الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"يقامرُ شعرَه" لسيد عبد الرازق الرهان على القصيدة العمودية

"يقامرُ شعرَه" لسيد عبد الرازق الرهان على القصيدة العمودية
"يقامرُ شعرَه" لسيد عبد الرازق الرهان على القصيدة العمودية
A+ A-

مجموعة "يقامر شعرَه " للشاعر المصري سيد عبد الرازق مقامرة حميدة تتخذ من القصيدة العمودية ورقة الرهان التي يزاوج الشاعر من خلالها بين العصري والتقليدي في جسد واحد. تمتاز نصوص المجموعة بالدرامية، فالشاعر يجيد تشكيل النص على شكل قصة متناغمة تتآلف في ما بينها الجمل الشعرية بخفة من دون أن تترك "غالبًا" للمتلقي الشعور بعدم انسيابية الأبيات، فضلا عن أن الشاعر يستمد من الواقع أو المتداول الكثير من المفردات التي تخلق تواشجا مقبولا في أغلب الأحيان بينها وبين بنية البيت الشعري.

ولأن الشعر خلق يبدو مدروسا، وأفضّل أن يكون كذلك، بين المبنى والمعنى، فنصوص "يقامر شعره" تصل في أكثرها إلى تناسق رشيق بين هذين المعيارين؛

"نساؤُك يشتهينكَ كلَّ دمعٍ/ فكتفُكَ حائطٌ والحضنُ مبكى"

غير أنه لا مناص مع نصوص العمود من اللجوء إلى الحشو أحيانا لإتمام تفعيلات البيت، وهذا مما لم يستطع الشاعر تجاوزه بعض الأحيان، يساهم في ذلك طول بعض القصائد، بينما جاءت نصوص التفعلية في المجموعة خالية من هذا المأخذ.

يقسّم الشاعر مجموعته هذه خمسة أبواب يأخذ كل منها وحدة موضوعه من خلال نصوص افتتاحية لكل منها تحت عناوين تؤسس للمواضيع وهي الرهان الأول: السماء. في هذا الباب يحاول الشاعر إظهار العلاقة الروحية بين السماويّ والأرضيّ. الرهان الثاني: المرأة. تحت هذه المفردة يظهر الشاعر عشقه وعلاقته بالمرأة، وتأكيده للمعنوي فيها على حساب الحسي. الرهان الثالث: القصيدة. في هذا الباب يبين الشاعر علاقته بالشعر ورؤيته الشعرية، وما للشعر من مكانة في الحياة عموما، وفي حياته بشكل خاص. الرهان الرابع: الحرب. هنا تظهر الحالة الإنسانية، ومدى تأثير الحرب في الحياة، وفي الشعر، من حيث ما تنتجه من خراب. الرهان الخامس: الوطن. يتحدث الشاعر في هذا الباب عن ماهية الوطن وعلاقة الإنسان به وبقضاياه المعاصرة.

إضافة إلى لإهداء والورقة الأخيرة، والواضح من هذا التأسيس كعتبة نصية للباب والموضوع تلاحمه وتوافقه مع العنوان الرئيس للمجموعة، فالرهانات هذه هي أس المقامرة الشعرية التي انتهجها الشاعر، محافظا بذلك على الوحدة الموضوعية لكامل المجموعة.

اللغة في النصوص تدمج بين السهولة والجزالة، مما يمنح القارئ متعة التلقّي والتواصل مع المفردة التي تؤدي غرضها في النص دون تكلّف، كما تُظهر قدرة الشاعر وتمكّنه من الاستخدام الجيد لأدواته اللغوية. النصوص جميعها تقريبا تم ترويسها بمقولات، ومقاطع من الأدب العربي والعالمي، مما يمنحها فضاءً أوسع، حيث أن تلك المقدمات تؤثث لقراءة ثانية أكثر رحابة مما لو جاءت النصوص خالية منها، وربما كانت تلك وسيلة الشاعر ليتغلب على النظرة الأولية تجاه القصيدة الخليلية، كما تبدي اتصال الشاعر مع المحيط النثري الطاغي على المشهد الأدبي عموما، مع بقائه مخلصا للوزن والقافية.

سيد عبد الرازق، بصفته شاعرا محافظا من حيث الشكل، ومعاصرا من حيث الموضوع، استطاع في "يقامر شعرَه" الولوج في عمق القضايا المعاصرة وطرحها من خلال نصوصه، كما حافظ على كونه شاعرا ملتزما، في طرحه الشعري لقضايا المرأة، والوطن، والشعر، والحرب، وتدوين رؤيته لكل من تلك القضايا في قالب شعري سائرا على خطى شعراء مصر الملتزمين.

يبقى أن نذكّر بأن مجموعة الشاعر الحائز "جائزة البردة" لدورتين متتاليتين، والمشارك لأكثر من مرة في الأدوار الأولية لـ"مسابقة أمير الشعراء"، والمشتغل في حقل المسرح، صدرت ضمن سلسلة "الفائزون"، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، لمناسبة فوز الديوان بجائزة المسابقة المركزية، وبالمركز الأول على مستوى جمهورية مصر في شعر الفصحى عن عام 2019.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم