الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بايدن ضدّ ساندرز... الحزب الديموقراطيّ نحو "الحرب الأهليّة"؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
بايدن ضدّ ساندرز... الحزب الديموقراطيّ نحو "الحرب الأهليّة"؟
بايدن ضدّ ساندرز... الحزب الديموقراطيّ نحو "الحرب الأهليّة"؟
A+ A-

الأجواء التنافسيّة المبنيّة على هذه التعهّدات ستناسب نظريّاً أيّ اختلاف مبنيّ على مناقشة الأفكار السياسيّة بدلاً من التهجّم الشخصيّ. لكنّ مراقبين يشيرون إلى أنّه تحت سطح الاختلاف الديموقراطيّ هذا، ثمّة الكثير من التصدّعات الكبيرة داخل الحزب والتي بات يمثّلها بايدن "الوسطيّ" في مقابل ساندرز "التقدّميّ اليساريّ".

أين أوباما؟

ارتاحت مؤسّسة الحزب الديموقراطيّ بعدما حقّق بايدن عودة بارزة خلال انتخابات الثلاثاء الكبير والتي أتاحت لنائب أوباما السابق بكسب العدد الأكبر من المندوبين (664) بالمقارنة مع ساندرز (573). تريد "المؤسّسة" الحفاظ على الوجه الوسطيّ للحزب فيما يميل ساندرز لجرّه نحو أقصى اليسار. وما يضاعف هذه المخاوف حصوله على دعم "الفرقة" المؤلّفة من التقدّميات ألكساندريا أوكازيو-كورتيز وإلهان عمر وآيانا بريسلي ورشيدة طليب.

علاوة على ذلك، إنّ ما يؤكّد الواقع الشعبيّ الهشّ للحزب الديموقراطيّ عدم خروج الرئيس السابق باراك أوباما لدعم نائبه. فلو دعم أوباما بايدن اليوم، يمكن أن يؤسّس ذلك لشرخ كبير لا يخرج منه الحزب معافى في الانتخابات الرئاسيّة. بناء على ذلك، من المرجّح ألّا ينخرط أوباما علناً من المعركة قبل توضّح صورة المرشّح النهائيّ للحزب.


هل من يقلب الطاولة؟

لخّص ناشر موقع "فوكس" إيرزا كلاين وضع ساندرز بعبارات واضحة. خاض ساندرز حملته بناء على كونه "متمرّداً" و "ثوريّاً" على الحزب الديموقراطيّ. لو استطاع الحصول على ما يكفي من الأصوات، لكان تخلّص من المؤسّسة الديموقراطيّة وبنى حزبه الخاص مكانها. وأضاف: "بالعودة إلى أيوا، فشلت هذه الاستراتيجيّة. نجح ساندرز كديموقراطيّ، لا كثوريّ، وهو يحتاج للتحوّل إلى استراتيجيّة توحّد الحزب الديموقراطيّ الموجود، حوله."

تتخوّف المؤسّسة الديموقراطيّة من "ثوريّة" ساندرز غير المنتمي إلى الحزب الديموقراطيّ أصلاً والذي استطاع جذب قاعدة شعبيّة واسعة من الشباب "اليساريّ" إليه. بذلك، يتّسع الشرخ الديموقراطيّ يوميّاً الأمر الذي قد يؤثّر على حظوظ الحزب الرئاسيّة، إن لم يؤثّر على تماسكه بدءاً من 2021.

حين كانت الغالبيّة الساحقة من وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي ترجّح فوز هيلاري كلينتون سنة 2016، بدأ المراقبون يتحدّثون عن اضمحلال الحزب الجمهوريّ، قبل أن يقلب ترامب الطاولة على هذه التوقّعات. في 2020، يُطرح هذا التحدّي على المرشّح الديموقراطيّ المقبل لاستنهاض الحزب من كبوته. لكنّ العقبات التي ستعترض بايدن وساندرز، والأوّل أكثر من الثاني المهتمّ بتشكيل حيثيّته السياسيّة الخاصّة، ستكون كأداء.


"انقلاب"

بعد انتخابات الثلاثاء الكبير، انتقد مؤيّدون بارزون لساندرز طريقة تحرّك المؤسّسة لدعم بايدن، كتجيير المرشّحين السابقين بيتي بوتيجيج وآيمي كلوبوشار أصوات مؤيّديهما له. ماريان ويليامسون وصفت الثلاثاء الكبير ب "الانقلاب" الذي شنّته المؤسّسة. في هذا الاتّهام، مع الأخذ بالاعتبار إمكانيّة تمثيله رأي شريحة "يساريّة" واسعة، الكثير من المخاطر بالنسبة إلى المرحلة المقبلة.

لو فاز بايدن بالانتخابات التمهيديّة وخسر تلك النهائيّة، فسيتّهم مؤيّدو ساندرز "المؤسّسة" الديموقراطيّة باستبعاد مرشّحهم لصالح رجل فشل في إزاحة ترامب. في هذه الحال، ووفقاً لتعبير كريستشان ويتون من "مركز ناشونال إنترست"، من الأفضل ل "المؤسّسة" أن تترك ساندرز يفوز على بايدن ثمّ يخسر أمام ترامب. عندها سيكون بإمكان التقدّميين إدراك أنّهم حصلوا على فرصتهم لمواجهة ترامب فخسروا.

لكنّ "إعطاء" المؤسّسة الديموقراطيّة ساندرز الفرصة ليخوض السباق الرئاسيّ الكبير يعني تعزيز الجناح اليساريّ المتشدّد في الحزب. وقدرة المؤسّسة على التأقلم مع هذا الواقع الجديد لن تخرج من دائرة الشكوك. حتى خسارة ساندرز أمام ترامب لا تضمن إجراء التقدّميين نقداً ذاتيّاً للاقتراب أكثر من الوسط. فغالباً ما يطغى تبادل الاتّهامات على أيّ محاولة للتفكير موضوعيّاً بأسباب الخسارة. ومع زيادة حدّة الاستقطاب داخل الحزب الديموقراطيّ نفسه، ستفتح خسارة ساندرز أو بايدن نافذة كبيرة لتراشق الملامة بين الجناحين الوسطيّ واليساريّ.

يكفي أنّ كلينتون نفسها، وخلال مقابلة إعلاميّة في كانون الثاني الماضي، قالت إنّها لن تلتزم بدعم ساندرز في حال فوزه بالانتخابات التمهيديّة لأنّه لم يدعمها فعليّاً في انتخابات 2016. لكنّ آخرين في الحزب الديموقراطيّ ينفون نظريّتها، ومنهم دين عبيدالله في موقع "دايلي بيست" الذي تخوّف من أن تكون الحملات المتضادّة بين الجناحين الديموقراطيّين مؤذية لحملة إسقاط ترامب. لكنّه اعترف في كانون الثاني بأنّ ترامب نفسه ينجح في توحيد الحزب الديموقراطيّ أكثر ممّا يمكن أن يفعله الديموقراطيّون أنفسهم.

كيف لساندرز تعزيز حظوظه؟

ومع ذلك، يمكن أن يكون الضرر الناجم عمّا أسماه كثر "الحرب الأهليّة" في الحزب الديموقراطيّ أكبر من أن تستطيع شخصيّة مثيرة للجدل كترامب النجاح بتخليص الحزب منه. ويقتضي شرح هذه الفرضيّة العودة إلى طريقة خوض السباق التمهيديّ بين المرشّحين الديموقراطيّين البارزين.

يعتقد مؤيّد ساندرز وصاحب كتاب "لماذا فاز ترامب" أنيس شيفاني بأنّ استمرار مواصلة المرشّح التقدّميّ تسمية بايدن ب "صديقي الطيّب جو" سيوسّع الانطباع بأنّه على الرغم من بعض عثراته، لا يزال بايدن هو الشخص النظيف الذي يستحقّ فرصة كخلف لأوباما من أجل إلحاق الهزيمة بترامب. وحضّ شيفاني ساندرز على أن يكون قاسياً في انتقاد سياسات بايدن (تأييده لحربي العراق وأفغانستان والاتفاقات التجارية النيوليبيرالية...) كما في انتقاد سياسات أوباما (عمليات الترحيل الكبيرة واستخدام الدرونز لعمليّات التصفية...). وحثّه أيضاً على تغيير الشعار من "ترامب هو التهديد الوجوديّ الذي نواجهه" إلى "بايدن سيفتتح عودة كلّ ما تسبّب بظهور ترامب في المقام الأوّل."

إذا كان ساندرز سيلجأ إلى هذه الاستراتيجيّة فالأمل بأن يصل الديموقراطيّون موحّدين لمواجهة ترامب سيتضاءل خصوصاً إن هوجم أوباما فعلاً وخسر بايدن السباق التمهيديّ. لهذا السبب، ذكر دانيال نيوهاوسر وليز لاندرز في موقع "فايس" أنّ مواجهة ساندرز وبايدن ستصبح "حقّاً، حقّاً بغيضة."

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم