خاص "النهار"- تحذير من استخدام الأدوية المضادة للالتهاب لمعالجة كورونا... ماذا يقول الطب؟

أطلق وزير الصحة الفرنسي السبت الماضي تحذيراً للمواطنين من استخدام الأدوية المضادة للالتهاب إذا ظهرت عليهم أعراض تشبه الإصابة بفيروس كورونا، لأن هذه الأدوية قد تزيد حالتهم سوءاً.

انتشر هذا التحذير بشكل واسع، وبرغم من أن هذه الحقائق العلمية ما زالت تفتقر إلى دراسات وإثباتات طبية، إلا أنها طرحت الكثير من التساؤلات حول مخاطر استخدام هذه الأدوية في معالجة الكورونا، وأدّت إلى انتقادات من قبل الخبراء حول هذا التحذير، في ظل غياب أي دراسة مثبتة تؤكد هذه الفرضية.  

"نحن في حرب صحية" ضد فيروس كورونا. هذا ما ردده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مراراً خلال خطابه المتلفز  مساء الاثنين، داعياً الفرنسيين إلى "الحفاظ على الهدوء والالتزام بالإجراءات، ومشدداً على "معاقبة" أي انتهاك". وبين التحذير والعقاب، يبدو واضحاً أن الجهود المبذولة في المختبرات والأبحاث التي يُجريها الخبراء تُمثل خشبة الخلاص الوحيدة بالنسبة للناس، وإلى حين إعلان إيجاد لقاح فعال بعد تجارب سريرية ستستغرق عاماً، يبقى الأهم كيفية التعاطي مع هذا الفيروس طبياً؟ وما هي الأدوية التي قد تُسبب مضاعفات صحية للمريض؟

في العودة إلى وزير الصحة الفرنسي، كتب أوليفييه فيران على تويتر "تناول الأدوية المضادة للالتهاب (إيبوبروفين وكورتيزون...) قد يكون ضمن عوامل تفاقم العدوى. إذا كنت مصاباً بارتفاع في درجة الحرارة فعليك أن تأخذ باراسيتامول".

يشرح الاختصاصي في الأمراض المعدية والجرثومية الدكتور جاك مخباط لـ"النهار" عن مخاطر استخدام الأدوية قائلاً: "إجمالاً في العدوى الفيروسية يُعتبر استخدام الكورتيزون غير مستحبّ، وقد تبّين أن استخدام المضادات الحيوية للالتهاب في الكورونا تؤدي إلى ضرر زائد في الرئة، لذلك جاء التحذير الفرنسي لتوخّي الحذر في هذه المسألة تحديداً. لكن علينا أن نعرف أنه في حال أصبح لدينا إصابة حادة في الرئة والتي تستوجب وضع جهاز التنفس الاصطناعي للمريض، عندها تتطلّب بعض الحالات الحصول على الكورتيزون".

أما عن دواء إيبوبروفين (ibuprofène) الذي هو كناية عن advil، يشير مخباط إلى أن هناك شريحة كبيرة تلجأ إليه لتخفيض الحرارة، إلا أنه في الحقيقة يُشكّل خطراً من هذه الناحية، لأنه يتسبب بمضاعفات في حركة الدفاع في الرئة. لذلك استخدام الباراسيتامول أو البانادول يكون كافياً لتخفيض الحرارة، وفي حال تفاقمت الأعراض يتوجب على المريض الاتصال بطبيبه أو التوجه إلى المستشفى". 

تغريدة الوزير الفرنسي كانت كفيلة بإثارة موجة انتقادات من قبل بعض الخبراء الذين اعتبروا، وفق ما ذكر موقع سي أن أن، أنه "لا يوجد أي أدلّة متوفّرة للجمهور تُثبت أو تشير إلى وجود صلة بين دواء إيبوبروفين والآثار السلبية للفيروس التاجي. لغاية الساعة لا يوجد أي دليل أو إثبات علمي منشور يكشف أن الفيروس يزيد سوءاً وقد يتفاقم بسبب الإيبوبروفين". 

وجاءت توصيات الوزير الفرنسي في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه الحكومة الفرنسية تحديد الآثار السلبية والضارّة المرتبطة باستخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، وهي من عائلة الأدوية التي تحتوي على الإيبوبروفين، من قبل المرضى المصابين أو المشتبه بإصابتهم بفيروس Covid-19.

ونتيجة ذلك، تكرر السلطات الفرنسية توجيهاتها "أن علاج الحرارة أو أي آلام ناتجة عن عدوى فيروسية تنفّسية يكون من خلال باراسيتامول أو ما يعرف باسم acetaminophen في الولايات المتحدة الأميركية. 

وبعد هذه التغريدة الفرنسية التي انتشرت على نطاق واسع في فرنسا وغيرها من الدول، يُعلق الدكتور موغي سيڤيك، وهو طبيب في علم الفيروسات والأبحاث في جامعة سانت أندروز، في تغريدة له "أنا قلق من هذا البيان الجريء. ليس هناك أي أدلة علمية تشير إلى أن الإيبوبروفين يزيد من سوء الحالة في فيروس كورونا". 

ما يُشير إليه سيڤيك لا يختلف عن رأي الأستاذة في طب الأطفال وعلم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا إيفون مالدونادو. فبرأيها "لا نملك أي دليل حسّي يشير إلى أن الإيبوبروفين يؤدي إلى تفاقم الفيروس والذي يعتبر مصدر قلق في هذه المرحلة".

في المقابل، رأى بعض الخبراء أن نصيحة الوزير الفرنسي تتماشى مع بعض التوجيهات العامة لبعض الدول حول مسكّنات الألم المضادة للالتهابات مثل الإيبوبروفين، حتى لو لم يكن واضحاً اتصالها بفيروس كورونا. 

ولأن الفيروس المستجد شكّل حالة استنفار طبية في كافة أنحاء العالم، من الطبيعي أن نشهد على فرضيات كثيرة، بعضها صحيح وبعضها ما زال قيد الأبحاث والتحقيق. لذلك عند الشعور بأي أعراض يبقى الأفضل استشارة طبيبك وعدم تناول أي أدوية دون وصفة طبية.