الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

سنة الخفاشين

سمير عطاالله
Bookmark
سنة الخفاشين
سنة الخفاشين
A+ A-
"العام 1629 وصل الطاعون الى ايطاليا. جاء مع المرتزقة الألمان، في ثيابهم الرثة. وراحت فلورنسا ترتعد وتستعد، بعدما تفشى في ميلانو وفيرونا وبولونيا. وبعثت مصلحة الصحة فيها السانيتا، الى البلديات تستفسر عما يجري، لكن أول جواب أتى من بارما، حيث أفادت رسالة السانيتا فيها، ان الأحياء صاروا يحسدون الموتى". هذا مقطع من كتاب حديث بعنوان "فلورنسا تحت الحصار: مواجهة الطاعون في اوائل المدن الحديثة"، للمؤلف جون هندرسون. واضح ان الهدف من عرض الكتاب هو نقل صورتين تزدادان تشابهاً، بين فلورنسا القرن السابع عشر، ووهان القرن الحادي والعشرين: الإنسان الأكثر تطوراً في عصره يقف عاجزاً أمام جرثومة غامضة تظهر في الصين لكنها تكبِّد العالم اجمع خلال أيام خمسة تريليون دولار. وإذ تفرغ ووهان مثل فلورنسا، وتلغى التجمعات، وتقام القداديس في الشوارع، وتجري مراسم الاعتراف من نوافذ البيوت، تلغى الأسواق والتجمعات في جنوب لبنان، ويمنع في فرنسا أي تجمع يزيدعلى خمسة آلاف شخص.أصبحت "السانيتا" في فلورنسا هي السلطة الحاكمة. لا كلام ولا رأي للسياسيين. وصارت توفر الوجبات اليومية مجاناً (بما فيها النبيذ) لقرابة 35 ألف إنسان في الحجر الصحي. لكن الاختلاط ظل قائماً بين الأصحاء وذوي الاصابات الكامنة. والغيت جميع المهرجانات، كما الغي مهرجان البندقية هذه السنة. وكمدت الوجوه خوفاً. ولعلكم لاحظتم وجه دونالد ترامب مكفهراً السبت الماضي، وهو يعلن وفاة الإصابة الأولى، وذلك للمرة الأولى منذ ظهوره على المسرح السياسي بمعالم متحدية ولهجة حادة. وللمرة الأولى نرى الرئيس الاميركي الخامس والاربعين يقرأ من خطاب مكتوب، ويلتزم السطور أمامه. الأوبئة لا تتحمل خفة الحياة.كورونا، ليس إعصاراً مثل تلك التي تضرب...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم