هويّة الكنيسة المارونيّة وخصائصها

عاش القديس مارون في القورشيّة، شرق إنطاكيا حوالى 345-410. اختار الحياة النسكيّة وانصرف إلى الصلاة والتأمّل، إلى التقشّف والزهد، طلباً للكمال والإتّحاد بالله، وغيرةً على خدمة القريب وتبشيره. ابتكر العيش في العراء ليل نهار. صيفاً وشتاء. حوّل هيكلاً وثنياً إلى كنيسة. ووفّق بين العلم والعمل، بين حياة الصلاة والرسالة.كان من أنصار مجمع خلقيدونية. تتلمذ له تلاميذ من الشباب. وتحوّلت القورشيّة جنةً نسكيّة، تضجّ بالصوامع والأديار. وغدا مارون حبّة القمح التي تحوّلت إلى بيادر. وصار ظاهرة كنسيّة فريدة. أعطى اسمه لأمّةٍ وكنيسةٍ، لطقس ورهبانيّات. تحول إلى نهج فكري وتيار روحيّ وسياسيّ وتراثيّ. يمثّل حجر الثقل في الحضارة المشرقية.1- ان للمارونية فكراً، تأسيساً، وفرادة امتازت بها. ففيما كان اليونان ينظرون إلى الله الغائب عن التاريخ أو الغارق في الكون بالحلوليّة، آمنت المارونية في التجسّد الإلهي.2- جاءت فرادة المارونيّة برفضيّة التبعيّة والوصاية لكنيسة بيزنطيا، وأسسّت بطريركيةً مارونية مع يوحنا مارون، وكانت هذه الحركة ثورة تأسيسية مميّزة.3- قامت المارونيّة بالريادة الثقافية، سنة 1600، فأتى الرهبان الموارنة بالمطبعة إلى دير قزحيا.4- تأسسّت للموارنة مدرسة روما، سنة 1584، وقصدها الروّاد وتخرّج فيها الدويهي والتيّان والبستاني والكثير غيرهم. كما ظهرت المارونيّة المؤسسة في بناء لبنان، وطن التعدّد والإختلاط بين الطوائف والضيع.5- مار مارون وجهٌ كنسيّ، كان قبل الإنقسام سنة 1054، انه لكلّ الكنيسة وأصبح عمره 1700 سنة ولم يطله زوال.6- قامت حركة المجمع اللبناني، سنة 1736، فشرّع حق المرأة في التصويت والثقافة وإجباريّة التعليم ومجانيّة التعليم، وهذا ما بدأت به الثورة الفرنسية سنة 1789، وهكذا ظهرت المارونيّة، حركة رائدة في الشرق.قلنا ان من أولى مهمات المجمع الماروني وأهدافه إكتشاف الهوية، وخصوصاً في زمن العولمة ومحاولة تذويب هويات الشعوب والحضارات وخصوصياتها. وان نعي أكثر، جدية وأهمية التفتيش عن الهوية الخاصة والحفاظ على مكوّناتها وعلاماتها الفارقة، حتى يبقى لوننا وإطار تفكيرنا وطقوسنا وتقاليدنا، ومفاهيمنا التي تكوّن الضمير الجماعي...