الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

حوَّل أصوات القصف لعبة... ضحكات الطفلة سلوى تصدح مع كلّ غارة في سوريا

المصدر: "أ ف ب"
حوَّل أصوات القصف لعبة... ضحكات الطفلة سلوى تصدح مع كلّ غارة في سوريا
حوَّل أصوات القصف لعبة... ضحكات الطفلة سلوى تصدح مع كلّ غارة في سوريا
A+ A-

لم يجد عبدالله المحمد سبيلاً لحماية ابنته من أصوات القصف من حولها، سوى بتحويل الأمر ببساطة إلى لعبة. وبدلاً من الخوف، باتت ضحكات سلوى تصدح في أجواء المنزل مع كل غارة تستهدف شمال غرب #سوريا.

قبل أيام، نشر عبدالله (32 عاماً) على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو جرى تداوله بكثرة يُظهره وابنته سلوى أثناء تحليق الطيران الحربي في أجواء بلدة سرمدا في شمال إدلب.

تقف سلوى بفستانها الوردي الذي يعكس لون وجنتيها قرب والدها، يقول لها: "هناك طائرة، هذه قذيفة أو طائرة؟"، تجيبه بصوت منخفض وعلى وجهها ابتسامة: "قذيفة، حين تأتي سنضحك"، ما هي الا ثوان قليلة حتى يدوّي صوت انفجار وتصدح معه ضحكات سلوى.

التقى مراسل لوكالة "فرانس برس" عبدالله في سرمدا بعد شهرين على نزوحه من مدينة سراقب في جنوب إدلب التي سيطرت عليها قوات النظام قبل أسابيع في إطار هجومها الواسع المستمر في المنطقة منذ كانون الأول الماضي.

وفي إحدى أشرطة الفيديو التي التقطها الوالد واطّلعت عليها وكالة "فرانس برس"، يسأل ابنته وهي تنظر في دفتر أمامها، "احكي لي يا سلوى، ماذا فعلت الطائرة؟".

فتجيب الطفلة ذات الشعر الأسود الناعم بكل بساطة: "أتت الطائرة وأنا ضحكت كثيراً. الطائرة تّضحكنا فقط، تقول لنا: اضحكوا عليّ، اضحكوا عليّ".

قبل نحو عامين، علا صراخ سلوى التي كانت تبلغ عاماً واحداً خوفاً بعد سماعها أصواتاً ناجمة عن ألعاب نارية كان يشعلها أطفال الحي لمناسبة العيد، فما كان من والدها إلاّ أن أخرجها إليهم ليقنعها بأنهم مجرد أطفال يلعبون".

ومن هنا خطرت على باله فكرة تحويل أصوات القصف إلى لعبة مضحكة.

ويقول عبد الله في منزل العائلة الجديد في سرمدا: "قلت لنفسي ما دامت اقتنعت أنّ هؤلاء هم مجرد أطفال يلعبون، فهذا أمر جيد".

ويضيف: "بتّ كلما بدأ الطيران بالتحليق في الأجواء أخرج هاتفي الجوال وأقول لها: تعالي لنضحك سوية، إنهم أولاد يلعبون أو أنه العيد"، موضحاً: "أحاول أن أفهمها أنّ ما يحصل ليس بالأمر السيئ، بل بالعكس أنه أمر مضحك".

في أحد الفيديوات التي التقطها والدها، تظهر سلوى حاملة دميتها ومستلقية تحت طاولة زجاجية وهي تردد "أتت الطائرة، أتت الطائرة، تحصنوا، تحصنوا".

وفي آخر، تسأل سلوى "أتت (الطائرة)؟ هل أتت؟" ثم يدوّي صوت القصف، وتضحك سلوى من كل قلبها.

يقول عبدالله: "باتت هذه ردة فعلها دائماً، تخاف للحظات ثم تبدأ بالضحك"، لكنه يضيف "ستفهم لاحقاً أنّ هذا الأمر يؤدي إلى الموت، لكن حين يحين ذلك الوقت ستكون قد فهمت على الأقل من نحن وما هي قصتنا".

لا تهدأ سلوى في المنزل، تركض في الباحة ثم تتنقل بين غرفة الجلوس والحديقة حيث تصعد على أرجوحة ملونة وضعها والدها لها.

تجلس في حضن أحد أصدقاء والدها، تشاهد فيديو على الهاتف الجوال وتردّد: "طائرة طائرة"، ثم تأخذ الهاتف بيدها وتبدأ باللعب عليه".

بعد تسع سنوات من القصف والمعارك في نزاع دام أسفر عن مقتل أكثر من 380 ألف شخص، لم يعد عبدالله يحلم بالكثير.

ويتابع: "مللنا توجيه الرسائل، لم يبق لدينا طموحات، نريد فقط أن يعيش هؤلاء الأطفال حياة كريمة لا أكثر ولا أقل، أن يتعلموا ويكملوا حياتهم فقط"، مضيفاً: "نريد حياة خالية من القصف والطيران".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم