الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

"عدوى الانتحار"... يجب الالتزام بأخلاقيات نقل الخبر

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
"عدوى الانتحار"... يجب الالتزام بأخلاقيات نقل الخبر
"عدوى الانتحار"... يجب الالتزام بأخلاقيات نقل الخبر
A+ A-

مع اشتداد الأزمة وزيادة أعبائها على المواطن، زادت في الوقت نفسه الضغوط النفسية بشكل واضح، وسادت أجواء الإحباط والاكتئاب إلى حد كبير. أيضاً وأيضاً شهدنا ارتفاعاً في معدلات حالات الانتحار، أو على الأقل تلك المعلنة منها. كما لا يمكن أن ننكر أن الفترة الأخيرة شهدت تغييرات عديدة في هذا الإطار، سواء في النظرة إلى الانتحار أو في طريقة التعاطي معها وصولاً إلى الوسائل المعتمدة في الانتحار. يشير الاختصاصي في الصحة النفسية والمعالج النفسي والطبيب الدكتور ميشال نوفل إلى مبدأ "عدوى الانتحار" Suicide contagion إذ إن التركيز على حالات الانتحار وتسليط الضوء عليها قد يساهمان في ارتفاع معدلاتها في المجتمع. هي نظرة جديدة تتطلب من وسائل الإعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي التعاطي بمزيد من التأني مع هذا الموضوع الدقيق والحساس الذي لا يمكن الاستخفاف به.

دراسات أوروبية وأميركية عديدة أكدت على ارتفاع معدلات الانتحار مع تسليط الضوء عليها انطلاقاً من مبدأ عدوى الانتحار هذه إلى من لديهم استعداد لذلك. وانطلاقاً من ذلك حرصت المجتمعات على توجيه وسائل الإعلام حول سبل التعاطي مع موضوع الانتحار بطريقة صحيحة، ما ساهم في انخفاض معدلات الانتحار عندها. "ليس تسليط الضوء على حالات الانتحار وحده العامل المسبب، بل إن الطريقة المعتمدة في النقل تلعب دوراً مهماً أيضاً، ما يفسر انخفاض المعدلات لدى اعتماد الطرق الصحيحة والمناسبة. بحسب إحصاءات قوى الأمن في لبنان، ثمة محاولة انتحار كل 3 أيام. وحتى شهر آب/أغسطس 2019 تشير أرقام  قوى الأمن إلى أن معدل حالات الانتحار في لبنان كان حوالي 125 حالة انتحار معلنة. فيما لا تتوافر ارقام جديدة حتى اليوم. علماً أنّ ثمة حالات لا يعلن عنها لأسباب اجتماعية ودينية".

الرجل يقدم على الانتحار أكثر من المرأة

بات معروفاً أن ثمة من يتجهون إلى الإنتحار على أثر معاناتهم من اضطراب نفسي مشخّص، وتصل نسبتهم إلى 80 أو 90 في المئة من الحالات، بحسب نوفل. في المقابل، إن نسبة 10 أو 15 في المئة من الحالات قد يتم التوجه إلى خطوة الانتحار، حتى في حال عدم وجود اضطراب نفسي مسبق مشخَّص. "في هذه الظروف التي نمرّ بها، وفي ظل الأزمة الحالية ازدادت نسبة الانتحار التي لا يُعتبر الاضطراب النفسي سبباً لها. قد تكون حالة التوتر الزائد والضغوط النفسية الزائدة على المواطنين الدافع حتى يفقد الفرد القدرة على التفكير المنطقي وإن كان لا يعاني اضطراباً نفسياً. يبدو هذا الوضع استثنائياً، فينتج الانتحار عن ارتفاع معدلات الضغوط النفسية. صحيح أن احتمال الإقدام على الانتحار يزيد لدى من يعاني اضطراباً نفسياً، لكن في ظل الظروف التي نمر بها يمكن الإقدام على الانتحار بسبب الضغوط النفسية والتوتر لا بسبب الاضطراب النفسي".

يشير نوفل إلى أن الرجل يقدم على الانتحار أكثر من المرأة. وإن كانت ثمة محاولات أكثر لدى المرأة، إنما الرجل يقدم على الخطوة فعلياً، خصوصاً أن وسائل الانتحار التي يلجأ إليها تُعتبر أكثر خطورة وعنفاً.

إلى وسائل الإعلام

إنجاز الـscoop قد يكون هدفاً لكل وسيلة إعلامية أو إعلامي. لكن في هذه الحالة الدقيقة تحديداً، يشدد نوفل على أهمية عدم التعاطي مع الموضوع باستخفاف وعدم الانجرار وراء فكرة السبق الصحفي في التغطية.

-ثمة تفاصيل يجب عدم ذكرها.

-بدلاً من التركيز على الحدث بذاته وعلى الظروف الصعبة التي تحيط به، يُفضَّل تقديم الحلول التي قد تساعد أي شخص آخر يمكن أن يفكر بالانتحار، كالاتصال على الخط الساخن 1564 الذي يمكن أن تقدَّم فيه المساعدة لمن لديه أفكار انتحارية.

-يجب عدم ذكر اسم الشخص الذي أقدم على الانتحار

-يجب عدم ذكر المكان الذي أقدم فيه على الانتحار

-يجب عدم ذكر الوسيلة التي اعتمدها للانتحار

-عدم إبراز صور الشخص الذي أقدم على الانتحار

-احترام خصوصية العائلة وعدم التوجه إليها مباشرةً بالكاميرات سعياً وراء السبق الصحفي. فما حصل أدى إلى خسارة كبرى للعائلة، والانتحار هو أصعب أنواع الخسارة هنا. ويُعتبر التصوير فيما تكون العائلة تحت وقع الصدمة، منافياً للأخلاق. إضافةً إلى أنه يمكن التعبير بطريقة تكون تحت أثر الصدمة، فيندم الشخص لاحقاً على أمور قالها. الهدف الأساسي هنا حماية الصحة النفسية لأفراد العائلة الذين خسروا شخصاً عزيزاً.

-يجب أن يكون الإعلامي مطلعاً ويعرف جيداً كيفية نقل حدث من هذا النوع

من جهة أخرى، يشير نوفل إلى أن كل شخص مسؤول اليوم في هذا المجال، إذ بإمكان كل شخص أن يقوم بنقل الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي يمكن من خلالها النشر. فيجب عدم الاستخفاف بهذا الموضوع أو الاستهزاء به لدقته، كما حصل أخيراً. فهذا غير مقبول احتراماً لمن أقدم على الانتحار ولأفراد عائلته، إذ إن هذه الخسارة هي من أصعب الخسائر.

Do &Don’t في نقل الحدث

وضعت منظمة الصحة العالمية مجموعة من المعايير والتوجيهات تتعلق بنقل خبر الانتحار

Do

-تقديم معلومات دقيقة حول كيفية الحصول على المساعدة في حال وجود أفكار انتحارية

-توجيه الرأي العام وتثقيفه حول موضوع الانتحار والحقائق حوله وطرق الوقاية منه من دون نشر الأخبار الكاذبة والشائعات

-نشر معلومات حول سبل التعاطي مع التوتر ومع الأفكار الانتحارية وكيفية الحصول على المساعدة

-يجب الحرص الشديد والتأني لدى نقل أخبار تتعلق بانتحار أحد المشاهير

-يجب الحرص أثناء إجراء مقابلات مع أفراد عائلة الشخص الذي أقدم على الانتحار

-يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الإعلاميين أنفسهم قد يتأثرون سلباً بأخبار الانتحار التي يمكن أن تنعكس على صحتهم النفسية.

Don’t

-نقل أخبار الانتحار عشوائياً وقصصها بشكل متكرر

-استعمال لغة تشجع على الانتحار أو تقدّمه كحلّ

-شرح الحالة مع كافة التفاصيل الدقيقة والطريقة التي تمت فيها الخطوة

-تقديم تفاصيل عن الموقع الذي تم فيه الانتحار

-استخدام العناوين الرنانة لحدث من هذا النوع

-التقاط الصور والفيديو ووضع الروابط المتعلقة بالموضوع على وسائل التواصل الاجتماعي.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم