الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عندما نغرق في التفاصيل اليومية

المصدر: النهار
ليال كيوان بو عجرم
A+ A-

يُقال إن التغيرات الكبيرة في حياتنا تبدأ بالتحولات الصغيرة في أذهاننا، وكثيراً ما نتساءل عن أهمية التفاصيل التي نعيشها في حياتنا اليومية، والتي غالباً ما نعتبرها غير جديرة بالاهتمام ولا تعدو كونها مجرد سلوكيات وأمور عابرة لا قيمة لها وخالية من المضمون والخلفية، لكن يغيب عن بالنا أن تلك التفاصيل قد يقود إهمالها الى تأثيرات سلبية جمة، وقد تؤدي المبالغة باتباعها الى هوس وإدمان، في حين أن متابعتها باعتدال قد تحقق راحة نفسية وسعادة داخلية.
إن تناول الفطور صباحاً، تنظيف الأسنان، الاستحمام اليومي، الذهاب الى العمل، ممارسة الأعمال والنشاطات المعتادة، ثم العودة الى المنزل للجلوس مع أفراد العائلة او مقابلة الأصدقاء أو ممارسة عادات مختلفة، كلها تتحول مع الوقت طقوساً لها أبعادها وخلفياتها ونتائجها كذلك. فهل تخيّلت يوماً أن تلك العادات الروتينية بتفاصيلها المملة أحياناً، قد تحقق السعادة وتضمن لك لحظات ممتعة؟
"الشيطان يكمن في التفاصيل"، أليست هي المقولة السائدة التي نرددها دائماً؟ تلك التفاصيل التي لا غنى عنها في حياتنا اليومية. وتقول المعالجة النفسية الدكتورة رندة شليطا "في العادة يعتبر الناس أن المرء في المنزل يُرخي نفسه وهنا يكمن خطأ مطبعي بين معنى أن يرخي نفسه وأن يعيش مع الآخرين، أن نعيش بمفردنا يمكننا أن نرخي أنفسنا لأبعد حد، لكن بمجرد أن نكون مع آخرين سواء في المنزل او خارجه، هناك تفاصيل لا بد من الانتباه الى عدم تحولها عادة سيئة تزعج الغير وتؤذيه. وعلى صعيد التواصل، ثمة تفاصيل في حياتنا اليومية تجعل من التواصل العلائقي يدخل دائرة خطر الانقراض، وفي رأيي أن غرفة الجلوس بدأت تختفي شيئاً فشيئاً من المنزل، أي أن الاجتماع بين أفراد العائلة الواحدة بدأ يزول بسبب رغبة كل شخص بعيش حياته بتفاصيلها منفرداً كما يحلو له، وهذه الحضارة إذا صح وصفها بذلك، من شأنها تجنيبنا التصرفات المزعجة مع المحافطة على الخصوصية، لكن يجب الانتباه الى عدم كسر التواصل الممتع والمشاركة التي توطّد العلاقات، من دون الوصول الى تحديد مواعيد للقاء الأهل ببعضهم. ومن التفاصيل التي تقرّب المسافات المشاركة في التدخين وتناول القهوة".
وعن أهمية التفاصيل في علاقة الرجل بالمرأة، تقول شلّيطا: "من الضروري الاهتمام بالنظافة والاعتناء بالمظهر الخارجي كي يبقى مرتباً والتفاصيل التي تؤمن ذلك هي من الضروريات والأساسيات التي تؤثر إيجاباً في الشخص نفسه وفي علاقاته بالمحيطين، لاسيما في حياة الثنائي. فصورة الآخر اليوم باتت نموذجاً جاهزاً مقدّماً من خلال الإعلام ووسائل أخرى ولا يقبل المرء بأن تكون صورة شريكه دون ذلك النموذج. وهذا ينسحب على الأولاد الذين يريدون أهلهم على صورة معينة، فترك النفس على سجيتها من دون اهتمام يولد النفور والمشكلات. من هنا الاهتمام بتفاصيل صغيرة قد يهملها البعض، فترتيب الشكل الخارجي صباحاً من الطقوس الضرورية التي يجب عدم إهمالها وغض النظر عنه.
أما عن العلاقات الإجتماعية والتفاصيل التي تتخللها، تعود شلّيطا لتركز على عدم ترك النفس على سجيتها وضرورة اتباع الإتيكيت، "لاسيما مع المقربين ومع من يجمعنا بهم تواصل دائم، وعلى عكس ما يعتقد البعض أن الإتيكيت وقواعد اللياقة يجب اعتمادها مع الغرباء فقط، لكن يجب التشديد على اتباعها مع المقربين منا كي تستمر العلاقة جيدة وسليمة، من هنا ضرورة الاهتمام بمتابعتهم وعدم رمي همومنا ومشكلاتنا عليهم واحترام خصوصياتهم".
[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم