السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

نحن في قلب الكارثة... "المستشفيات تضع مقاسات أدوات طبيّة غير ملائمة لإنقاذ حياة المريض"

المصدر: "النهار"
ل.ج
نحن في قلب الكارثة... "المستشفيات تضع مقاسات أدوات طبيّة غير ملائمة لإنقاذ حياة المريض"
نحن في قلب الكارثة... "المستشفيات تضع مقاسات أدوات طبيّة غير ملائمة لإنقاذ حياة المريض"
A+ A-

الكارثة الصحية التي كان يتخوّف منها المعنيون ويحذرون منها، أصبحنا اليوم في قلبها وقبل الموعد المتوقع. دق نقيب المستشفيات كما مستوردو الأدوية والمستلزمات الطبية ناقوس الخطر مراراً وتكراراً، إلا أنهم لم يلقوا آذاناً صاغية "ولا حياة لمن تنادي". لم يعد الموضوع اليوم مشكلة سيولة فقط، بل حياة مريض باتت مهددة بعد تعذّر استقبال المستشفيات له أو نتيجة نقص في المستلزمات الطبية، وبالتالي اللجوء إلى بدائل أخرى غير مستحبة إلا انها تُنقذ المريض من الموت. 

يعترف نقيب المستشفيات في حديث مع "النهار" أنه "وصلنا اليوم إلى ما كنا نخشاه ونُحذر منه، لم تعد المستشفيات قادرة على استقبال المرضى، لاسيما في العمليات الجراحية نتيجة نقص فاضح في مستلزماتها الطبية. وقد سجلت غالبية المستشفيات رفضها واستحالة القبول بجراحات في العظام بسبب النقص في المستلزمات الخاصة بجراحة العظام التي تعتبر باهظة الثمن من جهة، وعدم قدرة المستشفيات على الدفع نقداً وبالدولار من جهة أخرى".

معدات العظام ليست وحدها الناقصة، هناك أيضاً المستلزمات المتعلقة بالجراحة العامة وتمييل القلب والشرايين. ويكشف هارون أن "ما يجري اليوم أن بعض المستشفيات يضطر إلى إجراء جراحة ووضع قياس قريب إلى حالة المريض في ظلّ تعذّر وجود مقاسات أدوات طبيّة مناسبة لمقاس أعضائه، وذلك بهدف إنقاذ حياة المريض. طبياً لا نعتمد هذا البديل، لكن في مثل هذه الحالة الطارئة، نضطر إلى اللجوء إليها لإنقاذ حياة المريض. وأعترف أننا لم نصل إلى هذه المرحلة السيئة من قبل كما وصلنا اليوم، ولستُ متفائلاً مما قد يأتي بالرغم من الوعود والمساعي التي لمسناها من قبل وزير الصحة جميل جبق. برأيي نحن ننتقل من سيئ الى أسوأ، والآتي أعظم".

لا يخفي هارون خيبته وما آلت اليه الأمور، وبرأيه "أن بعض المسؤولين يعيشون حالة إنكار للواقع وكأنهم في عالم افتراضي. اليوم اجتمعنا مع وزير الصحة الذي وعدنا بأنه سيبحث الموضوع مع حاكم مصرف لبنان بغية تقديم تسهيلات بما يتعلق بالاستيراد. كما وعدنا بمراجعة وزير المال والبحث بإمكانية دفع قسم من المستحقات المتوجبة (نصف عام 2018 وكل مستحقات العام 2019). ما يجري أن وتيرة الدفع عند المستشفيات التي تبلغ حوالى 100 مليار ليرة شهرياً أكثر من قيمة الدفع لها الذي يبلغ حوالى 70 ملياراً (التي تُدفع كل شهرين) ما يؤدي الى تراكم الدين. نحن اليوم ننتقل من سيئ إلى أسوأ، لا ألمس حلولاً قريبة لكن آمل أن يتوصل المعنيون الى إيجاد حلول في القريب العاجل ونُنقذ حياة المرضى في المستقبل". 

يحاول وزير الصحة التقاط كرة النار وسيسعى إلى إيجاد الحلول، ومنها مراجعة وزارة المال وامكانيتها في تسديد جداول المستحقات الموجودة لديها، ومع ممثلين عن تجمع مستوردي المعدات الطبية لاجتراح آلية تضمن استلام المعدات وتسديد ثمنها. هذا الواقع الذي مضى عليه أكثر من شهرين، ما زال يراوح مكانه. وفي متابعة سابقة، أكدت مصادر وزارة المال أنه "تمّ تحويل كل مستحقات المستشفيات والمساهمات إلى المصارف. لكن في ظل إقفال المصارف، كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة؟. "هذه ليست من مسؤوليتنا، لا يمكننا ابتكار آلية لتصريفها، الموضوع عند المصارف وليس عند وزارة المال من خلال تأمين حاجات أساسية وطارئة. علماً أن المساهمات دُفعت بالكامل، بالإضافة إلى المستحقات المتوجبة، منذ فترة دفعنا كل ما كان في وزارة المال، وبالأمس تمّ تصريف كل الملفات الخاصة من وزارة الصحة، أضف إليها المساهمات". 

هذا ما أعلنته سابقاً مصادر من وزارة المال في حديث لـ"النهار" في 16 تشرين الثاني 2019، ولكن فتحت المصارف أبوابها بعد ذلك، إلا أن أحداً لم يأخذ مستحقاته. وبين عدم قبض المستحقات ورفض مستوردي المستلزمات الطبية تسليم معداتها إلا بعد نيل حقها وبالدولار، ندور في دوامة مفرغة في انتظار ما ستؤول اليه الاجتماعات الجديدة التي وعد بها وزير جبق في اجتماعه اليوم. علماً أن مستوردي المسلتزمات الطبية يُطالبون مصرف لبنان بإنصافهم كما هي الحال مع مستوردي الأدوية وعدم المضي بقرار تأمين الـ50% المطلوبة بالدولار الأميركي من السوق. وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه من يضمن عدم وفاة أي مواطن بعد استحالة معالجته جراحياً في ظل تقاذف المعنيين المسؤولية في ما بينهم؟!

هذا وقد استقبل الوزير جبق وفداً من أصحاب المستشفيات الخاصة برئاسة سليمان هارون بحضور النائب فادي علامة، وتناول البحث تطورات الأوضاع في هذه المستشفيات في ظل الضائقة الاقتصادية والمالية التي يشهدها لبنان. وأعلن هارون بعد الاجتماع أن المشاكل الأساسية للقطاع تتلخص بالآتي:

أولا- التأخر في تسديد مستحقات المستشفيات حيث تعادل الجداول الخاضعة للتدقيق والموجودة في وزارة المالية والجاهزة لأن تدفع، حوالى خمسمئة مليار ليرة.

ثانيًا- في الجهات الضامنة يتم تسعير المعدات والمستلزمات الطبية على أساس 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد. وهذا يعني عدم قدرة المستشفيات على الاستحصال على هذه المعدات والمستلزمات بالسعر الرسمي، خصوصًا أن وكلاء هذه المستلزمات يطلبون من المستشفيات تسديد ثمنها نقدًا عند التسليم، في وقت أن المستشفيات تنتظر سنوات للحصول على مستحقاتها.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم