الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

لئلّا يكون حلم الثورة – الانتفاضة هو كبش المحرقة

المصدر: "النهار"
عقل العويط
لئلّا يكون حلم الثورة – الانتفاضة هو كبش المحرقة
لئلّا يكون حلم الثورة – الانتفاضة هو كبش المحرقة
A+ A-

تعرفون رأيي من البداية، أي من لحظة تكليف الدكتور حسّان دياب. وقد كتبتُ مقالًا تفصيليًّا بيّنتُ فيه الأسباب الموضوعيّة التي حملتني آنذاك على أنْ لا أكون إيجابيًّا حيال هذا التكليف "الأكاديميّ"، وخصوصًا ما يتعلّق بالطريقة الباراشوتيّة التي استُحضِر فيها اسم هذا الأستاذ الجامعيّ، من شبه عدمٍ سياسيّ، وكُرِّس فيها مرشّحًا جدّيًّا لرئاسة الحكومة العتيدة.

الآن، عشيّة التأليف شبه الأكيد للحكومة (؟!)، إلّا إذا طرأ ما ليس في الحسبان الداخليّ أو الإقليميّ، وفي غمرة التسريبات شبه اليقينيّة لتوزّع الحقائب على أسماء شاغليها المرتقبين، بات شبه واضحٍ أمام الرأي العامّ، وخصوصًا أمام الذين كانوا ولا يزالون يريدون أنْ يتعلّقوا بحبلٍ للنجاة من الغرق العموميّ - وإنْ يكن هذا الحبل واهيًا، أو وهميًّا، ولا وجود له على الإطلاق - أنّ ما كنتُ أتوقّعه، شأن كُثُرٍ غيري، سيحصل حتمًا، على مستوى طبيعة هذه الحكومة، والكيفيّات المحتملة لتأليفها، وتوزيع الحصص فيها على أطراف السلطة، في ضوء توازن القوى الذي ليس لصالح حكومةٍ مستقلّةٍ عن الطبقة السياسيّة.

لا يجوز لي، كأكاديميٍّ جامعيّ، أنّ أكون جازمًا بمقدارٍ أو بآخر، وخصوصًا في شأنٍ غير حتميّ ولا يخضع للمعادلات الرياضيّة.

لكنّي أزعم – وأتمنّى أنْ أكون خاطئًا ومخطئًا – أنّ كلّ وجهٍ متخصّصٍ - مستقلٍّ، أو محترمٍ، في هذه الحكومة الموعودة (أنا متأكّدٌ من وجود مَن تنطبق عليهم مثل هذه الأوصاف، وقد يكون بين الأعضاء مَن جمعتني به مقاعد الدراسة يومًا في الزمن الطرابلسيّ الجميل)، لا بدّ أنْ تعاني استقلاليّتُه عن أهل الطبقة السياسيّة الأمرّين في ضوء معادلات التأليف المكشوفة، وربّما يقع رهين، بل أسير، لعبة التحاصص القاتلة التي يتقاسم أحجارَها الأساسيّة كلٌّ من "العهد" و"التيّار الوطنيّ الحر" وحركة "أمل" و"حزب الله"، ومعهم حلفاؤهم الآخرون.

الأسماء المطروحة في البازار الحكوميّ، تنمّ في غالبيّتها على انتماءاتها الحزبيّة – السياسيّة، العلنيّة أو غير العلنيّة، وعلى ارتباطاتها، بهذه النسبة أو تلك، بهذا الحزب أو بذاك التيّار، وبهذا الزعيم وبذاك المسؤول.

أكثر ما يثير الابتسام الساخر، أنّي كنتُ شبه متأكّدٍ من أنّه لن يكون ثمّة مكانٌ في هذه الحكومة لأيّ وزيرٍ ينطوي وجوده المذهبيّ - السياسيّ على حيثيّةٍ ذات حجمٍ وازن، أو تحمل سيرته الذاتيّة تجربةً مقبولةً في الحكم، لئلّا يكون من شأن ذلك أنْ "يهدّد"، أو يقضّ – قليلًا أو كثيرًا - مضاجع أحد الطامحين المهووسين وأحلامه الرئاسيّة المحتملة.

يجب – نعم يجب - أنْ يعرف الرأي العامّ في الثورة - الانتفاضة، ولا سيّما الشعب المتمرّد الفقير الجائع والمهدَّد في عيشه وكرامته ومصيره، أنّ "السلبيّة" المفترضة (ولا سلبيّة مسبقة عندي على الإطلاق)، الموسومة بها مقالاتي "السياسيّة"، إنّما سببُها وذريعتُها إيماني بأنّها تمثّل بعضًا من جوانب الحقيقة الناصعة التي تجرح وتزعج وتحرج، والتي قد لا يتحمّلها البعض أحيانًا، كما في هذه اللحظة بالذات.

فلننتبه جميعنا: كلُّ تعبٍ شبابيٍّ – ثوريٍّ يُلحَظ قبل أوانه، كلّ تلكّؤٍ، كلُّ استرخاءٍ، كلّ غضِّ نظرٍ، كلّ "أبّة باط" في غير موضعها، كلُّ قفزٍ عبثيٍّ، كلُّ مهادنةٍ غير محسوبةٍ، ستستفيد منها الطبقة الحاكمة، وسيدفع لبنان الثائر المتمرّد المنتفض ثمنها غاليًا.

راجيًا للثورة – الانتفاضة أنْ تعي مسؤوليّتها التاريخيّة في هذه اللحظة – المفترق من حياة بلادنا وشعبنا، وأنْ تكون على قدْر الآمال التي لا تزال معقودةً عليها.

[email protected]


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم