الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هل اجتاز ترامب "أصعب 48 ساعة" من ولايته؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
هل اجتاز ترامب "أصعب 48 ساعة" من ولايته؟
هل اجتاز ترامب "أصعب 48 ساعة" من ولايته؟
A+ A-

"فلنعقد صفقة"

كانت كاثلين ترويا ماكفرلاند، النائبة الأولى السابقة لمستشار الأمن القوميّ والتي ساهمت في صياغة حملة الضغط الأقصى خلال الأشهر الأربعة التي قضتها في منصبها، قد وصفت في الثامن من الشهر الحاليّ الساعات الثماني والأربعين التالية بأنّها "الأهمّ في رئاسة ترامب".

بنت ماكفرلاند تقديرها على أنّ تلك الساعات ستودي بالمنطقة إلى تصعيد كبير أو إيجاد سبيل لكلا الطرفين كي يتراجعا عن الهاوية والدفع نحو العلاقات إلى اتّجاه جديد بالكامل. في مقالها الذي نشره موقع شبكة "فوكس نيوز"، أشارت إلى الردّ الإيرانيّ كان أدنى ردّ ممكن على الولايات المتّحدة وعبّر عن دعوة إيرانيّة مفادها: "فلنعقد صفقة".

ردّ رمزيّ

حاولت إيران الردّ بطريقة تحفظ ماء الوجه من دون المخاطرة بتلقّي نظامها ضربات أميركيّة مباشرة تهدّد وجوده. هاجمت قاعدة عسكريّة بارزة في العراق، سبق لترامب أن زارها في كانون الأوّل 2018 وهي ثاني أكبر القواعد العسكريّة الأميركيّة في البلاد. واستهدفت أيضاً قاعدة ثانية في إربيل من دون وقوع إصابات في الأرواح.

يمكن أن يكون الردّ على إربيل رسالة سياسيّة أيضاً للنوّاب الأكراد الذين رفضوا حضور الجلسة البرلمانيّة التي صوّت فيها المشرّعون على دعوة الحكومة إلى الطلب من الأميركيّين مغاردة العراق. في جميع الأحوال، كان الردّ الإيرانيّ رمزيّاً في إشارة إلى رغبة طهران بعدم التصعيد. واليوم، أعلن قائد الحرس الثوريّ حسين سلامي أنّ الضربات على القاعدة العسكريّة لم تهدف إلى "قتل جنود العدوّ". دفع هذا الأمر ترامب لاعتبار عمليّة الانتقام لا تستأهل تحرّكاً عسكريّاً آخر مكتفياً بفرض عقوبات جديدة. لكنّ استنتاج ماكفرلاند أنّ إيران تريد صفقة قد يكون سابقاً لأوانه أو أنّ مؤشّرات جسّ نبض إيرانيّ بدأت تظهر مع تصريح سلامي.


تقدّم نسبيّ

من أبرز سمات الردّ الإيرانيّ انطلاقه من الأراضي الإيرانيّة لا من إحدى ساحات النفوذ الإقليميّ. مع ذلك، توعّدت "كتائب حزب الله" الولايات المتّحدة بحرب استنزاف، وتوعّد أمين عام "عصائب أهل الحقّ" قيس الخزعلي القوّت الأميركيّة بردّ "أكبر" من الردّ الإيرانيّ. لذلك، تبقى الأمور ضبابيّة على مستوى توقّع ردود عسكريّة من وكلاء إيران الإقليميّين.

عدم اندلاع حرب إقليميّة لا يعني تبدّد التوتّر الأميركيّ-الإيرانيّ. ليس واضحاً ما إذا كان هنالك من إمكانيّة للعودة إلى قواعد الاشتباك السابقة التي جعلت من سقوط القذائف على السفارة أو المصالح الأميركيّة في العراق أمراً معتاداً. لكن سقط اليوم أربعة صواريخ على قاعدة بلد الجوّيّة التي كانت تضمّ أميركيّين قبل أن يغادروها غالبيّتهم عقب التصعيد الأخير. حتى اللحظة، يبدو ترامب في موقف متقدّم نسبيّاً عن ذاك الذي كان يتمتّع به قبل الردّ الإيرانيّ. أثار الديموقراطيّون والصحف المقرّبة منهم مقالات تنذر بالعواقب الوخيمة التي ستنجم عن ضربة ترامب، وقد كانوا مخطئين إلى حدّ كبير. حتى على المستوى الشعبيّ، ليس ما يؤكّد تنامي معارضة كبيرة لقرار ترامب باغتيال سليماني.


هل أيّده الأميركيّون؟

في استطلاع رأي لصحيفة "يو أس أي توداي" بالتعاون مع شركة "إيبسوس"، وجد 52% من المستطلعين أنّ قتل سليماني جعل الولايات المتّحدة أقلّ أماناً. لكنّه بالمقابل أظهر أنّ 42% وافقوا على اغتياله في مقابل رفض 33% لهذه العمليّة، فيما قال 25% إنّهم لا يعرفون. وأشار 53% إلى أنّ عمليّة الاغتيال أثبتت أنّه "لا يمكن تهديد الولايات المتّحدة". وشمل هذا الاستطلاع الإلكترونيّ 1005 راشدين وأجري بين الثلاثاء والأربعاء مع نسبة خطأ تقارب 3.5%

وفي استطلاع آخر لشبكة "مورنينغ كونسالت بول" أجري قبل الردّ الإيرانيّ، وافق 47% من المستطلعين على اغتيال سليماني وعارضه 40%. وقال 69% إنّ قرار الاغتيال يعني الحرب مع إيران وأشار 50% إلى أنّ قرار ترامب جعل الولايات المتّحدة أقلّ أماناً. وشمل الاستطلاع الإلكتروني 1995 شخصاً من الناخبين المسجّلين بين 4 و 5 كانون الثاني مع نسبة خطأ 2%. أمّا بالنسبة إلى ما بعد الضربة الإيرانيّة على القاعدتين العسكريّتين، فقد وجد استطلاع أجرته "أي بي سي/إبيسوس" بين الجمعة والسبت أنّ 56% لا يوافقون على تعامل ترامب مع إيران. لكنّ الاستطلاع الإلكترونيّ شمل 525 شخصاً مع نسبة خطأ تصل إلى 4.8%.

كما ذكر المحلّل في موقع "فايف ثيرتي أيت" لاستطلاعات الرأي ناثانيال راكيتش، لا تزال الآراء حول إيران متقلّبة ويمكن أن يعدّلها السياسيّون أو الإعلام. وبشكل عام، تدير النخب آراء الناخبين في السياسة الخارجيّة وفقاً لراكيتش. وأضاف أنّ الأميركيّين، وبحسب عدد من استطلاعات الرأي السابقة التي أجريت في النصف الثاني من السنة الماضية، يبدون مؤيّدين لضربة عسكريّة ضدّ إيران كخيار أخير لمنعها من الحصول على السلاح النوويّ. وهنالك غالبيّة ضئيلة تؤيّد اغتيال سليماني برغم حذرها من التداعيات.


ثقة

اليوم، ومع تحوّل الاهتمام الإقليميّ والدوليّ إلى إسقاط إيران طائرة مدنيّة بصاروخ أطلقته عن طريق الخطأ، سيخفّ الضغط على الأرجح عن الرئيس الأميركيّ. وإذا فرض الغربيّون عقوبات بفعل إسقاط الطائرة فسوف تدخل إيران عزلة أكبر.

هل يفتح ذلك الباب أمام الإيرانيّين لإطلاق المحادثات مع الأميركيّين، أم يصرّون على انتظار نتائج الانتخابات الرئاسيّة؟ لا يبدو ترامب بعيداً من تصعيد ضغطه على الإيرانيّين لفتح المفاوضات في الأشهر القليلة المقبلة. دعمه علناً التظاهرات الإيرانيّة أحد مؤشّرات هذا الضغط ويعبّر عن ثقة الرئيس الأميركيّ باجتياز المرحلة الأصعب من المواجهة العسكريّة المصغّرة. أمّا نفي إمكانيّة مواجهته ل 48 ساعة مفصليّة أخرى قبل تشرين الثاني 2020 بسبب التوتّر مع الإيرانيّين فأمر لا يمكن حسمه. حتى ولو خرج منتصراً في الاشتباك الأخير.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم