الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قصة حبّ تحكي التردد والشغف

المصدر: "النهار"
رولا حميد
قصة حبّ تحكي التردد والشغف
قصة حبّ تحكي التردد والشغف
A+ A-

رفة جفن من هنا، وبسمة من هناك، فتسري في العواطف متعة تدفع بها رعشة أولى، ما تلبث أن تتحوّل إلى تطلب، وإلحاح. ومع مرور الوقت، يصبح الموقف إدماناً، ويجد الانسان نفسه عالقاً بين ثناياه، يحاول التفلت، لكن غالباً ما يكون قد فات الأوان. إنه الحب الذي لم يستطع أحد تعريفه بوضوح، وعقلانية. حالة من الوله تتسرب رويدا رويدا في الأفئدة والقلوب، لتصبح شركاً. هل هو الحب؟ ربما...

أحياناً، تقع حالة الحب من النظرة الأولى، بحسب ما تم التعارف عليه. ربما تلعب "الأورا" دورا هاما في تحديده. تقول حنان ص. مدرسة في التعليم الثانوي أنها شعرت ب"حالة من الارتجاف، وخفقان القلب عندما دخل الشاب أحمد الصالة حيث كنت في ضيافة صديقتي. لم أعرف ما الذي انتباني. شعور ألمّ بي للمرة الأولى. لم أحدد كنهه”.

وتضيف: “الشعور عينه أحسست به بعد شهوراً، أزاء الشخص عينه، ولم أكن على تواصل معه، ولم أعرفه سابقا. تساءلت، وبحثت كثيرا في السبب، والاستنتاج ربما إنه "الأورا" المتطابقة بيني وبينه".

لم تواصل حنان التعاطي مع أحمد، وانتهت قصة الانجذاب بينهما. لكن ماغدا، تعرفت بوهيب، وراحت تتفاعل معه، وظلت على هذه الحال اثنتي عشرة سنة، انتهت بزواج ميمون وسعيد، كان يمكن أن يتم في أقل من هذه المدة بكثير، لكن ظروفهما لم تسمح بذلك، فلم يكن ممكنا لهما التقدم نحو نهاية التقاء بالزواج، ولم يكن ممكنا لهما الانفصال عند المواقف الحساسة من علاقتهما الطويلة، فقد بات كل منهما حاجة ملحة للآخر، أشبه بالإدمان، غير القابل للانفصال، والتفكك.

تروي ماغدا قصتها التي بدأت عندما تعرفت على وهيب في سهرة رأس السنة تقول: "اكتفينا بصداقة وتواصل في بداية العلاقة فكان يتصل بي كل يوم".

لا أحد يستطيع منع التواصل من التطور نحو الأعمق. "تعودت على اتصاله اليومي"، تقول ماغدا، "ثم تطورت العلاقة وظللنا على هذه الحال نحو سبع سنوات، فكنت في دراستي، وهو في مرحلة دخول سوق العمل، اي لم يكن مستعدا للارتباط كأي شاب لبناني في سنه. وعندما تخرجت، وبدأت العمل، رأيت أن أسافر لأطوّر وضعي، فطبيعتي تحب التحدي".

لا يمكن لانسان أن ينفصل عن نصفه الآخر بهذه السهولة، خصوصا بعد مرور كل هذه السنوات وهما معا، متفاعلان، يتسرب كل منهما إلى الآخر نقطة نقطة. تصف ماغدا الموقف ب"الصعب. لكن حبّي للمغامرة لم يردعني عن السفر رغم إصراره علي العزوف عن الفكرة. كابرت، وسافرت لكنني لم أتحمل الغياب عنه فعدت بعد أربعة شهور لنتابع مشوارنا المجهول".

فترة طويلة من العلاقة بين ماغدا ووهيب تخللتها ايام جميلة وايام صعبة لعدم قدرتهما على اتخاذ القرار بالارتباط ولرفض اهل ماغدا فكرة الزواج حينها، اذ اعتبروا انها تتسرع باتخاذ القرار خاصة وانها العلاقة الجدية الأولى لها وطلبوا منها التفكير والتريث.

تتحدث عن الموقف الصعب الذي عاشته مع وهيب في ظل هذا الوضع، وتقول: "كان وهيب مترددا وخائفا من فكرة الزواج كأي شاب في سنه وأنا لم أكن قادرة على الانفصال عنه فبات يملك كل مشاعري. حتى عندما كنّا نختلف لسبب ما، فلم أكن أطيق الاستمرار في الخلاف لأكثر من شهر، وفي هذه الأثناء أعيش حالة حزن كبير".

عند الخلاف، تفيد ماغدا: "كان كل منا يبحث عن سبب أو حجة للاتصال بالآخر. لا يعود الانسان قادرا على التمالك، ولا يملك القدرة على الابتعاد. ثمة ما هو مفروض عليك ولو طوعا. ليس النسيان سهلا، ولا الانفصال وارداً. إنه الاستسلام المطلق، لأنه الحب".

طال الزمن بالعلاقة التي يفترض أن تصل إلى مكان ما. إلى مصير محدد. ورغم الضغوطات، تستمر علاقة الحب التي لم تعد خيارا، بل قدرا. وانتهى الامر بهما بتحدّي الواقع.

بين السنة السابعة من العلاقة، والسنة الثانية عشرة، تقول ماغدا: "عشنا علاقتنا في حالة اضطراب دائم. نبتعد عند الغضب، ونعود حيث لا مفر من العودة، وكانت شؤون الحياة من عوامل الاضطراب، إلى أن أوصلنا الحب إلى تحدّي الواقع وأقدمنا على الخطوة المصيرية".

لم يكن العروسان غنيين، بل كانا موظفين كل في مجاله. تعاونا على سبل الحياة، وأمناها، وأنجبا طفلا وطفلة، والمفارقة أن الطفلين باتا الشغل الشاغل للوالد الذي عاند زواجهما.

تختم ماغدا: “بعد عدة سنوات من الزواج، تغيب حالة الوله، والعشق، والانجراف، وتتحول الحياة إلى هدوء، واستقرار، ونحن نعيش معا هانئين، سعيدين، فقد تأسس زواجنا على حالة حب طويلة، هي كافية ليبقى الحب متوقداً مدى الحياة".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم