الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تعرفوا إلى قرية "لا تشغل بالك" في كوريا الجنوبية!

جاد محيدلي
تعرفوا إلى قرية "لا تشغل بالك" في كوريا الجنوبية!
تعرفوا إلى قرية "لا تشغل بالك" في كوريا الجنوبية!
A+ A-

يعاني الشبان والشابات الكوريون الجنوبيون من مشاعر خيبة أمل وضغط نفسي كبير بسبب ضغط العمل، ويقومون حالياً بمقاومة الأفكار التقليدية، المتعلقة بسبل تحقيق النجاح في المجال المهني وكيفية تحمل المسؤوليات الاجتماعية. ولهذا السبب تنشأ في بلادهم حالياً مشروعات وشركات، تعزز قدرتهم على التحلل من هذه الأفكار التقليدية. ويقع أحد هذه المشروعات في مدينة موكبو بجنوب غربي كوريا الجنوبية، ويحمل اسم "قرية لا تشغل بالك". وأُقيم هذا المشروع عام 2018، بدعم حكومي استهدف وقتذاك تطوير المباني غير المُستخدمة في تلك المدينة. ويُدار في الوقت الحاضر من جانب مجموعة من الشبان في العشرينيات والثلاثينيات، ويحمل شعار "لا بأس في أن تستريح، ولا ضير في أن تفشل". ويتألف المشروع من مبان متناثرة في زوايا موكبو، كانت في وقت ما خاوية، قبل أن يُعاد تحويلها على يد عدد من الشبان ذوي الروح الابتكارية، إلى مطاعم ومقاهٍ ومعارض للأعمال الفنية واستوديوات لإنتاج الوثائقيات.

وتسمح تلك "القرية" للشبان الكوريين الجنوبيين المنهكين من جهود البحث عن عمل، بأن يقضوا فيها عدة أسابيع، يناقشوا خلالها بصراحة ودون خجل إخفاقاتهم السابقة، ويمارسون كذلك تجربة إنشاء مشروعاتهم الخاصة. ويشعر البعض من هؤلاء بأن هذا المشروع يمثل فرصته الثانية في الحياة للبدء من جديد. يسعى جدول الأعمال في هذه القرية إلى أن يستعيد المرء شعوره بالمجتمع الذي يعيش فيه، وأن يعتاد تناول الطعام مع الآخرين بشكل جماعي، وأن يخصص وقتاً لنيل قسط من الراحة والابتعاد عن ضغط المجتمع. وقد نشأ المشروع على يد بارك مايونغ-هو (33 عاماً) وهونغ دونغ-وو (34 عاماً). ويقول بارك إن مشروعهما "يطمح إلى تجسيد مفهوم ثقافي في كوريا الجنوبية يُعرف باسم `سواكينغ` يحتفي بلحظات السعادة القصيرة ولكن المؤكدة التي يمر بها الإنسان". ويضيف: "يبحث الجيل الشاب من الكوريين الجنوبيين عن تجسيد هذا المفهوم، بدلاً من الهوس بتحقيق إنجازات كبرى". ويضرب بارك مثالاً على لحظات السعادة الصغيرة هذه بالقول إنها قد تتمثل في الاستمتاع بتناول "شريحة من كعكة الجبن أو تأليف أغنية أو كتاب. أي أن تقوم بشيء ربما يكون صغيراً في حد ذاته، لكنه ملكك أنت بالكامل في الوقت ذاته".

يشار الى أنه تشهد كوريا الجنوبية منذ سنوات "مفارقة سكانية"، فمتوسط أعمار سكانها يزيد بسرعة، في تناقض صارخ مع تدني معدلات الخصوبة في أراضيها، ليصبح الأقل من نوعه في العالم، وهو ما يتواكب مع انخفاض عدد الزيجات في الوقت نفسه. وعلى الرغم من أن الدولة تشتهر بموسيقى البوب والتجميل، الا أنها لا تخفي حقيقة أكثر قتامة في المجتمع، تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة بسرعة الصاروخ بين الشبان، وأن ساعات العمل في هذا البلد ربما تكون الأكثر عدداً بين الدول المتقدمة. ويعتبر مواليد الألفية في كوريا الجنوبية أنفسهم جزءاً مما يُعرف بـ "جيل سامبو"، وهو مصطلح جديد يُترجم إلى "جيل التضحيات الثلاثة". ويعني هذا المصطلح أنه يتعين على الشبان الكوريين الجنوبيين، التضحية بإقامة علاقات اجتماعية أو غرامية وبالزواج وإنجاب الأطفال كذلك، من أجل تحقيق النجاح في الحياة، وذلك في ظل اقتصاد يشهد منافسة ضارية. لكن المشكلة أن قائمة التضحيات، لم تقتصر على هذه الأمور فحسب، بل سرعان ما شملت عددا أكبر بكثير منها، بما في ذلك الاستمتاع بالحياة الاجتماعية، والنجاح في امتلاك منزل خاص الذي أصبح يعتبر حلماً لهم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم