قصتي في 2019- ساعات على الحدود تكشف تضحيات الجيش

 *لمناسبة نهاية العام، طلبنا من الزملاء اختيار اللحظة المهنية الأكثر تأثيراً في نفوسهم خلال الـ2019، ومشاركتها مع القراء. 

عند الكتابة عن عيد الجيش يخالجك شعور جميل بأنك ستزور أفراد المؤسسة التي تضمن أمن حياتك وحدودك، فوجودها يشكل ضمانة للوحدة الوطنية وبقاء المؤسسات.

لكن هذا العام، عند زيارة فوج الحدود البرية الثالث في البقاع الغربي بقيادة العقيد الركن كمال كمال، انتابني شعور بالفخر والحزن معاً، بعدما اكتشفت الظروف الحياتية التي يعيشها العناصر والضباط على الحدود في الشتاء والبرد القارس، وفي الصيف والحرارة المرتفعة، لحماية الحدود من تسلل الإرهابيين وتهريب البضائع.

يستمر السياسيون في التراشق بموضوع ضبط الحدود، ويا ليتهم يقومون فقط بزيارة ميدانية كالتي قمنا بها ليكتشفوا تقصيرهم في دعم هذه المؤسسة التي تحارب باللحم الحي، في أصعب الظروف، على ضبط حدود تعجز دول عظمى على ضبطها رغم امتلاكها أحدث المعدات والأعتدة، فيما الجيش اللبناني يقوم بهذه المهمة بمعدات بسيطة وبجهد بشري كبير؛ ويمكن القول إن الحدود قد ضُبطت بشكل شبه كامل.

 مجموعة من الجنود كانوا موزعين على أبراج مرتفعة منصوبة على تلال تكشف مساحات من الحدود المشتركة مع سوريا، يصلهم الطعام والمياه والمؤنة عبر دوريات يومية من مركز قيادة الفوج، أما في أيام الثلوج فيحاصَر الجنود في أبراجهم لأيام، ورغم ذلك تحرص قيادتهم على تأمين الطعام لهم لأنهم لا يتوقفون عن القيام بواجبهم رغم صعوبة الأوضاع المناخية.

خلال تنقلك من برج إلى آخر عبر الطرق التي استحدثها الجيش، تختبر وعورتها التي تؤخر التنقل من مكان إلى آخر، وتدلّ على صعوبة المهمة الملقاة على عناصر فوج الحدود البرية الثالث في حال اكتشاف حالة تسلل أو تهريب. عند وصولنا إلى كل نقطة مراقبة كان يرحب بنا الضباط والأفراد الذين يتحدثون بعزم وثقة عن المهمة التي يقومون بها لحماية الحدود وحفظها. ولدى سؤالنا عن كيفية تحمُّل العيش بعيداً من عائلاتهم وأهلهم وحتى من كل البشر، يأتي الجواب مع ابتسامة: "نقوم بواجبنا تجاه وطننا وشعبنا".

هذه التغطية الميدانية كانت برهاناً جليّاً أن العمل على الأرض يكشف الصورة الحقيقية للقارئ والمُشاهد عن صعوبة الأوضاع التي يعيشها عناصر الحدود في الجيش خلال قيامهم بواجبهم لحماية الداخل اللبناني من أيّ شرّ خارجي.