الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية

Bookmark
أرشيف "النهار" - النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية
أرشيف "النهار" - النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية
A+ A-
نستعيد في #أرشيف_النهار مقالاً كتبه فريد الخازن بتاريخ 13 تشرين الأوّل 1995، حمل عنوان "النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية".كلام كثير يقال حول قانون انتخاب جديد يصحح الخلل الذي احدثه قانون 1992 ويعيد التوازن السياسي والتمثيلي الى العملية الانتخابية، بعد الشرخ الكبير الذي احدثته الانتخابات النيابية الاخيرة. وكالعادة يتضمن الكلام من المواقف السياسية المتشنجة والعنتريات المعهودة ما يكفي لتحويل النقاش مبارزات علنية بين فرسان الحلبة السياسية. وفي الكلام أيضاً من الاوهام والاحلام ما يكفي لجعل النظام الانتخابي وكأنه عصا سحرية قادرة على اصلاح النظام السياسي وايجاد الحلول لجميع المشاكل العالقة قبل الحرب وبعدها. الواقع انه ليس هناك نظام انتخابي مثالي يتلاءم مع كل الانظمة السياسية او مع اي مجتمع من مجتمعات الدول المعاصرة. كما انه ليس هناك معيار مثالي لنظام انتخابي على المستوى العالمي. المعيار الوحيد هو معيار التنافس السياسي الحر في ظل نظام ديموقراطي فاعل يؤمن المداورة في السلطة. النظم الانتخابية الفاعلة هي تلك التي تتناسب مع واقع البلد المجتمعي ومع اوضاعه السياسية وطموحات شعبه المستقبلية. من هنا، فان لكل نظام انتخابي وظيفة تمثيلية واخرى سياسية. واهدافاً اخرى يحدد اطرها المشترع. وهي اهداف يجب ان تعكس ارادة الشعب واولوياته. وظائف النظام الانتخابي من المفيد الاشارة اولاً الى الوظائف التمثيلية والسياسية التي يؤمنها قانون الانتخاب في الانظمة الديموقراطية، والتمييز بين المجتمعات المتجانسة وغير المتجانسة، كما هي الحال في لبنان. هذه الوظائف هي الآتية: 1- تأمين التمثيل الصحيح، وهو التمثيل الذي يربط المرشح (او النائب) بالناخب، اي بالقاعدة الشعبية على مستوى الدائرة الانتخابية التي يمثلها النائب في المجلس النيابي. والتمثيل الصحيح يقتضي أيضاً تمكين الناخبين من محاسبة ممثليهم (تأييداً او معارضة) وذلك من خلال منحهم القدرة على التأثير على العملية الانتخابية في انتخابات تجري بانتظام، وبحسب روزنامة زمنية محددة. 2- تأمين التمثيل السياسي الصحيح بحيث لا يتحول النظام الانتخابي ادارة سياسية او ادارية لضرب قوى سياسية معينة او تحجيمها وصولاً الى الغائها. وهذا يعني تأمين حد ادنى من فرص الترشيح والتمثيل للقوى السياسية المتعددة. 3- تسهيل آلية الحكم الديموقراطي وتفعيلها، وذلك من خلال اعتماد نظام انتخابي يشجع على قيام تحالفات سياسية او كتل نيابية تساعد على تفعيل العمل السياسي البرلماني على اساس تنافس القوى السياسية بين الحكم والمعارضة، وعلى اساس برامج واهداف واضحة. 4- تحقيق الاستقرار السياسي. وهذا يعني عملياً عدم تحويل التنافس السياسي تشرذماً بين القوى السياسية يحول دون تأمين الاستقرار الداخلي لتسيير شؤون الدولة على اساس اكثرية حاكمة واقلية معارضة تسعى بدورها الى الوصول الى السلطة بالوسائل السلمية. 5- تجديد الحياة السياسية، من خلال تجديد النخب السياسية وتجديد طروحاتها، بحيث لا تقتصر فقط على مسائل انتخابية يغلب عليها الطابع الظرفي والموقت. الا ان وظيفة التمثيل تأخذ اهمية قصوى في المجتمعات غير المتجانسة، اي تلك التي توجد فيها انقسامات داخلية (اثنية، عرقية، طائفية، ثقافية، الخ)، وهي انقسامات ذات طابع غير اقتصادي (او طبقي)، فيكون للنظام الانتخابي وظائف اخرى، اهمها: 1- تأمين تمثيل المجموعات التي يتألف منها المجتمع وليس فقط الافراد. نظام الديموقراطية العددية على النموذج البريطاني الكلاسيكي (Westminster System) لا يفي بالغرض التمثيلي المطلوب. لان الاكثرية ستظل دائماً في السلطة والاقلية ستظل دائماً خارجها. والمثل الواضح في هذا المجال هو مفاعيل النظام الانتخابي في بريطانيا وايرلندا الشمالية. ففي بريطانيا يؤمن النظام القائم الاستقرار والمداورة الشرعية في السلطة، في حين ان النظام نفسه المتبع في ايرلندا الشمالية، حيث الانقسام بين البروتستانت والكاثوليك، انتج حرباً اهلية. 2- تأمين مساحة التقاء وطني بين المجموعات التي يتألف منها المجتمع، بحيث لا يشكل النظام الانتخابي سبباً لتعميق الانقسامات الداخلية، سواء في الشأن السياسي او في شؤون ومسائل غير سياسية. حجم الدوائر الانتخابية ومفاعيلها السياسية الجدل حول قانون الانتخاب، في محوره الاساس، يدور حول مسألة حجم الدائرة الانتخابية. اما نظام الاقتراع، على اهميته لما له من تأثير على النتائج اضافة الى مفاعيل سياسية اخرى، فهو لم يعطَ الاهمية المطلوبة في الجدل السياسي العام. يمكن التمييز بين اربعة احجام للدوائر الانتخابية: الدائرة الفردية (او الصغرى) حيث يمثل فيها الناخبون بنائب واحد، الدائرة المتوسطة حيث يكون عدد المقاعد لا يتجاوز الستة او السبعة، الدائرة الكبرى حيث يتراوح عدد المقاعد بين سبعة (او ثمانية) وخمسة عشر او عشرين مقعداً. في قانون 1992 ضربت عدد المقاعد ارقاماً قياسية وصلت فيها في محافظة الشمال الى 28 مقعداً، وفي محافظتي الجنوب والنبطية الى 23 مقعداً. واخيراً الدائرة الانتخابية الواحدة حيث يتم الانتخاب على مستوى البلاد ككل. الدائرة الفردية ميزة الدائرة الفردية انها الاكثر تمثيلاً للمواطنين على مستوى الدائرة الانتخابية، وهي الدائرة المعتمدة في عدد كبير من الدول ذات الانظمة الديموقراطية، ومنها فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة، اوستراليا وسواها. وهي تؤمن التمثيل المناطقي الصحيح وتجعل المواطنين قادرين على محاسبة النائب وعلى التأثير في مجرى الانتخابات في شكل مباشر وفاعل. وغالباً ما تنشأ معرفة شخصية بين المرشحين والمهتمين بالشأن السياسي. وفي الدائرة الصغرى، يكون التركيز عادةً على الشؤون التي تهم الناخبين من سكان الدائرة، وهي غالباً ما تكون شؤوناً محلية ذات طابع خدماتي، اكثر منها مسائل ذات طابع وطني عام. وفي ظل غياب الاحزاب والتيارات السياسية الناشطة، قد يأخذ التمثيل منحىً ضيقاً او عائلياً. وقد يشبه في بعض اوجهه التمثيل والانتخاب على مستوى البلديات. الدائرة المتوسطة تؤمن الدائرة المتوسطة نسبة عالية من التمثيل الصحيح، وتمكن المواطنين من محاسبة ممثليهم في المجلس النيابي في شكل فاعل. الا ان الدائرة المتوسطة تمتاز عن الدائرة الصغرى لجهة تأمين هامش اوسع من العمل السياسي على المستوى الوطني العام، بعيداً عن المصالح الفئوية الضيقة، الطائفية والمناطقية والعائلية. وما يميز الدائرة المتوسطة عن سواها من تقسيمات الدوائر الانتخابية انها تجمع بين وظيفتين اساسيتين في مجتمع متنوع كالمجتمع اللبناني: وظيفة الاختلاط الطائفي والسياسي من جهة، ووظيفة التمثيل المتوازن للطوائف والمناطق من جهة ثانية. قانون انتخاب 1960 بقاعدته الاساسية، اي القضاء كدائرة انتخابية، هو الاقرب الى الدائرة المتوسطة. ولقد جرت اربع دورات انتخابية حسب قانون 1960 الذي وضع في عهد الرئيس فؤاد شهاب (1960، 1964، 1968، 1972). وعلى رغم الشوائب والتجاوزات التي رافقت تلك الانتخابات، فقد امن قانون 1960 تمثيلاً سياسياً ومناطقياً وطائفياً مقبولاً، واوجد تنافساً سياسياً بين الحكم والمعارضة. وقد استطاعت المعارضة في انتخابات 1968 تحقيق انتصار انتخابي كان من نتائجه خسارة الشهابيين في الانتخابات الرئاسية عام 1970. كما انه في ظل قانون 1960 برزت تكتلات سياسية فاعلة اضافة الى بروز احزاب سياسية كان لها وجود قوي في مجلس النواب. الاعتراض المبدئي على قانون 1960 كان حول عدم وجود مناصفة بين عدد النواب المسيحيين...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم