الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الحب ليس بأعمى

المصدر: النهار
نورهان البطريق
الحب ليس بأعمى
الحب ليس بأعمى
A+ A-

الحب لا يعمي أحداً، فالمحب أدرى الناس بالهالات السوداء والوجه الشاحب والأظافر المقضومة، وعلى الرغم من ذلك، يظل مفتوناً بمحبوبته، لأنه يؤمن أنه ما من إمرأة على وجه الأرض يمكن أن تضاهيها جمالاً، ولا يوجد لها شبيه يمكن أن ينافسها في حُسنها، والسبب في ذلك أن المحب يملك عيناً تختلف عن أعين الآخرين، فالجميع ينتقد الملامح، لأن أعينهم مهمتها الرؤية المجردة وحسب، بينما هو من يملك تلك النظرة النادرة التي لا يلتفت بها لها إلا المهتمون، فهو ينجذب إليها دون غيره لأنه على دراية كاملة بجمال تفاصيلها، لأنه وجد معها ما كان يفتقده، فعندما حضرت إلى عالمه أحدثت له حالة من الإشباع الوجداني، شعر معها بالاكتفاء الذي جعله قادراً على الاستغناء عمن حوله دون سواها، فقد كانت في كل موقف يجمع بينهما تلعب دوراً مختلفاً تارة تتحلى بالهدوء والرزانة لتتجاوز معه أوقات محنته، وتارة أخرى تتحلى بروح الطفلة التي تمرح وتضحك في محاولة منها لتنسيه متاعبه، وكثيراً ما كانت تغضب وتهجره لاسيما عندما تستعر نيران الغيرة بين حنايا قلبها.

فالمحب قبل أن يلتقي بمحبوبته، كانت حواسه تقوم كل منها بدورها المنوط بها، ولكن بعدما التقى بها فإنه يسخرها جميعها في التعبير عن حبه لها، يصبح كل شيء زاهياً بعدما كان في الماضي قاتماً. كذلك عقله يصبح يقظاً أكثر ويولي الأمور أهميتها من أجل من يحب، بعدما كان يتعمد الإهمال، ويجعل أولوياته جميعها في طي النسيان، فالقلب الذي ينبض من أجل أن يعيش فقط، أصبح الآن يخفق من أجلها، فقد استوطنت بين جوارحه، بعدما كان غريباً تائهاً هائماً على وجهه، أصبح اليوم مستقراً لاسيما عندما وجد ضالته، وكذلك نجح في أن يعثر على الوطن الذي تاق إليه كثيراً ليؤويه، فقد كان حالماً إليه ليؤنسه بعد رحلة طويلة من الوحشة والافتقاد.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم