شخصي جداً - كيف يمكنكِ التعايش مع شريك غيور؟

"صديقي غيور وذلك محزن ومحبط رغم أنني أحبه كثيراً وأشعر بإرتباط وثيق به من نواح متعددة. إتفقنا على الزواج وبدأنا التخطيط لمستقبلنا؛ لكن علاقتنا مهدّدة بغيرته. فهو ينتقد الإنتفاح بطبيعتي، وديّتي في التعاطي مع الآخرين وطريقتي في الملبس. يعتقد دائماً أنّي أهتم برجال آخرين. أغارُ عليه أيضاً ولكن ليس الى هذا الحدّ الذي بدأ يدمّر لحظاتٍ جميلة تجمعنا".

يشعر بعض الرجال بالغيرة الى حدّ أنهم لا يسمحون لصديقاتهم بالخروج مع أصدقائهنّ لأنهم يخشون من أن يتم إغوائهنّ من رجال آخرين. هكذا ترى الرجل يفرض على الحبيبة طريقة معيّنة في الملبس، تسريحة الشعر وحتى إختيار الإصدقاء، محاولاً التحكم بحياتها.
بدايةً، تؤكد الاختصاصية في علم النفس السريري والأستاذة في الجامعة اللبنانية وجامعة البلمند، الدكتورة تيريز ورد، أن ما من فارق في مفهوم الغيرة، أسبابها والتصرفات الناتجة منها بين الذكور والإناث، فالغيرة هي نفسها لدى الجانبين. وتوضح أن للغيرة أشكالاً عدة والتعاطي معها هو تحدّ كبير بالنسبة الى الشخص نفسه إذا أراد التحكم بها، وبالنسبة الى الشريك على حد سواء.

لماذا يشعر بالغيرة؟
تشرح الدكتورة ورد أن غيرة الرجال تتعلّق بسببين:
أولاً، في حال كان الرجل يحبّ فعلاً المرأة التي يرتبط بها، فهو يريد أن تكون هذه العلاقة مثالية، ما يعني أنه يتوقّع منها أن تكون مثالية – بمعنى أنه يريدها كما يحبها هو – بطريقة تصرفاتها، في طريقة عيشها، كل ذلك وفقاً لمعاييره ومفهومه للمثالية.
السبب الثاني في بروز الغيرة لدى الرجل هو خوفه من خسارة الفتاة التي يحبها؛ فهو يشعر أنها ستفلت من بين يديه أو سيخطفها رجل آخر في حال توقّف عن مراقبتها. وبالتالي، يحاول الرجل إبقاء شريكته بعيدة عن أي "تهديد" لخسارتها. في بادئ الأمر، تعتقد الفتاة أن هذا الإهتمام ناجم عن تعلّقه بها، لكنها سرعان ما تكتشف أن الأمر ليس إهتماماً إنما هو شعور لدى الرجل بإنعدام الثقة بنفسه وبشريكته.
وترتبط الغيرة بشكلٍ أو بآخر بالنرجسية لدى الفرد، والتي تعتبر مشكلة في علاقة الشخص مع نفسه ومع الآخرين. فهي ترتبط بالعلاقة بين الأم والطفل في مرحلة الطفولة المبكرة. عندما تبدي الأم، في مرحلة الطفولة، إعجاباً بما يقوم به طفلها، فهي تساعده في بناء ذاته ونضجه النفسي. الأم هي المسؤولة عن إعطاء طفلها هذا الإرتياح أو حرمانه منه. وعندما يكبر الطفل، ينعكس ذلك الحرمان على علاقته بالشريك.

كيف يتحكّم بها؟
على الصعيد النفسي، تشرح الدكتورة ورد أنه من الصعب جداً التحكم بالغيرة إذ أنها شعور باللاوعي، شعور داخلي لا يمكن السيطرة عليه بسهولة، وخصوصاً إذا كان الشريك يستمر في تغذية الغيرة هذه. لهذا السبب، يبرز هنا دور الطرف الآخر الذي يجب أن يتمتع بحدّ من الذكاء، للسيطرة على الغيرة بعقلانية مع مرور الوقت، وخصوصاً أن الغيرة قد تشكِّل قوة دافعة وراء الإعتداء النفسي، اللفظي وحتى الجسدي.

... وكيف تتعاطين معه؟

1- عدم تقديم الأعذار له.
لا تعتقدي أنك حين تعتذرين عن مسألة أثارتْ غيرته، تحلّين المشكلة. إعلمي أن هذه التصرفات ليست إهتماماً من قبله، فذلك غير صحيح. الغيرة تأتي من إنعدام الثقة التي يحاول إخفاءها من خلال الغيرة.

2- وضع الإصبع على مخاوف الشريك.
محاولة معرفة أسباب مخاوفه، هل كانت له تجربة فاشلة مع صديقته السابقة؟ هل كان ضحية لخيانتها له؟ هل يخاف من أن يخطفك رجل آخر منه؟ ناقشي الأمر معه وحاولي تهدئته. أخبريه أنك لست صديقته السابقة وأنك مختلفة عنها، وأنك لن تخونيه لأنك تهتمين لأمره وتحبينه وتريدين لهذه العلاقة أن تنجح. مناقشة هذه المسائل ترفع مستوى الوعي الذاتي لديه.

3- محاولة النقاش معه.
من المهم التصرف بعقلانية حول هذا الموضوع إذ ان الغيرة تبعد الشخص عن العقلانية. أخبريه أنك سترسلين له رسالة قصيرة كل ساعتين لتطمئنيه عليك. هذا الاسلوب في التعاطي لا يعني أنك تتخلين عن إستقلاليتك بتعلّقك بهاتفك إنما يعطيه الطمأنينة أنك تفكرين به.

4- قول الحقيقة.
أخبريه الوقائع كما هي: في حال إستمر بتصرفاته، لا تكملي العلاقة. أرفضي الإستماع مجددا الى سلبياته لأنه يفقدك من ثقتك بنفسك وذلك أمر غير صحي. كذلك، أخبريه انك على استعداد تام لمساعدته في تخطي هذه المشكلة طالما هو مستعد لذلك.

5- التصرّف بإيجابية.
يمكن التغلّب على الغيرة من خلال إعتماد الدعم الكافي والعقلانية. عند إقتناع الطرفين بتخطي مشكلة الغيرة، فما من سبب يعوّق هذه النصائح من إعطاء النتيجة المرجوّة. التفاهم عنصر مهم في هذه المسألة.

6- الإنفتاح والشفافية.
إخفاء الوقائع والحقائق يتسبّب في ولادة التوتر بين الشريكين. من المفضّل دائماً التمتّع بالصدق والإنفتاح لمنع أي مفاجآت وحجج في المستقبل.
في الختام، توضح ورد أن الحدّ المقبول من الغيرة لدى الشريك شعور جيّد. فمعها، تصبح العلاقة بينهما كلعبة تدور حول الرغبة والإنجذاب.