الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

صرخة مريضة بعد رفض مستشفيات استقبالها: "الله يساعد يلّي ما عندو حدا"

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
صرخة مريضة بعد رفض مستشفيات استقبالها: "الله يساعد يلّي ما عندو حدا"
صرخة مريضة بعد رفض مستشفيات استقبالها: "الله يساعد يلّي ما عندو حدا"
A+ A-

ما يجري داخل جدران المستشفيات وأروقتها يبقى سرّاً بداخلها، صحيح أننا نعرف بعضها عندما يُقرر بعض المرضى رفع صوتهم ومشاركة تجاربهم وقصصهم الحزينة والموجعة، إلا أن الجزء الأكبر يبقى مدفوناً هناك دون جدوى. ما أحدثته المستشفيات من احتجاجات وضجة اعلامية في الآونة الأخيرة كان كفيلاً في تحديث صورة نمطية لقطاع صحي بات اليوم يُحارب الى جانب المريض ضد السلطة وسياساتها المالية والإنسانية. صرخة الأطباء حركت شيئاً في داخلنا، بمعزل عن دوافعهم، المريض موجوع والطبيب "مخنوق" والمستشفيات على شفير الإفلاس لو بقي مصرف لبنان ووزارة المالية على قراراتمها السابقة، غير أن البشرى السّارة بالأمس اخترقت الجرح وأعادت الأمور الى نصابها الطبيعي. 

بالأمس، تبلّغ تجمّع مُستوردي الأجهزة والمُستلزمات الطبية، من حاكم مصرف لبنان تعديل القرار الرقم 13152 الذي يُحدّد نسب القطع بالعملة الأجنبية، وقضى التعديل بأن تؤمن المصارف 85% من قيمة الفواتير، على أن يؤمن المستوردون الـ 15% من السوق، بعد أن كان عليه تأمين نسبة الـ 50% المُتبقية من السوق. وفي انتظار ما سيحدثه هذا القرار من ايجابية و"تنفيسة" على الواقع الاستشفائي، تبقى صرخة المرضى الوجع الأكبر في هذه الأزمة.

نقص المستلزمات الطبية أرخى بظلاله على غالبية المستشفيات، ما نعرفه أقل بكثير مما هي الحالة عليه، تُشاركنا قريبة أحد المرضى معاناة الانتقال من مستشفى الى آخر لإجراء جراحة بسبب تعذر وجود المعدات الطبية. حالة انسانية من أصل قصص كثيرة لمرضى يواجهون مشاكل تقنية تحول دون تلقيهم العلاج المطلوب أو انتقالهم الى مكان آخر لتأمين اللازم. 

تروي زوجة شقيق المريضة  لـ"النهار" أن حياة كانت في زيارة عندما سقطت وكسرت وركها. اتصلنا بنا قبل أن نطلب الصليب الأحمر لنقلها الى أحد مستشفيات المنطقة. لكن المشكلة كانت في رفض المستشفيات في طرابلس على استقبالها لأنها على حساب الوزارة  تحت ذريعة نهاية آخر السنة. لم يكن أمامنا خيارات كثيرة، توجهنا الى مستشفى القبة الحكومي حيث خضعت لفحوصات وصور كشفت وجود كسر في وركها وضرورة إجراء جراحة لها. غير أن المستشفى أعلمتنا عن استحالة وجود الورك الاصطناعي لديها وعلينا تأمينه حتى يتمكنوا من القيام بالجراحة."

لم تكن العائلة بوارد شراء الورك وتأمينه لأسيما ان وضعها المادي عادي جداً، لذلك كان عليهم أن يبحثوا عن بديل. اتصلوا بالمستشفيات ووقع الخيار على مستشفى الكورة حيث تمّ نقلها الى هناك بعد توفر المعدات الطبية اللازمة للجراحة. تقول قريبتها "الحمدلله وجدنا مستشفى ونجحنا في اجراء الجراحة لها. كان يصعب على المريضة حياة أن تواجه كل هذه المطبات قبل أن تجد البديل في الكورة، ما عاشته ليس سهلاً، ما جعلها تردد عبارة واحدة "الله يساعد يلي ما عندو حدا ورا". 

المعاناة التي يعيشها المريض لا تختلف كثيراً عن معاناة الأطباء، هم أيضاً يدفعون ثمن شحّ الدولار ونقص المستلزمات الطبية التي فرضت نفسها على القطاع الاستشفائي بكل اختصاصاته. وفي هذا الصدد، يشرح الإختصاصي في جراحة العظام والمفاصل الدكتور داني معربس لـ"النهار" أبرز المشاكل التي يواجهها في هذه الأزمة قائلاً " نعاني من 3 معوقات ومسببات أدت الى الوصول الى هذه المرحلة الصعبة وحتى تأجيل الجراحات أو تحويل المريض الى مسشتفى آخر. 

1- المشكلة الأولى تكمن في زيادة فرق الضمان بسبب ارتفاع سعر الدولار، الأمر الذي دفع بالمستشفيات الى زيادة التسعيرة على المريض دون وضع سقف محدد لهذه الزيادة. هذا الواقع جعل فرق الضمان يختلف عما كان سابقاً، على سبيل المثال فرق الضمان الذي كان يبلغ حوالى 300-400 الف ، وصل اليوم الى 800-9000 ألف، ويعود السبب الى أن شركة المعدات والمستلزمات الطبية زادت التسعيرة على المستشفيات نتيجة فرق الدولار وبالتالي زادت المستشفى الفاتورة على المريض.

2- نقص في القياسات أو الاستعانة بقياسات أخرى لإنقاذ المريض: هناك غياب فاضح ونقص في المعدات الطبية ومن بينها المعدات الخاصة بجراحة العظام ولاسيما البراغي. وهذا الواقع دفعنا إلى الاستعانة بالقياسات الموجودة لتلبية المريض والتخفيف من آلامه في حالات الكسور حتى لو كانت أصغر من قياس المريض. صحيح أنه ليس خياراً طبياً نعتمده عادة لكن في هذه الظروف وفي ظل النقص في المعدات، نضطر إلى الاستعانة بالموجود لإنقاذ المريض.

3- تأجيل الجراحات غير الطارئة: تقوم المستشفيات على تأجيل الجراحات غير الطارئة برغم من وجع المريض بعد تعذر تأمين المستلزمات الطبية أو قدرة المستشفيات على الدفع نقداً لمستوردي الأدوات الطبية. وفي ظل صعوبة دفع المريض وعدم استحصال المستشفيات على أموالها من الوزارة، تضطر المستشفى الى تأجيل الحالات الى شهر أو شهرين في انتظار ما ستؤول اليه الأمور. 

اذاً، الكرة اليوم في ملعب المصارف ووزارة المالية، فهل تنفرج الأزمة المالية وتُنقذ المستشفيات كما المرضى من "الموت البطيء" على أمل أن لا نشهد على خاتمة حزينة قبل ذلك. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم