نحو عام من التظاهرات في الجزائر: الحراك ينظّم صفوفه

تعقد أحزاب سياسية وتنظيمات مرتبطة بالحراك الجزائري "جلسات البديل الديموقراطي"، في محاولة لتوحيد صفوفها والتحدث بصوت واحد في مواجهة نظام منح نفسه رئيسًا جديداً من صفوفه.

وافتتح تحالف المعارضة المنضوي تحت مظلة "ميثاق البديل الديموقراطي"، اشغال جلساته بحضور نحو 200 مشارك.

ويناقش المجتمعون الوضع السياسي في البلاد، بعد الانتخابات الرئاسية في 12 كانون الأول التي رفضها الحراك بشكل واسع، لكنها أفضت إلى فوز عبد المجيد تبون وتشكيل حكومة جديدة.

وتشكّل "ميثاق البديل الديموقراطي" بعد رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في نيسان الماضي، الذي أُجبر على الاستقالة تحت ضغط الحركة الاحتجاجية الشعبية. ويهدف إلى إيجاد إطار قانوني لتغيير "النظام" الحاكم منذ استقلال البلاد في عام 1962، لا سيما من خلال إنشاء المؤسسات الانتقالية.

ويضم أحزاب "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية" و"العمال"، إلى جانب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة "تجمع عمل شباب" التي يقبع رئيسها حالياً في السجن.

وقال محسن بلعباي رئيس حزب التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية في افتتاح الأشغال إن الحراك الذي بدأ في 22 شباط: "وضع أُسُساً صلبة لبناء دولة القانون ومجتمع تقدمي كي يطوي صفحة الدكتاتورية العسكرية بصفة نهائية".

وجاء في مشروع "أرضية لتتويج المسار الديموقراطي للثورة" ينتظر ان تتم المصادقة عليه في نهاية الأشغال ان المجتمعين يطالبون بـ"فترة انتقالية ديموقراطية قادرة على تلبية التطلعات المشروعة للشعب الجزائري".

وجاء في نص الأرضية أيضاً: "تعمل قوى البديل الديموقراطي على عقد مؤتمر وطني مستقل عن النظام، سيجمع كل كل القوى الناشطة في المجتمع الملتزمة بتحقيق المطالب الديموقراطية التي عبر عنها الشعب منذ 22 (شباط) فبراير والذين رفضوا انقلاب 12 كانون الأول ويرفضون تجديد الاستبداد".

ورداً على موجة الاحتجاج، عرض الرئيس تبون (74 عامًا)، الذي كان بين المقرّبين من بوتفليقة، الحوار على الحراك مباشرة بعد استلام مهامه. وتعهّد بتعديل الدستور وأُنشئت لجنة خبراء لهذا الغرض.

وبدأ الرئيس الجزائري، الذي يحاول إرضاء معارضيه، مشاورات مع شخصيات سياسية -- يعتبر بعضها قريبًا من الحراك -- من أجل وضع "دستور توافقي" وعرضه لاستفتاء شعبي.

وقال تبو: "سيتم أخذ كل الآراء في الاعتبار في ما يتعلق بالمنهجية الواجب اتباعها، وأيضًا المشكلات التي تعانيها البلاد".

وفي إجراء تهدئة تجاه الحراك، تم الإفراج عن 94 سجينًا خلال الأسابيع الماضية، بحسب اللجنة الوطنية للافراج عن المعتقلين التي ذكرت أن 124 معارضا لا يزالون في السجن.

ومع اقتراب الذكرى الأولى للحراك في 22 شباط، لا تزال التعبئة كبيرة الجمعة والثلثاء من كل أسبوع في العاصمة وفي مدن أخرى رغم تراجع زخمها مقارنةً مع المسيرات الحاشدة التي خرجت في ربيع 2019 أو حتى بالمقارنة مع الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية.

وحتى داخل الحراك، يتساءل الكثيرون عن الاتجاه الذي يجب أن تتخذه هذه الحركة الاحتجاجية السلمية والتعددية، في ظل غياب أي تنظيم رسمي لها.

وبالنسبة لأستاذة العلوم السياسية بجامعة الجزائر لويزة آيت حمادوش: "بدأ الحراك كحركة احتجاجية بحتة. وبعد عام، يبدو أنه يتعين عليه الانتقال من الاحتجاج إلى الاقتراح".

وأضافت أن على أي تحالفات أو مجموعات للمعارضة أن تعمل بشكل مشترك "من أجل انتقال ديموقراطي حقيقي وتغيير عميق لنظام الحكم".

واعتبر أستاذ القانون في جامعة "تيزي وزو" عبد القادر كشير أن "هذه المبادرات لا تهدف إلى هيكلة الحراك، ولكنها كلها تشترك في أنها ثورة سلمية تهدف إلى تغيير النظام".

وبالإضافة إلى "جلسات البديل الديموقراطي" أطلقت مجموعة من المثقفين مبادرة من أجل تنظيم "مؤتمر وطني موحد" للحراك.

وبين المجموعة لخضر بورقعة (86 عامًا)، وهو من قدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب استقلال الجزائر وأطلق سراحه في بداية كانون الثاني بعد اعتقاله لمدة سبعة أشهر.

ويهدف الموقعون على هذه المبادرة وعددهم 120 (بينهم أكاديميون ومحامون وصحفيون وطلاب) إلى "دمج جميع مبادرات" المنظمات القريبة من الحراك.

وبالنسبة لآيت حمادوش، فإن "هذه القوى الناشئة اليوم هي بذور الأحزاب والنقابات ومنظمات الغد. ومن الطبيعي والمفيد أن يسمح الحراك بميلاد طبقة سياسية جديدة".