الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

عن الحب في زمن "كورونا"

المصدر: "النهار"
شربل أبي منصور
عن الحب في زمن "كورونا"
عن الحب في زمن "كورونا"
A+ A-

يُقال "المصيبة تجمع".

هذا ما نشهده اليوم في أقطار العالم كافّة، إذ تتوحّد الشعوب لمواجهة كائن مِجهريّ عرّى الإنسان من غروره واستكباره، وأحاله كائناً هشّاً، عاجزاً، وحيداً، خائفاً، ونفاه بعيداً من قطيعه كالذئب الجريح.

فرغم هول المصاب، كان لا بدّ من حدثٍ جَللٍ يُعيد الإنسان إلى رشده وصوابه، يُعيده إلى إنسانيته، إلى الطبيعة الأم، إلى غاية وجوده.

أعاد "كورونا" تذكير الإنسان بنِعم الله الكثيرة عليه، وقد غشي بصره عنها؛

نعمة الخروج والمشي بحرّية وتنشّق الأوكسيجين بلا خوف أو علّة، والشعور بالهواء يدغدغ الوجه، والدم يسري في العروق.

نعمة الطبيعة من بحر وجبال وزهور وشمس وغابات وطَير ومطر وقوس وقزح.

نعمة العائلة من أم وأب وأخ وأخت وابن وزوجة وحبيبة وأقارب وجيران؛ حنوة أب، غمرة أم، عناق زوجة، قبلة حبيبة، ضحكة طفل، ابتسامة أخ، مساندة أقارب، ومساعدة جيران.

نعمة التسامح والتواضع والتضحية والعطاء والمحبّة.

لكن...

أكُنّا بحاجة إلى "كورونا" لنقف على شرفاتنا ونغنّي معاً الحبّ والأمل؟

أكُنّا بحاجة إلى "كورونا" ليُعانق أبٌ ابنه المريض غير آبهٍ بما سيحلُّ به؟

أكُنّا بحاجة إلى "كورونا" ليرسم لنا العجوز الصيني التسعيني المُمدّد على سريره في المستشفى كيف يكون الحبّ، نتيجة قلقه على زوجته لكونها وحدها في البيت؟

أكُنّا بحاجة إلى "كورونا" لنعرف نعمة شروق الشمس كلّ صباح، بعدما رأينا صورة الطبيب الذي اصطحب مريضه إلى الخارج ليرى شروق الشمس الذي قد يكون الأخير له؟

أكُنّا بحاجة إلى "كورونا" لنُدرك أن وقتنا ليس أثمن من أن نمضيه مع العائلة والأصدقاء والأحباء، وليس أثمن من قراءة كتابٍ أجّلناه مراراً، أو من التنزه في حديقة أو على شاطئ، أو من سماع زقزقة عصفور، أو الوقوف دقائق لتأمّل سماء ولوحة ووجه حسناء.

أكُنّا بحاجة إلى "كورونا" لتصفو نفوسنا من تلوّثها وتستعيد نقاوتها كحال السماء.

أكُنّا بحاجة إلى "كورونا"، شعوباً ودولاً وأعراقاً، لنتّحد معاً من أجل السلام وننبذ الحرب.

أكُنّا (أكُنتُ) بحاجة إلى "كورونا"، لنبوح (لأبوح) لمن نحبّ (أحب) بكلمة: "أحبّك".

لخلاصِكَ، أيّها العالم، ترياقٌ واحدٌ ووحيد: الحبّ.

[email protected]

Twitter: @abimansourc

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم