها خلال فترة زمنية قصيرة بحسب ما اعتبر رئيسها بعد جلسة مجلس الوزراء نهار الخميس 26 آذار؟ من جهة، وقّع وزيرا المال غازي وزني والداخلية محمد فهمي على قرار مشترك يتعلّق بتوزيع مستحقات البلديات واتحاداتها من عائدات الرسوم على الهاتف الخليوي للفترة الممتدة من 1/1/ 2017 ولغاية 31/12/2017، كما أنّ وزير المال وقّع على مستحقات المستشفيات الحكوميّة والخاصّة بقيمة 20 مليار ليرة لبنانيّة ولو كانت المستحقات المقدّمة ناقصة. أضف إلى ذلك وخلال اليوم نفسه، قدّم المجلس مبلغ بقيمة 75 مليار ليرة لبنانيّة للهيئة العليا للإغاثة وتشكيل لجنة لمتابعة ومساعدة العائلات الأكثر فقراً وتضرّرًا بسبب أزمة الكورونا، وتوزيع وجبات غذائيّة لها. من جهةٍ أخرى، اتّفق مجلس الوزراء على وضع آلية طارئة قبل 30 آذار لتسهيل التّحويلات المصرفيّة للطلاب اللبنانيين الموجودين في الخارج. لماذا لم تلتفت الدّولة اللبنانيّة إلى الطلاب في الخارج، مع العلم أنّ مشكلة تحويل الأموال إلى الخارج بدأت قبل ظهور الكورونا، والعائلات الأكثر فقرًا داخل أراضيها من قبل؟

أمّا في ما خصّ الشركات والمؤسّسات التجارية التي كانت تعاني بالأصل بسبب الأزمة الاقتصاديّة والماليّة المسيطرة على لبنان، فلم تتلقّ الاهتمام من دولتها إلّا بعد ظهور أزمة الكورونا. فحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أصدر قرارًا يقضي بالسّماح للمؤسّسات والشركات تأجيل دفع مستحقّاتها وديونها المتوجّبة عليها لأشهر آذار ونيسان وأيّار. فماذا كان يمنع الدّولة من مساعدة الشركات اللبنانية النتضررّة من بدء تراجع الأوضاع الاقتصاديّة في البلاد؟

وبعيداً عن السياسة والاقتصاد، يستطيع المواطن اللبناني تقديم الشكر لفيروس كورونا لأنّه قدّم للأدمغة والمواهب اللبنانية المقيمة على أراضي لبنان فرصةً لتبيان مواهبه المخبّئة خوفًا من عدم تقديرها من قبَل السياسيين. اختراعان في يوم واحد من قِبَل مجموعات من الأطبّاء والمهندسين اللبنانيّين لخدمة مرضى الكورونا: الأوّل جهاز تنفّس صُنع في لبنان وبإمكان تصنيع العديد منه والثاني قناع يساهم في عمليّة التنفّس.

لا يمكن أن ننسى أيضًأ أن الكورونا أعاد دور تلفزيون لبنان الفعّال ولخدمة تلاميذ الشهادتين المتوسطة والثانويّة الرّسميّتين من خلال حلقات تدريسيّة مسجّلة. وفي السياق نفسه، أطلقت وزارة التّربية والتعليم العالي خطّة عمل لإبقاء التلاميذ والطلّاب اللبنانييّن في أجواء الدرس ولإنقاذ العام الدراسي وشملت الخطّة المدارس الرسميّة بالإضافة إلى الجامعة اللبنانية. تشمل الخطّة الموضوعة التّدريس على الإنترنت بواسطة برامج مجانيّة. أزمة الكورونا قدّمت للقطاع التعليميّ في لبنان فرصة لتطوير نفسه ووضع خطط إذا ما طرأ أي جديد بعد سنين واضطُّرّ التلاميذ والطلاب البقاء في المنازل. أمّا النوّاب فمن الممكن أيضًا عقد جلسات لجان بواسطة الانترنت والأدوات التكنولوجيّة في ظلّ هذا الوضع الاستثنائي ولعلّ هذا الأمر سيهيّئ لتفعيل الحكومة الإلكترونيّة E-governement .

أخيراً، نستطيع القول "شكراً كورونا" لأنّك بنظر العديد من اللبنانيّين تلك المعجزة المنتظرة طويلًا لجعل السياسيين اللبنانيين يشعرون بالمسؤوليّة تجاه الوطن وشعبه.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم