الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أمهات يروين لـ"النهار" تجربتهن في مكافحة الفيروس... "ماما أقوى من كورونا"

المصدر: "النهار"
ريجينا الأحمدية
أمهات يروين لـ"النهار" تجربتهن في مكافحة الفيروس... "ماما أقوى من كورونا"
أمهات يروين لـ"النهار" تجربتهن في مكافحة الفيروس... "ماما أقوى من كورونا"
A+ A-

عندما يصل الأمر إلى صحة وسلامة عائلتها، تصبح الدكتورة والمحللة النفسية والحكومة معاً التي تنشر حالة الطوارئ والتعبئة وكل ما يلزم. إنها الأم. شغلها الشاغل حماية أولادها من كل خطر، حتى ولو كان ضمن مسافة الأمان. فيروس #كورونا اليوم عدوّها الأخطر الذي تتصدى له بمعرفتها ووقايتها وحمايتها عائلتها. وسلاحها هو الكثير من الاهتمام والانتباه ونمط الحياة الصحي، المحصّنة بالحب والحنان والخوف.

وها هو فيروس كورونا يأتي في شهر عيدها، العيد الذي كانت العادات فيه تقضي بتقديم الهدايا لها. اليوم تحكم الظروف بعدم إمكانية الخروج لشراء الهدية، علماً أنّ أجمل هدية بالنسبة للأم هي رؤية أولادها بخير وصحة جيدّة. لكن هذا العام كانت هدية بعضهن عبارة عن قضاء وقت أطول مع أبنائهن. ونموذج عن ذلك، ليال التي كانت ترى ابنها يومين في الأسبوع فقط، بسبب انفصالها عن والده الذي فضل أن يتولى حضانة ابنه بدلاً من أمه. لكن كورونا أنصفت ليال "بالحجر الصحي لابنها في منزلها الخاص".

وتقول ليال لـ"النهار": "عند بداية انتشار الفيروس أصابتني حالة من القلق الهستيري، فكنت أتواصل مع ابني بشكل مكثف كي أطمئن على أنّه بخير ولا يحتك بالآخرين، وأنّه ملتزم بالإرشادات التي أمليتها عليه فور سماعي بالفيروس". أمّا الحجر الذي يخضع له ابن الإثني عشر عاماً فهو عبارة عن "تعقيم وغسل اليدين، عدم الخروج والاختلاط مع الناس، وساعدني على ذلك الطقس البارد والممطر".

ورغم عدم تعرضهما لأي عوامل خارجية، إلا أنّها تحرص على "تعقيم المنزل والملابس بشكل يومي ومتكرر". ووفقاً لها "هذه المرحلة لا تقدّر بثمن، وبحد ذاتها هدية لأنّها المرة الأولى منذ ثماني سنوات التي أمضي فيها أسبوعين وربما أكثر مع ابني بشكل متواصل، وهو أيضاً سعيد للسبب نفسه"، مضيفة "لا أريد هدايا، أريد فقط سلامته وشكراً كورونا الذي أتاح لي فرصة رؤية ابني أكثر وبنفس الوقت، الله يبعد الفيروس عن الجميع". يشارك ابنها في الحديث ويقول "ماما أقوى من كورونا".

وفي بيروت تقطن سهام حلاوي سيموعة الأرملة منذ ما يقارب العشرين عاماً. وهي أم لثلاثة أولاد؛ إثنان منهم في المهجر والثالثة تقضي فترة الحجر اللازم معها "أفضل أنّ تبقى أمام نظري بدلاً من المدرسة المخصصة لذوي الحاجات الخاصة"، قالت. تتطلب هبة (39 عاماً) عناية خاصة، لكن قلب الأم وظّف دقاته لرعاية ابنتها خوفاً من تعرضها للعدوى "أطهو لها الطعام الصحي المؤلف من الخضار والفواكه المعقّمة، وأُدخل الدجاج كوجبة واحدة مرة في الأسبوع، أعقّم الحمام قبل دخولها وفور خروجها، كما أننا منعنا أنفسنا من الخروج. وهبة معتادة الحفاظ بشدة على نظافتها الشخصية، وبدوري أحاول تسليتها بممارسة الرياضة والاستماع إلى الموسيقى ومتابعة البرامج التلفزيونية".

وتشكّل سهام مثالاً عن الوالدة التي تحدّت أوجاعها لتلهي نفسها عن التفكير بالتنظيف والدعاء "الله يحمي ولادي كلّن خاصة اللي مش حدّي". والهدية التي تتمناها في عيد الأم هي أنّ "يأخذ الله من عمرها ويعطي أولادها". يتخلل المكالمة الهاتفية صوت هبة الذي يصعب فهمه فوراً "بحبا كتير لماما"، فتضحك سهام برضى.

ومن بحمدون تردّدت ريتا سماحة المير بالردّ على اتصال "النهار"، إلى أنّ علمت بأنه سيتم إجراء المقابلة على الهاتف من دون زيارتها في منزلها. ومن حقها أنّ تخاف، فسلامة عائلتها "مسؤوليتي وأبدى من كل شي". أمّا تلبية الاحتياجات المنزلية فتؤمنها بنفسها خوفاً من تعرض ابنها وزوجها للعدوى. ورغم اشتياقها لابنتيها، إلا أنّها تفضل عدم زيارتهما "قالوا ما بيسوا التواجد بأماكن العجقة فما عم شوفهن". تشهق من البكاء ومن شدة الاشتياق "ابنتي البكر تقطن في المتن الشمالي، لم أرها هي وشقيقتها منذ أكثر من شهر، اشتقت إليهما لكنني خائفة على صحتهما وصحة أولادهما". تطلب منهما إرسال صورهما وأطفالهما كي تمتّع نظرها ولو بالصور "سأحضر قالب حلوى يوم عيد الأم لعلّهما تستطيعان المجيء" أو ربما تنتظر أعجوبة تقضي على فيروس كورونا بليلة وضحاها فتعود لرؤية ابنتيها باستمرار ويبرد شوق قلبها.

أمّا هيام الحلبي جابر التي منعت أولادها من زيارتها فتقول: "أنذرت أولادي الثلاثة بعدم الخروج وعدم السماح لأطفالهم بالخروج إلى أنّ تمر هذه المحنة". وعند توجّه زوجها إلى السوبرماركت "أنتظره أمام الباب كي أحرص على تعقيم حذائه وثيابه بالكلور والمواد المعقمة الأخرى. ورغم عدم زيارتي لأحد أو زيارة أحد لنا إلا أنني أعقم المنزل باستمرار".

من الطبيعي أنّ تكون الأم بالفطرة شخصية حمائية وقلقة. ويكمن الفرق بين الأم القلقة والتي تخاف على أولادها من الأمراض، وتلك التي تعاني الوسواس القهري الذي يمكن نقله إلى الأبناء. وتوضح المحللة النفسية في علم النفس العيادي ريما بجاني لـ"النهار": أنّه "بسبب كثرة الآراء والتحليلات والنصائح المتعلقة بفيروس كورونا تتعرض أي ربة منزل إلى حالة من الضياع والقلق حول إمكانية وسبل حماية ووقاية عائلتها".

وتنصح بجاني "بلجوء الأم إلى مصدر معلومات واحد تثق به ويمكن أنّ يكون هذا المصدر طبيب العائلة فقط وأنّ تتجاهل كل المصادر الثانية، هذا سيساعدها في التخفيف من قلقها". أمّا للحالات التي تعاني من الوسواس القهري والتي لا تستطيع التقيد بمصدر معلومات واحد "يخلق وسواسها تكهنات خاصة حول مصدر دخول الفيروس إلى المنزل حتى في ظل عدم خروجها أو خروج عائلتها، لذلك يجب تشجيعها على السيطرة على أفكارها إلى جانب عدم معارضة عائلتها لها الذي لم تدخل بعد في نطاق وسواس والدتهم". ودورهم يكون بتذكيرها "بأن المنطقة التي تعيد تنظيفها لم تتعرض لشيء يمكن أنّ يوسخها لذلك لا ضرورة لهذه الإعادة"، مشددة على "عدم التوصل إلى مشكل في هذا الخصوص ما يمكن أن يزيد من حالة سرسبتها المرتبطة بماضٍ ربما قديم جداً".

وحكم فيروس كورونا بعدم اختلاط الناس مع بعضها البعض، ما يمكن أنّ يحرم الأبناء من معايدة أمهاتهم في عيدهنّ. وفي هذا السياق تفضل المرشدة الاجتماعية مروة مسعود "عدم حرمان الأم من عيدها بل يمكن التوجه لمعايدتها بحال عدم سكن أولادها معها دون تشكيل اكتظاظ في المنزل". كما تعتبر هذه المرحلة "مستنزفة لطاقة الأم وحتى الأبناء بسبب الخوف على صحتهم وزيادة أعمال التنظيف، لذلك تقاسم المسؤوليات ضروري للتخفيف عنها".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم