الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ماذا عن شعبيّة ترامب بعد اغتيال سليماني؟

جورج عيسى
ماذا عن شعبيّة ترامب بعد اغتيال سليماني؟
ماذا عن شعبيّة ترامب بعد اغتيال سليماني؟
A+ A-

ماذا قالت أرقام جامعة ميريلاند؟

في 3 كانون الثاني، أي يوم اغتيال قائد "قوة القدس" قاسم سليماني، نشرت مجلّة "فورين بوليسي" الأميركيّة مقالاً لمدير مركز استطلاع الرأي حول المسائل الحسّاسة في جامعة ميريلاند شيلبي تلهامي بعنوان: "لا يزال الجمهور الأميركيّ غير مريد للحرب مع إيران". يرى تلهامي أنّ استطلاع رأي حديثاً يظهر أنّ غالبيّة الأميركيّين تلوم ترامب على ازدياد التوتّرات مع إيران " – وأنّ قتل سليماني لن يغيّر ذلك."

اللافت في استطلاع الرأي الذي استند إليه أنّه لم يكن حديثاً بما فيه الكفاية كي يرصد الأجواء العامّة التي تزامنت على الأقلّ مع الأحداث التي سبقت عمليّة لاغتيال، مثل قصف القاعدة الأميركيّة ومحاولة اقتحام السفارة الأميركيّة في بغداد. يعود تلهامي إلى استطلاع رأي نشرته جامعة ميريلاند في أيلول 2019 شمل عيّنة من 3016 شخصاً وجد أنّ شخصاً من بين خمسة (20%) فقط يقول إنّه يجب على الولايات المتّحدة "الاستعداد للذهاب إلى حرب" كي تحقّق أهدافها مع إيران. بينما يعتقد 75% من المستطلعين أنّ الأهداف الأميركيّة لا تبرّر الحرب مع إيران. حتى بين الجمهوريّين، كان هنالك فقط 34% يقولون إنّه يجب على خيار الحرب أن يكون على الطاولة لحماية المصالح الأميركيّة.

يوضح تلهامي أنّ نصف الاستطلاع تقريباً أجري قبل الهجمات على منشأتي "آرامكو" النفطيّتين في 14 أيلول والنصف الآخر بعده. ويظهر أنّ الهجوم لم يكن له أيّ تأثير على موقف الجمهور الأميركيّ، حيث ظلّ 75% منه يرى أنّ خيار الحرب غير مبرّر. وأضاف تلهامي: "وهنالك سبب للاعتقاد بأنّ الهجوم الأخير على سفارة الولايات المتّحدة في العراق وقتل سليماني قد يكون لهما النتيجة نفسها".


ضربة للديموقراطيين؟

لم يشرح تلهامي السبب الذي يجعله يستنتج احتمالاً كهذا. إلّا إذا بنى هذا الاحتمال على استطلاع رأي في تشرين الأوّل للجامعة نفسها وجد أنّ 69% من المستطلعين يرجعون التوتّر مع إيران إلى خطأ ترامب. وكان هذا الرأي هو السائد عند الجمهوريّين أيضاً (60%). لكنّ إسقاط تلك النتائج على الوضع الحاليّ ينطوي على إشكاليّات عدّة. فالهجوم على "آرامكو" قد لا يترك بالضرورة عند الجمهور الأميركيّ الوقع نفسه الذي يتركه قتل متعاقد أميركيّ وجرح أربعة جنود آخرين.

كذلك، ليس واضحاً ما إذا كان ترامب قد استطاع أن يقنع أميركيّين، من بينهم جمهوريّون، بأنّ سليماني كان ينوي شنّ هجمات قاتلة بحقّ جنود أميركيّين أو أنّه كان يقف خلف الهجوم على السفارة بحسب قوله. كذلك، ثمّة عامل قد يؤثّر على سايكولوجيا بعض الأميركيّين وهو أنّه وفقاً لكلام ترامب، استطاع أن يجنّب الولايات المتّحدة بنغازي أخرى. قد يكون الأميركيّون لا يزالون بالفعل مصرّين على تحميل ترامب مسؤوليّة التوتّر مع إيران، وقد لا يكونون كذلك، الطريقة الوحيدة لمعرفة الأجواء هو إجراء استطلاع رأي حديث مرتبط بالأزمة.

في قتل سليماني، تدخل محاكمة ترامب بسبب الملفّ الأوكرانيّ على خطّ التوتّر الأميركيّ-الإيرانيّ حتى ولو بشكل غير عمديّ. المحاضر والكاتب السياسيّ دايفد مارك رأى في شبكة "أن بي سي" أنّ قتل ترامب لسليماني وجّه ضربة للديموقراطيّين عبر تشتيت الانتباه عن المحاكمة وتحويل التغطية الإعلاميّة إلى الأزمة مع إيران. لكنّ هذا المسار سيتغيّر برأيه حين ينقل الديموقراطيّون الاتّهام إلى مجلس الشيوخ، وسيصبح الأمر أصعب بالنسبة إلى الرئيس الأميركيّ في حال انتقمت إيران من الولايات المتّحدة.


مؤشّرات أخرى

في هذا الوقت، أشارت مجلّة "واشنطن إكزامينر" إلى أنّ شعبيّة ترامب ارتفعت بشكل كبير بالمقارنة مع الأشهر التي كان فيها مجلس النوّاب يحقّق في احتمال إساءة استخدامه السلطة مع نظيره الأوكرانيّ فولوديمير زيلينسكي. ونقلت عن موقع "ريل كلير بوليتيكس" إشارته إلى كسب ترامب موافقة على أدائه وصلت 45.3% وهي نسبة بلغها في 24 أيلول، أي قبل البدء بالمحاكمة. غير أنّ تحقيق الموقع يرتكز إلى معدّل وسطيّ لعشر استطلاعات رأي أجري معظمها في النصف الثاني من كانون الأوّل أي قبل اغتيال سليماني. لكنّه يعني أنّ ترامب قد لا يكون بحاجة كثيراً لتفادي الضجة الإعلاميّة التي ستخلقها المحاكمة.

فثلاثة من أصل أربعة استطلاعات أجريت ما بعد اتّهام مجلس النوّاب لترامب في 19 كانون الأوّل، أظهرت نسب موافقة بين 44 و 47 و 50% على أدائه. وغطّى استطلاعان منها (إيكونوميست/يوغوف وراسموسن) الفترة الواقعة بين 28 كانون الأوّل و 2 كانون الثاني أي التي شهدت قصف ترامب ل "كتائب حزب الله" حيث وافق 44% على أدائه في الأوّل و 50% على أدائه في الاستطلاع الثاني. وذكرت مجلّة "واشنطن أكزامينر" أنّ الموافقة على أداء باراك أوباما بلغت 46.8% في الفترة نفسها من ولايته الأولى.

صعوبات قياس شعبيّة ترامب ربطاً بقراره اغتيال سليماني أنّها ستكون مرهونة أيضاً بتطوّرات خارجة جزئيّاً عن إرادة الرئيس الأميركيّ. فحجم الردّ الإيرانيّ سيحدّد بشكل كبير طريقة تفاعل الأميركيّين مع رئيسهم وكذلك ردّ ترامب على الردّ. لذلك، يحتاج قياس الدعم الجماهيري لقراره إلى عدد من استطلاعات الرأي التي تمتدّ على فترة من الزمن لمعرفة الأجواء العامّة. في استطلاع ل "راسموسن" بين 30 كانون الأوّل و 5 كانون الثاني، انخفضت شعبيّة ترامب بنقطة مئويّة واحدة وهي نتيجة غير كافية لاستخلاص صورة حولها. على أيّ حال، قد تكون بعض المراكز المتخصّصة في طور إجراء استطلاعات إضافيّة. بالتالي، يمكن ترقّب المزيد من الأرقام في وقت قريب.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم