السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

لبنان الحقيقة مقبل!

الأب صلاح أبوجوده اليسوعي
Bookmark
لبنان الحقيقة مقبل!
لبنان الحقيقة مقبل!
A+ A-
لا نستحمّ في مياه النهر نفسه مرّتَين"(هيراقليطس)ما لم يكن في حسبان الطبقة السياسيّة التقليديّة حصل، ألا وهو الانتفاضة على سياساتها التي انحصرت في إطار نظام طائفيّ بدا لها ثابتًا لا يتغيّر بالرغم من اختلاله. غير أنّ اللافت هو عجز الطبقة المذكورة عن إدراك أبعاد الانتفاضة الشعبيّة وتأثيرها في النظام القائم، وهذا يتجلّى في سياستَين مختلفتَين تنتهجهما تجاهها: سياسة أُولى تهدف إلى تطويق الانتفاضة، من طريق قمعها والتضييق على الناشطين فيها، أو تطييفها، أو اتّهامها بالعمالة لقوى خارجيّة، وسياسة ثانية تسعى لتوظيفها لمصالح حزبيّة أو مذهبيّة أو مناطقيّة من خلال تكثيف حضور الحزبيّين المتشدّدين في أوساط الحراك الميدانيّ، فيحرفونه عن حياده. ويُرافِق هاتَين السياستَين كلام كثير على إخفاق تلك الانتفاضة نفسها في ترجمة اندفاعها العفويّ العابر الطوائف والمناطق في خطاب يُرسي أسس التحوّل الذي أحدثته في الحياة الوطنيّة والسياسيّة، وفي رؤية واضحة وبرغماتيّة لمطالبها الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة.ولكنّ هذه المواقف تبقى على سطح الحدث فقط. ذلك أنّ الانتفاضة تُعبِّر، قبل كلّ شيء، عن تغيُّرٍ في ذهنيّة شريحة واسعة من اللبنانيّين، وبوجه خاصّ في أوساط الشبيبة، لا رجعة عنه؛ وبالتالي، لا يتوقّف استمرارها على إمكانيّة المحافظة على حماسة التحرّكات الشعبيّة، أو القدرة على مقاومة قمعها، أو صياغة مطالب محدّدة وإبراز طرق تنفيذها. فبالرغم من أهميّة هذه الأمور، تشبه الانتفاضة بركانًا انفجر من باطن النظام القديم القائم، ومن طريقة إدارته طوال عقود. وبصرف النظر عن غموض نتائج هذا الانفجار أو وضوحها النسبيّ، فمن الثابت أنّ النظام القائم قد أصبح غير قابل للحياة، وتجاوزه بات مسألة وقت. بالطبع، سيكون هنالك خيبات وانتصارات، وانحرافات ومثابرات، ولكنّ العناصر الباطنيّة المتحوّلة التي بلغت حرارتها حدًّا أدّى إلى انفجارها وإلى ولادة ذهنيّة جديدة، حدث نهائيّ.لا شكّ في أنّ جملة عوامل متداخلة بطريقة معقّدة ساهمت في بلوغ تلك...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم