الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"هل ننجو من كورونا؟"... حذر في طرابلس والفقر أضعفَ مناعتها

المصدر: "النهار"
طرابلس- رولا حميد
"هل ننجو من كورونا؟"... حذر في طرابلس والفقر أضعفَ مناعتها
"هل ننجو من كورونا؟"... حذر في طرابلس والفقر أضعفَ مناعتها
A+ A-

طرابلس في زمن #كورونا تختلف قليلاً عنها في بقية الأوقات. هي بالتأكيد ليست كما في الأيام العادية. شيء من القلق يساور الجميع. الكل ينتظر متسائلاً: هل ننجو من "كورونا"؟ لكن الهلع بعيد، وكل يتخذ إجراءاته، في ظل الحذر الضروري.

لا يمكن القول إن طرابلس أقامت حجراً على ذاتها، فالحركة فيها عادية كما في بقية الأيام، مع شيء من البطء بسبب إقفال المدارس، وتحفظ المواطنين فيها، ومن خارجها، على التفاعل مع الآخرين كبقية الأيام.

كثيرون من المواطنين يتخذون إجراءات وقائية ذاتية، فنصري عياد اعتكف في منزله كي لا يخالط الناس، وكذلك المدرّسة وفاء م. التي دعت إلى "الحذر الشديد دون الوقوع في الهلع". كما بدأ المواطنون إجراءات تلقائية بعدم المصافحة باليد، والتقبيل عند استقبال عزيز، ويكتفي كثيرون بوضع اليد على الصدر. يقول مازن عمران "لست مرتعباً لكن الحذر ضروري وأفضل عدم المصافحة باليد، إلا إذا حشرني صديق مصافحاً". حتى الساعة، لا تحتاج أجواء المدينة لأكثر من ذلك، فلم يسجل فيها، وفي محيطها، أية علائم على صلة بالمرض مع أن الدكتور المتخصص في الطب التنفسي بشارة عيد يعتقد أنه "من الصعب أن تنجو المدينة من وصول الكورونا وانتشاره".

في المكاتب، اعتمد العاملون فيها على تزويد أنفسهم برشاشات المعقمات الكحولية الطبيعية، يرشون على أيديهم بعضاً من الرذاذ عقب المصافحة، ويقدّمون المعقم للضيف ليرش أيضاً على يده. سلوك بدأ يتحول عادة، دون خجل. هذا ما اعتمده المحامي طنوس قائلاً إن "المعقم الذي لديه هو الذي يضعه الأطباء قبل بدء العملية الجراحية"، مضيفاً: "من الأفضل التحوط، لكن الهلع غير مرغوب".

أما الأسواق والمطاعم فبقي حدود تأثير القلق فيها بسيطاً، فهي تعيش أزمتها منذ ما قبل الكورونا، حيث تراجعت إمكانية الحصول على المال من المصارف، وحتى الرواتب تُدفع بالتقسيط كما بات معروفاً.

والباعة المتجولون لم يتأثروا كثيراً خصوصاً منهم من يبيع مواد ساخنة كالقهوة والشاي والبليلة والسحلب.. هي عناصر طبيعتها تكافح المرض الذي لا يتحمّل سخونتها.

وأرخت تحولات المناخ الموسمية بعضاً من الارتياح على المواطنين، حيث شهدت الأسابيع القليلة الماضية فترات مديدة من الصحو، وارتفاع الحرارة، بلغت حداً منافساً لقدرة الفيروس على الحياة، حيث ضرب الميزان فوق الـ٢٦ درجة، ويرتقب أن تصل الحرارة اليوم الخميس إلى ٢٨ درجة وفق نشرة مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، أضيف إلى ارتفاع الحرارة اليوم انتشار موجات غبار كثيفة حجبت أشعة الشمس، وهذا يُعتبر بحد ذاته عاملاً من عوامل مكافحة الفيروس الطبيعية، إذ أفادت بعض نشرات التوعية الصحية أن الغبار يقتل الفيروس خصوصاً مع حرارة تزيد على الـ٢٦ درجة.

مواطنون كثيرون لازموا منازلهم، خصوصاً معلمي المدارس المتوقفة عن العمل، وآخرون يتحفظون على الاحتكاك المعتاد، فاتخذوا من سياراتهم موئلاً لهم، ركنوها على مقربة من الشاطئ المنفتح على الشمس، تكافح حرارتها وأشعتها إمكانية وجود فيروس أو مرض.

ورغم كل ذلك، يساور شيء من القلق الجميع، متخوفين من وصول المرض إليهم في ظل إدارة متهالكة، وسلطة طالما اتهموها في تحركاتهم الاحتجاجية بالفساد، وهم لا يثقون بفعالية دورها.

يفيد الدكتور عيد أن الاحتياط الشديد ضرورة ماسة، فنحن في بلد تغيب فيه الاجراءات الرسمية، والبلد مفتوح، ورغم مناشداتنا بوقف الطيران من البلدان التي تحتوي الكورونا، إلا أن أحداً في السلطة لم يستجب، وفضاؤنا مفتوح، وكل الاحتمالات واردة".

 السلطات المحلية اتخذت بعض الإجراءات الوقائية، فعمدت إلى رش المبيدات والمعقمات في الشوارع العامة، والساحات، والدوائر الرسمية، عملاً بقرار الحكومة المركزي. فشهدت سرايا طرابلس عملية رش واسعة للمعقمات، وقامت بلدية طرابلس، واتحاد بلديات الفيحاء بتنظيم فرق رش للمعقمات في الأماكن العامة، وشهدت بلدية طرابلس ورشة توعوية أقيمت في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي (قصر نوفل) لمواجهة خطر وصول المرض إلى المدينة.

وكان لساحة النور حصة في عملية التعقيم، فقام فريق من اتحاد بلديات الفيحاء برش الساحة بالمعقمات، حيث لا تزال الساحة موئلاً لكثيرين يرتادونها بعد أن أصبح الإقبال إليها تقليداً يومياً.

يعتقد عيد أن "هذه الإجراءات ضرورية ومفيدة، ويفترض الاستمرار بها لتطال كل الأحياء في المدينة خصوصاً الأحياء الفقيرة التي تعاني من الضعف الصحي وبالتالي نقص المناعة، ما يعرضها للمرض والأذية  أكثر من سواها".

وبدأت دعوات تصدر للتخفيف من الأنشطة العامة التي يحتشد فيها المواطنون، فدعت لجنة الشباب والرياضة في بلدية طرابلس إلى تعليق كافة الأنشطة كإجراء احترازي، وقال رئيس اللجنة أحمد حمزة الباشا، عضو المجلس البلدي، إن الإجراء اتخذ استجابة لتعميم وزارة الشباب والرياضة وبالتنسيق مع وزارة الصحة، بتعليق الأنشطة المختلفة حتى نهاية آذار الجاري، كما تمت التوصية بإقفال الملاعب خصوصاً ملعب الشهيد رشيد كرامي البلدي، وكافة الملاعب البلدية والشعبية في المدينة، وتماشياً مع هذا القرار، دعا المجلس الثقافي للبنان الشمالي المواطنين لتأجيل الأنشطة الثقافية والفنية تحوطاً من انتشار الكورونا، داعياً إلى التزام إرشادات الجهات الرسمية المختصة.

كما عقد مجلس نقابة المحامين اجتماعاً طارئاً برئاسة النقيب محمد مراد، اتخذ فيه خطوات الوقاية، وقرر تعليق كافة الأنشطة النقابية التي تستدعي التجمعات من مؤتمرات وندوات، على أن تبقى أبواب النقابة مفتوحة للمراجعات والاستشارات عبر الهاتف، وللمعاملات اليومية الضرورية.

وتمنى على المحامين عدم التوجه إلى قصر العدل إلا عند الضرورة القصوى، حفاظاً على السلامة العامة.

ولوحظ نفاد المعقمات في المراكز التجارية نتيجة إقبال المواطنين الكثيف عليها، ويرى عيد في "وعي الناس ظاهرة جيدة بغياب الإجراءات الرسمية، ويُفترض، برأيه، أن يتابع المواطن إرشادات الصحة المعروفة، فيمتنع عن لمس أعضاء الوجه إلا بعد تنظيف الأيدي جيداً، والابتعاد عن المرضى مهما كان نوع مرضهم خصوصاً المصابين بأمراض الجهاز التنفسي، وتجنب المخالطة قدر الإمكان".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم