الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ما الذي يجعل كوريا الشماليّة أكثر ضعفاً في مواجهة فيروس كورونا؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
ما الذي يجعل كوريا الشماليّة أكثر ضعفاً في مواجهة فيروس كورونا؟
ما الذي يجعل كوريا الشماليّة أكثر ضعفاً في مواجهة فيروس كورونا؟
A+ A-

"متأكد 100%"

"يستحيل ألا تكون كوريا الشماليّة غير متأثّرة بفيروس كورونا – إنّهم يكذبون بوضوح بما أنّهم لا يريدون إظهار أيّ ضعف أو أنّه لا يوجد أيّ تهديد للنظام. بالنظر إلى وجود العديد من المناطق التي يسهل اختراقها على الحدود الكوريّة الشماليّة-الصينيّة – وكيفية اعتماد نظام كيم على التجارة غير الشرعيّة – من الواضح أنّ الفيروس وصل إلى كوريا الشماليّة." هذا ما قاله مدير الدراسات الكوريّة في "مركز المصلحة القوميّة" هاري كازيانيس لشبكة "فوكس نيوز" الشهر الماضي.

من جهتها، نقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن رئيس "المعهد الوطنيّ للأمن الاستراتيجيّ" في كوريا الجنوبيّة نام سونغ-ووك قوله: "أنا متأكد 100% من أنّ لدى كوريا الشماليّة مرضى مصابون (بفيروس كورونا)."

وفقاً لشبكة "دايلي أن كاي" الكوريّة الجنوبيّة قتل "كورونا" 180 جنديّاً كوريّاً شماليّاً في كانون الثاني وشباط بينما وُضع 3700 عنصر في الحجر الصحّيّ. وبحسب وكالة "يونهاب" الإخباريّة في سيول، فرضت كوريا الشماليّة حظراً على 10 آلاف شخص وأفرجت عن 4000 لأنّهم لم يظهروا أعراض الوباء.

أسباب التخوّف

ما يعزّز فرضيّة انتشار الفيروس في كوريا الشماليّة هو أنّ لدى الأخيرة مواطنين كثراً يعملون في الصين. من أصل 100 ألف كوريّ شماليّ يعملون في الخارج، ويحوّلون ما يقارب نصف مليار دولار سنويّاً إلى الخارج، هنالك نصف هذا العدد في الصين وحدها.

وفي 23 كانون الثاني الماضي، أعلن مسؤول أميركيّ أنّ الصين فشلت في ترحيل العمّال الكوريّين الشماليّين بحسب ما كان يُفترض أن تفعله في كانون الأوّل 2019 وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدوليّ الصادر سنة 2017 والذي وافقت عليه الصين حينها. ونصّ القرار على ترحيل جميع الدول العمّال الكوريّين الشماليّين لديها بحلول 22 كانون الأوّل. وحتى لو رحّلت الصين جزءاً من العاملين، فسترتفع احتمالات انتشار الفيروس في كوريا الشماليّة.

إلى جانب العمّال، برزت مسألة المنشقّين الهاربين من كوريا الشماليّة والتي ضاعفت المخاوف من انتشار الفيروس. يقول القس كيم سونغ-أون الذي يقود "مهمّة كنيسة كالب" في سيول إنّ 40 كوريّاً شماليّاً منشقّاً عالقون في مناطق مختلفة داخل الصين. ويشير القس الذي يساعد المنشقّين على الهرب، في حديث إلى "إذاعة صوت أميركا"، إنّ الصين لا تقبل باللجوء الكوريّ الشماليّ على أراضيها وتعيد جميع المنشقّين إلى بلدهم الأم. لكنّه سمع أنّ بيونغ يانغ علّقت الطلب من الصين إعادتهم خوفاً من نقلهم الفيروس إلى البلاد.

من ناحية ثالثة، هنالك العديد من السيّاح الصينيّين الذين ينعشون الاقتصاد الكوريّ الشماليّ بحيث بلغ عدد هؤلاء حوالي 350 ألف شخص سنة 2019. تؤكّد هذه التداخلات سبب القلق الحقيقيّ من تفشّي الوباء، على الرغم من أنّ كوريا الشماليّة غير متشابكة اقتصاديّاً مع العالم، وهو عنصر إيجابيّ من هذه الناحية.


بنية تحتيّة صحّيّة مزرية

البنية التحتيّة الصحّيّة في كوريا الشماليّة شبه معدومة. ذكر تقرير بثّته قناة "ناشونال جيوغرافيك" منذ سنوات أنّ المستشفيات تشهد نقصاً حتى في الصابون. الوضع اليوم ليس أفضل بكثير. قال عامل سابق في مجال الصحّة داخل كوريا الشماليّة إنّ "المستشفيات الكوريّة الشماليّة ليست أمكنة جيّدة للذهاب إليها إذا أصبت بالمرض." وفي حديث إلى موقع "آسيا تايمس" أضاف أنّ هنالك مستشفيات لا تملك حتى زجاجاً في نوافذها، إضافة إلى نقص في الأمصال، ومجدّداً في الصابون والمعقّمات.

يفسّر هذا المؤشّر وحده لماذا حلّت كوريا الشماليّة في المرتبة 193 من أصل 195 على لائحة مؤشّر الأمن الصحّيّ العالميّ الذي أصدرته جامعة جون هوبكينز الأميركيّة لسنة 2019.

لهذا السبب، الحكومة "مذعورة"

قدّمت كوريا الجنوبيّة وإيطاليا وإيران أمثلة واضحة عن قدرات تحوّل الفيروس إلى وباء محلّيّ يصعب احتواؤه مع انخفاض الإجراءات الاحترازيّة، أكان الأمر ناتجاً عن استخفاف بالمرض أو غياب القدرات الماديّة لمواجهته. لهذا السبب، من غير المستبعد أن تتحوّل كوريا الشماليّة إلى بؤرة دوليّة رابعة لتفشيّ الفيروس. يفرض هذا الواقع ضغطاً إضافيّاً خصوصاً على كوريا الجنوبيّة وتحديداً الصين لتجنّب أيّ نافذة تمكّن "كورونا" من تجديد نشاطه بعد بروز إشارات إيجابيّة في الصين.

ما يضاعف خطر تفشي الوباء في كوريا الشماليّة معاناة مواطنيها من سوء كبير في التغذية حتى أنّ شبكة "دايلي أن كاي" تحدّثت عن توجيه أوامر بتشديد الحرص على تأمين 800 غرام من الطعام للجنود يوميّاً.

سوء التغذية يعني حكماً مناعة أضعف. هذا ما أكّده تيم بيترز أحد أعضاء البعثة الأميركيّة مقيمة في سيول ل "آسيا تايمس": ستكون أجهزتهم المناعيّة أضعف، ولهذا السبب، الحكومة مذعورة من الفيروس."

هل يستطيع تفشّ محتمل لهذا الوباء أن يزعزع استقرار الدولة الكوريّة الشماليّة؟ وأيّ موقف قد تتّخذه الصين في وضع كهذا؟ هذه الأسئلة وغيرها تسلّط "النهار" الضوء عليها غداً مع الخبير البارز في الشؤون الصحّيّة والكوريّة الشماليّة في "معهد المشروع الأميركيّ" الدكتور نيكولاس إبرستادت.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم