الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ماذا ينفع إذا حزنت أو ندمت أو صرخت أو حتى انتحرت؟

طوني قريطم - لبنان
Bookmark
ماذا ينفع إذا حزنت أو ندمت أو صرخت أو حتى انتحرت؟
ماذا ينفع إذا حزنت أو ندمت أو صرخت أو حتى انتحرت؟
A+ A-
يوم احتاجت زحلة لأبنائها خلال حصار المدينة عام 1981، كنتُ في الـ19 من عمري. آنذاك، كان الواجب يناديني للدفاع عن مدينتي. معركة وجودية، خرجتُ منها مقعداً على كرسي. أروي تفاصيل قصتي وأنا على يقين أن المقاتل الحقيقي هو الذي يمضي قدماً في الحياة، محمولاً ليس على قدميه، بل بقوة إرادته.أتذكر كل ثانية من تلك الليلة قبل 38 سنة، في 27 نيسان 1981، كان يوم اثنين. كنتُ أرغب في العودة إلى منزلي للاستراحة بعد 20 يوماً من الخدمة المتواصلة في قيادة فوج المدفعية، لكن التعليمات جاءت بالبقاء في مراكزنا لأن ثمة معلومات بأن زحلة ستشهد هجوماً في هذه الليلة. في الثامنة ليلاً، أوصلت رفاقاً لنا كانوا يتفقدوننا، وكان برفقتي صديق يسكن في الجهة المقابلة للمركز على بولفار زحلة. ركنت السيارة قرب منزله، ودعاني لأن أصعد معه، لكنني رفضت. وبينما كنت اجتاز الطريق، سقطت القذيفة الأولى، لم أسمعها، فقط وجدت نفسي مرمياً أرضاً، والقذائف تتساقط من حولي. حاولت أن أنهض فلم أستطع. رأيت أن سواري وقع من يدي، لكن لم أستطع أن أحرك ذراعي لأصل إليه. سمعت صوت سيارة، فخفت أن تدهسني وسط الطريق، مرت ربع ساعة وأنا أحاول أن أصرخ عالياً فلا أقدر، كنت فقط أئنّ، إلى أن سمع شباب المدفعية أنيني، فحملوني في سيارة جيب، وأخدوني إلى مركز الصليب الأحمر. ولأن الدنيا ظلام ولا أحد يجرؤ على إشعال الضوء بسبب القنص، فقد اجتاح السائق حائطاً ووقعت في أرض السيارة. في مركز الصليب الأحمر، أجروا لي الإسعافات الأولية، وكنت أصرخ من وجع في رقبتي، راح الطبيب يخزني بإبرة في جسدي، فما كنت أشعر بأي وخز إلى أن وصل إلى كتفي، وبسبب التركيز على إصابتي بشظية في الرقبة، وعدم شعوري بأي وجع آخر في أنحاء جسدي، لم...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم