كورونا والطقس السيّئ... دعوات لإقامة الصلوات في المنازل بمصر

وعلى الرغم من أن التجمعات لا تقتصر على دور العبادة فحسب، وتمتد إلى المواصلات العامة، والمدارس، والمصالح الحكومية وغيرها، إلا أن الممارسات التي تشهدها الطقوس الدينية، تتطلّب مزيداً من الحذر في أوقات انتشار الأمراض والأوبئة.

فعلى سبيل المثال، يقف المسلمون متقاربين للغاية -كتفاً بكتف خلال الصلاة- ويسجدون على سجادة واحدة، ويتصافح أغلبهم بأيدي مبتلة قبل وفي أعقاب الصلوات. فيما يتم التناول داخل الكنائس القبطية بملعقة وأدوات موحدة، ويتجمع المصلون في قاعات قد لا يوجد فيها تهوئة جيدة.

انتشار الجراثيم

وقال عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة  الدكتور مجدي بدران لـ"النهار": "يمكن الجراثيم البقاء حية لمدة تصل إلى ثلاث ساعات، والأيدي المبللة تنشر جراثيم أكثر بألف مرة من الأيدي الجافة. هناك ما بين 2 و 10 مليون من الميكروبات بين أطراف الأصابع وعلى راحة اليد".

وأشار إلى "أن المناطق التي قد تساهم في نقل الأمراض، في الدول الموبوءة، هي التجمعات والازدحام، كالمطارات، ومحطات النقل، والمواصلات، والمطاعم، والمدارس، والجامعات، وكذلك دور العبادة".

لذلك "تم تعليق تأشيرات العمرة، وتعطيل المدارس في الصين، وأغلب دول الخليج العربي، بعد تحول إيران والصين لبؤرة تنشران الفيروس إلى الخارج بمعدلات مرتفعة".

وناشد عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة المواطنين بالحد من ظاهرة المصافحة والتقبيل والقبلات في المناسبات الاجتماعية.

وأضاف بدران: "فم الإنسان يحتوي على 190 نوعاً مختلفاً من الميكروبات. كل ملم من تجويف فم الإنسان يحتوي على 100 مليون ميكروب من الميكروبات تتعايش داخل الفم بين الأسنان وجيوب اللثة.

"قد تنقل القبلات بعض البكتيريا والفيروسات المسببة للأمراض. ويمكن أن تنتشر البكتيريا والفيروسات من لعاب أو دم شخص إلى آخر عن طريق القبلات، ومن ذلك فيروسات البرد، أغلب الفيروسات التنفسية بما فيها فيروس كورونا الجديد".

جواز الصلاة بالمنزل

بدأت وزارة الصحة المصرية والجهات الرسمية اتخاذ إجراءات وقائية للحد من انتشار الفيروس، وفي غضون ذلك أعلنت دار الإفتاء، اليوم الخميس، أنه يجوز للمسلمين الصلاة بمنازلهم في أوقات الكوارث الطبيعية والأوبئة.

وقالت في بيان: "إن الشرع أجاز الصلاة في البيوت في حالة الكوارث الطبيعية كالسيول والعواصف، وكذلك في حالة انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، بل قد يكون واجبًا إذا قررت الجهات المختصة ذلك".

وقبل أيام، رفضت وزارة الأوقاف المصرية، دعوات لتيارات سلفية لإقامة صلوات بالمساجد لرفع البلاء والتخلص من كورونا.

وفيما استبق السلفيون فتاوى المؤسسة الدينية الرسمية، برفضهم إلغاء صلاة الجمعة، طالبوا بإلغاء الموالد الصوفية، باعتبارها قد تساهم في انتشار الأمراض.

وقال الداعية السلفي سامح عبد الحميد حمودة: "هناك ضرورة لإلغاء موالد الصوفية، خاصة بعد تسجيل حالات في مصر مصابة بكورونا، وهذه الموالد فيها تكدس الناس في تجمعات كبيرة، وهذا خطر عليهم وعلى غيرهم، ويُسارع في انتشار ونقل المرض بصورة وبائية".

وطالب "وزارة الأوقاف سدّ هذا الباب، بإلغاء كافة الموالد الصوفية، وعدم السماح بإقامة شوادر في الطرقات، لا سيما أن هناك جماهير صوفية كبيرة تنام في الخيام، وهذا يُمثل خرقًا للإجراءات الأمنية، وهذه الموالد مبتدعة، وفيها محرمات شرعية، وتنتشر فيها السرقات والتحرش والشيشة".

جدل حول التناول

لكن الكنيسة القبطية لم تعلن حتى كتابة هذه السطور عن أي تغيير في صلوات الأحد. وقام البابا تواضروس بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بقيادة اجتماع أمس الأربعاء، وكان تحت عنوان "من يصعد إلى جبل الرب".

لكن الأوساط القبطية تشهد سجالات واسعة حول تناول القربان المقدس، وفيما بدأت بعض الكنائس القبطية في أوروبا بإعلان تعليمات صارمة بخصوص إحضار المصلين لأدواتهم الخاصة بالتناول، لم يظهر أي إعلان من الكنيسة الأمّ في مصر.

ونشر بعض المؤيدين للتناول تدوينات ومقاطع فيديو تعتبر التشكك فيه، واعتباره مسبباً لنقل الأمراض، خطيئة.

ومن أبرز المقاطع المتداولة في هذا الشأن، تسجيل صوتي لبابا السابق، الأنبا شنودة الثالث، يجيب فيها على سؤال حول استخدام الملعقة البلاستيكية في المناولة، ويقول: "إن هذا يعد تشكيكاً في أن المناول تنقل الأمراض، وهذه خطية كبيرة، المناولة تشفي الأمراض ولا تنقلها".

وقال جرجس محبوب، أحد مشاركي هذا المقطع: "اسمعوا يا أحباء بصوت ذهبي الفم، هل يجوز استخدام الملعقة البلاستيك للمناولة؟ المناولة تشفي من الأمراض مش تجيب أمراض... تشكّون في المناولة هذه خطية كبيرة".