الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ردّ قنبلة بيده فانفجرت... علي بعد النجاة من البتر لـ"النهار": "ما بقى عندي شي إخسرو"

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
ردّ قنبلة بيده فانفجرت... علي بعد النجاة من البتر لـ"النهار": "ما بقى عندي شي إخسرو"
ردّ قنبلة بيده فانفجرت... علي بعد النجاة من البتر لـ"النهار": "ما بقى عندي شي إخسرو"
A+ A-

لم يكن علي الهيبة (18 عاماً) يعرف أن هذه الليلة ستكون مختلفة بكل شيء عن سابقاتها منذ 3 أشهر، هو الذي كان حاضراً منذ بدء الانتقاضة، وجد نفسه ليل السبت - الأحد في غرفة الطوارئ، يحمل يده المتناثرة التي اخترقتها قنبلة صوتية. هو الذي كان يركض وراء حلم لبنان جديد، وجد نفسه فجأة يركض باتجاه أحد المسعفين لإنقاذ يده التي تنزف. 

توجهنا إلى المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية- مستشفى رزق لمقابلة علي الذي ما زال يتلقى العلاج، في تلك الأروقة تشهد على قصص كثيرة. في غرفته الموجودة في الطابق الخامس ينتظرنا علي بابتسامة لم تفارق وجهه. علي الذي لم يتخط 18 عاماً لديه الكثير ليقوله بالرغم من صغر سنه، يروي لـ"النهار" تفاصيل ما جرى معه في تلك الليلة قائلاً : "عندما شاركت في الانتفاضة وقررتُ النزول إلى الشارع كنتُ قد وصلتُ إلى مرحلة لم يعد لدي شيء لأخسره. لم نعدّ نملك ثمن الطعام، حالتنا تعيسة ونعيش في وضع صعب جداً. لكن هذه المرة كانت مختلفة عن باقي المرات، صحيح أنه كان هناك شغب من قبل بعض المتظاهرين الجدد من رمي حجارة وكل ما كان أمامهم، فجاء الردّ أكثر قساوة من خلال رمي قنبلة صوتية، حتى المياه التي كانوا يرموننا بها كانت ممزوجة بمادة حارقة. كنا نعجز عن فتح عيوننا، حتى كل من يقترب مني ويلمس وجهي يشعر بالحريق نتيجة هذه المادة".

ويتابع علي: "كنتُ أنظر أمامي عندما وجدتُ شيئاً أشبه بكرة بيضاء تتجه صوبي، وكردة فعل بديهية رفعتُ يدي لأحمي وجهي فانفجرت القنبلة في يدي. بقيتُ متماسكاً وركضت بحثاً عن أي مسعف، وقد رافقني أحد الأشخاص المتواجدين في الساحة، ووصلنا الى أقرب نقطة عند الدفاع المدني، وطلبتُ منهم مساعدتي "دخيلكم شوفولي إيدي". توجه الدفاع المدني بي من الساحة إلى مستشفى رزق، وفي الطوارئ بدأت أكتشف فظاعة يدي وما أحدثته هذه القنبلة من أضرار فيها. أذكر جيداً كلمات التشجيع التي قيلت لي من أناس لا أعرفهم "ما تخاف، وشدّ حالك.."، عندما نظرتُ إليها قلتُ في نفسي" الله لا يسامحهم". 

كانت يدي في تلك اللحظة متماسكة بصعوبة، أصابعي مشتتة واصبع الباهم في غير مكانه، ولكن جواب الطبيب بعد معاينته لي جعلني أرتاح. خضعت لجراحة وسأغادر غداً المستشفى. المهم اليوم المحافظة على نظافة الجرح تفادياً لأي التهاب، وسيتوجب علي مراجعة الطبيب كل يومين في البداية ومن ثم كل أسبوع لمعاينة الجرح والتأكد من نظافته وصحته. أعرف جيداً اني كنتُ سأخسر يدي نتيجة ما جرى، إلا أني لا أندم على مشاركتي، "لقد خسرنا أشيا كتير ما بقى عنا شي نخسرو. ما بدنا شي غير يحسوا فينا، جعنا وتعبنا وهلكنا". 

من جهته، يشرح الاختصاصي في جراحة القدم واليدين في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية - مستشفى رزق الدكتور سيزار يمين أن "الشاب علي وصل الى الطوارئ وهو يعاني من إصابة انفجارية، وكانت الاصابة بليغة جداً خاصة في أصبع الباهم والأصبع الثاني. وعندما تكون الإصابة انفجارية نشهد على تمزق ولكن نجحنا في وصل العضلات والأوردة والشرايين وجزء من الأعصاب. وبعد 48 ساعة، كشفتُ عليه اليوم ويمكن القول إننا نجحنا في إنقاذ يده بنسبة 95%، هو اليوم قادر على تحريك أصابعه وإيصال الدم إلى كافة أطراف يده. عامل الوقت ساعدنا في انقاذ يده أيضاً وهو عامل رئيسي في حادثة البتر أو شبه البتر، والذي يتراوح بين 6 الى 8 ساعات، كما يمكن أن يبقى العضو المبتور جيداً ( بين 8 الى 12 ساعة) في حال تمّ ربطه بلفافة ووضعه في الثلج. علينا ان نعرف أنه كلما وصلنا أسرع أنقذنا العضلات والأوردة وبالتالي حركة اليد".

ويتابع يمين: "نحن اليوم يهمنا متابعة يده خوفاً من التهابات نتيجة البارود الموجود في القنبلة. وسيتمكن من بعد انتهاء فترة المراقبة والشفاء من تحريك يده بشكل طبيعي. عملية الشفاء ستسغرق شهراً ومن ثم سيخضع الى علاج فيزيائي في حال لم يُصب بأي التهابات. الجراحة التي استغرقت 3 ساعات، نجحنا في وصل الشريان الأساسي والعضلات والأوتار المقطوعة والمفصل الأساسي الابهام أعيد إلى مكانه بعد أن كان مخلوعاً. وقد نضطر لاحقاً إلى إجراء جراحة زرع جلد ولكن في الوقت الحالي علينا تمرير أسبوعين دون حدوث أي التهابات". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم