الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"المهرجان العالمي للنسويّات": معركة عليها الاستمرار حتى المساواة

المصدر: "النهار"
كني-جو شمعون
"المهرجان العالمي للنسويّات": معركة عليها الاستمرار حتى المساواة
"المهرجان العالمي للنسويّات": معركة عليها الاستمرار حتى المساواة
A+ A-

إن كنت رجلاً أو امرأة، باستطاعتك أن تكون(ي) نسويّاً(ة). في اليوم الرابع والأخير من "المهرجان العالمي للنسويّات". كان الوافدون إلى المركز الثقافي الفرنسي في بيروت على موعد مع برنامج غنيّ بالنشاطات والفنون ومساحات النقاش وورش العمل التي اشترك في إحيائها ناشطون وكتّاب ووجوه محبوبة على الشاشة والمسرح. ذكور وإناث، مراهقون وراشدون، لبنانيّون وأجانب، أبدوا اهتمامهم بموضوع "النسويّة" الذي يَطرح اليوم، في العالم ولبنان، جدليّات عديدة.

رأى المنظّمون وجوب تسليط الضوء على تضامن الرجال وتأييدهم للحركات النسائيّة، لذا اختاروا عنواناً لإحدى الطاولات المستديرة "الرجال والحركات النسائية: التزام غير مُرَجّح؟". في هذا السياق، تداول المحاضرون أفكاراً حول الخروج من المجتمعات الأبويّة وإحلال المساواة بين الرجل والمرأة، والحدّ من التمييز بين الجنسَين، ومساهمة الأنظمة والقوانين في تحقيق المساواة. القاعة ممتلئة، ما اضطرّ الشبان للجلوس على الدرج. النقاش شيّق وقد سيق في اللغات الثلاث: العربية، الإنكليزية والفرنسية بإدارة الكاتبة والناشطة جمانة حدّاد صاحبة فكرة المهرجان. توالى على الكلام الكاتب عقل العويط، والعالم النفسي في منظّمة "أبعاد" أنطوني كعدي، والعالم الإجتماعي الفرنسي إيريك ماسيه. جميعهم شاركوا الجمهور رؤيتهم، كلّ حسب خبراتِهِ.

استهلّت حدّاد الحوار بمقطع من مقالة لـ"العويط" وَرَدَت في "النهار" بتاريخ 28 شباط 2020 حول إعلانه أنّه رجل نسويّ بين الرجال، وقد علَّلَ فيها موقفه "بمعنى الإنوجاد كفردٍ ضمن جماعةٍ حرّة، في مجتمعٍ حرٍّ، سيّدٍ، مستقلّ، وفي دولةٍ ذات كرامة". يشدّد على ضرورة إحلال المساواة بين الرجل والمرأة وإنهاء النظام الأبويّ-الذكوريّ المتوغّل في كافة المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والثقافية والعائليّة... بنظره، النسويّة معركة دائمة عليها الاستمرار حتّى الولوج إلى المساواة؛ فكرامة الرجل مرتبطة بإحقاقها، و"العار" ألّا يأخذها كقضية مطلقة مثل الحصول على لقمة الخبز والحريّة، وأن يقبل بتعنيف وتهميش المرأة. يضيف "لا حلّ ديموقراطياً إّلا بنظام علماني في لبنان يكرّس الكرامة البشريّة، فيحيا الإنسان في دولته بكرامته الكاملة".

من جهته، يعبّر أنطوني كعدي أنّه أيضاً نسويّ ويدعو الشبّان النسويّين إلى فهم دورهم والتعلّم من تاريخ الرجال الذين سبقوهم في هذا النضال. يعتبر أنّه من الصعب على الرجل أن يفهم مشاعر المرأة ومخاوفها ومعاناتها في الحياة اليوميّة والاجتماعيّة والسياسيّة... لذا عليه الاستماع إليها، وإعادة النظر بمفهومه للحياة والتربية وبتصرّفاته التمييزيّة. يستطرد  أنه لا يجوز أن يُحارِبَ أحد عن المرأة أو لأجلها باسم النسويّة والمساواة، ففي ذلك تهميش لها، على الرجال أن يدافعوا ويسيروا "معها" من أجل حقوقها.

أمّا العالِم الإجتماعي الفرنسي إيريك ماسّيه فيرى أنّ النظام الأبوي في أزمة في كلّ أنحاء العالَم، وأنّ دور المرأة في الحياة السياسيّة على تزايد. لكنّه يذكر أنّ بعض الحركات تعارض الحركة النسويّة ممّا يُتَرجَمُ أعمالاً عنفيّة في بعض الأحيان. فرنسا تحَرَّرَت من النظام الأبوي لأنّ نظامها علمانيّ يرتكز على المساواة وقوّة القانون. وبالرغم من ذلك ما زالت بعض الفوارق والامتيازات الذكورية تُمارَس في مفاصل حياتيّة أهمّها العنف الزوجي والتنمّر...

تَلَت المداخلاتِ أسئلةُ الجمهور وخبرات البعض حول معارضة رجال أو شبّان لمفهوم النسوية بسبب جهلهم له وعن كيفيّة إقناع الناس بأنّ النسويّة ليست موجّهة ضدّ الرجال بل لإحقاق المساواة بين الجنسين... واللافت، شهادة سيّدة ليبيّة تعيش في لبنان وهي من روّاد النضال النسوي، صفّق لها الحاضرون نظراً لجرأتها وقد سلّطت الضوء على محاولة اغتيالها والاضطهاد الذي تعرّضت له والتهجير من دولتها بسبب النظام السائد.

ردّة فعل الوافدين

يتحدّث توماس، وهو كوميدي فرنسي-بلجيكي لـ"النهار" عن التزامه بالنسويّة، ويشير إلى أنّه شارك في عدّة نشاطات لحركات نسويّة، وهو ممتنّ للمنظّمين لأنّهم أعطوا في سابقة من نوعها الكلمة لرجال: "وجود الشبّان بين الحضور اليوم مهمّ. وإدراج موضوع حول التزام الرجال بالنسوية لافت، ولهذا السبب قرّرت المشاركة في طاولة الحوار". تصرّح الشابة اللبنانية يارا حمّود أنّ المرأة تواجه مشاكل يوميّة" "أينما تواجدنا، نلاحظ أشكالاً من عدم المساواة. الموضوع بغاية الأهميّة؛ علينا فهمه لمعرفة إيصاله إلى الغير". ويشرح الشاب اليمني-المصري فراس الشيخ أنّه يلمس دائماً قمعاً ضدّ النساء في المجتمعات العربيّة ويعتبر أنّه يجب المحاربة من أجل حقوق المرأة. يقول إنّه قدم إلى المهرجان وشارك في مساحة النقاش ليحصل على مزيد من المعلومات حول النسويّة، وليكتشف السبل التي على الرجال اتّباعها من أجل إنصاف المرأة.

في الختام، يلعب الرجل المعاصر دوراً واعداً في النضال الإنساني من أجل المساواة والعدالة للجميع. العالم العربي في حال ثورة على نفسه، علّها تقوده إلى أنظمة أكثر عدالة تحفظ كرامة الشخص البشري دون تمييز جندَري. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى ما كتبته جمانة حدّاد عبر موقعها في إنستغرام: "في غاية الحماس لإدارة هذا النقاش... ليس فقط لكوني أمّاً فخورة لشابين نسويّين، ولكن أيضاً لأنني لطالما كنت مقتنعة بأن الرجال معنيون بهذه القضيّة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم