الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

التسوية التاريخية

رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
التسوية التاريخية
التسوية التاريخية
A+ A-
- إياكم وخضراء الدمن.قالوا: وما خضراء الدمن يارسول الله؟قال: المرأة الحسناء في منبت السوء.هل كانت حركة 17 تشرين الأول كشفاً للانهيار الاقتصادي أم نتيجة له؟ سؤالٌ اختلف في جوابه كثيرون، فيما ينبغي للسياسة ألّا تنصرف إلى البحث عمن سبق: البيضةُ أم الدجاجة، فكلتاهما ترتبطان وجوداً وعدماً بجدلية واحدة.كمنت المعاناة الشعبية وتفاعلت طويلًا في الأعماق، حتى انفجرت في وجه سوقية الأداء وأُمِّيَّة المتسلطين، وشغورِ ضمائرهم من الشعور بالمسؤولية. وهذا عبر عنه سليم سعادة بأسلوبٍ فكاهيٍّ نفَّاذ، بيَّنَ فيه أن الدولة والبرلمان والحكومات والمصارف معًا أجمعين، نصبوا للمواطنين فخ الاقتصاد الريعي بمداخيله الرَّخيَّة، فجفَّفت البنوكُ السوقَ من السيولة مغريةً الناس بفوائد مرتفعة، فكفُّوا عن الإنتاج والاستثمار، وتكدست الأموال في الحسابات المجمدة مع عبئها الربوي الثقيل على الاقتصاد؛ علماً أن البنوك، كما يقول العلمُ، تخلق النقود بتكرار ترويجها في الاستثمار. لكنَّ مصارفَنا رَحَّلَتْها إلى المكان المركزي الخطر، حيث استسهلَت السلطة تناولها لقاء عوائد دفترية كبيرة موَّهَت بها المصارف ميزانياتها "الناجحة"، علماً ان الحصافة المصرفية لا تجيز ارتهان معظم الودائع لدى زبون واحد سيئ السمعة المالية ، على ما يقول الرئيس السنيورة . هكذا توهَّمَ المودعون أنّهم أمِنوا غوائلَ الحياة وقد أتخمت حساباتهم أرباحًا كانت سهولتها مدعاة قلق لدى أطراف تلك الدورة الجهنمية. لكنها الأنفسُ الأمَّارةُ بالثروة، التي وثقَت بمواردَ للدولة ما عتم أن ظهرت شحيحةً حتى الاضمحلال، فأفاق الناس على فاقتهم الجديدة وقد هبطوا فيها فجأةً دون المرور بمرحلة انتقالية توطِّئُ لهم التعايش المؤلم مع آثار الإفلاس. وكنت أشرت في مقالات سابقة، إلى أن الفساد المستشري في مفاصل الدولة وتفاصيلها كان متدرج الظهور منذ نشأته، وإن استخفى أحيانًا بسبب وقوع لبنان على ممر مالي بقي نهره متدفقًا رغم المعارك والحروب الداخلية، بل ربَّما لأجلها. فلما تحول المجرى انكشف الفساد بصورة فاضحة، تحت وطأة الصراعات الإقليمية والدولية، وانحسار الاهتمام العربي بنا...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم