الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

قصة العالمة التي اكتشفت علاجاً للعقم بسبب "غفوة قصيرة"!

جاد محيدلي
قصة العالمة التي اكتشفت علاجاً للعقم بسبب "غفوة قصيرة"!
قصة العالمة التي اكتشفت علاجاً للعقم بسبب "غفوة قصيرة"!
A+ A-

تُعتبر قصة ميريام مينكين مختلفة عن باقي قصص الباحثين والمكتشفين العلميين، ففي شباط 1944، ظلت مينكين البالغة من العمر 43 عاماً، ساهرة طوال الليل في مختبرها تهدهد ابنتها ذات الثمانية أشهر. وفي الصباح، ذهبت إلى معملها كعادتها كل أربعاء لاستخلاص بويضة ووضعها في طبق زجاجي مملوء بالسائل المنوي على أمل أن تتّحد البويضة مع حيوان منوي. كان هدف مينكين آنذاك، بحكم عملها كمساعدة فنية لجون روك، خبير الخصوبة بجامعة هارفارد، هو تلقيح بويضة اصطناعياً خارج الجسم البشري. إذ كان روك يأمل أن يتوصل إلى علاج للعقم الذي شغل حيزاً كبيراً من اهتمام الأطباء لسنوات. واعتادت مينكين أن تضع البويضة والنطفة معاً في أنبوب اختبار لمدة 30 دقيقة. لكن في هذا اليوم، كانت منهكة وتغالب النوم، إلى درجة أنها نامت وظلت قرب البويضة والنطفة لمدة ساعة كاملة دون أن تدري. وتقول مينكين: "بعد ست سنوات من الإخفاق، لا أنكر أن نجاحي كان سببه أنني غفوت قليلاً أثناء العمل". وعندما عادت يوم الجمعة إلى المعمل فوجئت بأن الخلايا التحمت وأخذت في الانقسام، وأتيحت لها الفرصة لإلقاء نظرة على أول جنين بشري ملقّح في أنبوب اختبار.

مهّد هذا الاكتشاف الطريق لظهور تقنيات المساعدة على الإنجاب، والتي بفضلها أصبح بإمكان النساء العاقرات أن يحملن، وأتاحت الفرصة للعلماء مشاهدة المراحل الأولى لنمو الجنين. وفي عام 1978، وُلدت لويز براون، أول طفلة أنابيب في العالم، عن طريق التلقيح الاصطناعي خارج الجسم البشري، وسرعان ما أصبح التلقيح الاصطناعي تجارة مربحة. وحتى عام 2017، ولد 78,052 طفل أنبوب. نجاح مينكين لم يكن محض صدفة، على الرغم من أن نومها ساهم بإنجاح العملية، بل كان محصلة سنوات من الأبحاث والتدرب على المهارات الفنية الصعبة حتى الإتقان، والمثابرة على إعادة التجربة مرات ومرات. ونشرت مينكين بالتعاون مع روك 18 ورقة بحثية، منها تقريران عن أول نجاح لهما في دورية "ساينس". لكنها رغم ذلك، على عكس روك، لم تنل حظها من الشهرة. إذ طالما وُصفت مينكين بأنها فنية معامل ومساعدة أبحاث أو عالمة بيولوجيا، لكنها في الحقيقة لم تكن مجرد مساعدة لجون روك. 

وبالعودة الى حياتها، ولدت ميريام فريدمان مينكين في لاتفيا عام 1901، وانتقلت أسرتها في مرحلة صباها إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث عمل والدها طبيباً وعاشت حياة ميسورة. وكان والدها يأسرها بحكاياته عن العلوم وعن آماله للعثور على علاج لمرض السكري. وحصلت مينكين على بكالوريوس في علم الأنسجة والتشريح المقارن من جامعة كورنيل في عام 1922، ثم حصلت على الماجستير في علم الحيوان من جامعة كولومبيا، لكنها اصطدمت بأولى العراقيل التي منعتها من دراسة الطب. إذ رفضت جامعتان من كبريات الجامعات في البلاد طلبها الالتحاق بكلية الطب، وأغلب الظن أن هذا الرفض كان له علاقة بالتمييز على أساس الجنس. إذ كانت كليات الطب القليلة التي تقبل الإناث تفرض ضوابط صارمة للحد من عدد الطالبات الإناث المسجلات في الكلية. في حين أن بعض الجامعات، مثل هارفارد، لم تقبل إناثاً إلا أثناء الحرب العالمية الثانية. وذكر أحد أعضاء هيئة التدريس، أن قبول الطالبات ينطوي على انتهاك للقوانين البيولوجية، لأن الوظيفة الأساسية للمرأة هي الإنجاب وتربية الأطفال.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم