الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أطفال دون أوطان

المصدر: النهار
بتول اردات
أطفال دون أوطان
أطفال دون أوطان
A+ A-

فتحتُ دفتري وحملتُ في يَميني قلمي لأكتبَ عن أطفالٍ وأيتامٍ ينامونَ في المداخل، وعن إناسٍ دون هويةٍ، فاختنف كل ما في داخلي من كلامٍ أو مشاعر، فصَمتُّ وفي عقلي أفكارٍ تحومُ وكأنها قذائف ورشاشات وقنابل تُفتتُ أفكاري وتحرِمُني من أيّ شُعور داخلي؛ والآن، وللمرة الأولى، تبدلت روحي بروحهم، فإني أشعرُ بأني طفلةٌ منهم، فهم لم يحصلوا على الهوية، فكان ملجأهُم المداخل. هم رفعوا أصواتهُم فلم يسمعهُم ويؤويهُم أحد سِوى السجُون والمحاكم،

فتبدلت أرواحنا

واختلطت حياتي بحياتهم

أنا الآن طفلٌ...

طفلٌ، وُجد في أحد الشوارع

أمام بابٍ من أبواب الجوامع

وُجد بلا هويةٍ

بلا شهادة ولادة

بلا شيء،

وُلد في هذه الأرض ليكون لا شيء

ما ذنبي برأيكم؟؟

أحروب بلادي هي من قررت مصيري

أم عائلتي؟

أمي،أبي

الذي لا أعلم شيئاً عنهم...

أكان لي أخوة؟

ما شكل بيتنا؟

من أشبهُ من عائلتي؟

يا ليتني أستطيع أن أسمع حكايات جدي

وقصص جدتي،

يا ليتني أستطيع أن أغفو في حضن أمي

وأماني أبي.

فأنا الآن أتساءل...

لا أعلم ما هو ذنبي

طفولتي انسرقت مني

عشت بلا هوية

بلا مأوى

بلا أُخوة

بلا عائلة.

عشتُ أدورُ في الطُرقات

أبحثُ عن شيء يسعد روحي

عن مأوى يؤويني

ولم أجد نفسي

إلا مرفوضاً، مردوداً من الجميع،

لا أحد يُريدني،

وجدت نفسي أكبر وأنا لا أعرف تاريخ ميلادي

فمن أنا، هل أنا حقاً إنسان؟

هل حقاً أنا طفل؟

أين طفولتي؟

أطفولتي تعني نومي بجانب سلة قمامة

أتنفسِ من دخان السيارات.

هل أنا حقاً طفل ؟

أتعجب من هذا الأمر

أطفولتي هي أن أعيش مرفوضاً مضروباً مسلوباً محروماً؟

أهذه هي الطفولة برأيكم؟

أن أنام وأصحا على شيء يؤلمني

وبواقعي التعيس يذكّرني،

فأنا يا أحبائي

كل يوم أواسي نفسي بنفسي

أمسح دمعي

ألملم بقايا ألمي وحلمي

لكي لا تتلاشى كلها

لعل شيئاً منها يتحقق.

فإني أحلم

ببيت يؤويني

بطعام يُشبعني

وبلعبة تُسعدني

بأُمٍّ تحضنني

وأب بالأمان يشعرني

وثياب جميلة تكسيني

تمنع قرص الشتاء عني...

فأرجوكم اسمعوني

ومن ثم انصفوني،

فأنا لا ذنب لي

سوى أن والديّ تخليا عني

وإني خلقت في بلادٍ ساكتة عن الظُلم

وغير مبالية لطفولتي وحقوقي وحلمي...


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم