الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

قصتي في 2019- لحظات صيداوية لا تنسى... المشاعر خرجت عن السيطرة

المصدر: "النهار"
أحمد منتش
قصتي في 2019- لحظات صيداوية لا تنسى... المشاعر خرجت عن السيطرة
قصتي في 2019- لحظات صيداوية لا تنسى... المشاعر خرجت عن السيطرة
A+ A-

 *لمناسبة نهاية العام، طلبنا من الزملاء اختيار اللحظة المهنية الأكثر تأثيراً في نفوسهم خلال الـ2019، ومشاركتها مع القراء. 

العام 2019 وتحديداً الفترة الممتدة من يوم الخميس 17 تشرين الأول، هو بالنسبة لي عام الانتفاضة الشعبية العارمة، انتفاضة فئات شعبية في معظم المناطق اللبنانية توحدت في الساحات والشوارع، وأعلنت بصوت صارخ إسقاط النظام الفاسد ومحاسبة رموز الحكم والسلطة الذين أوصلوا البلد إلى الإفلاس والانهيار وإفقار الشعب وتجويعه.

كل مشهد من مشاهد الانتفاضة التي اجتاحت ولا تزال ساحات وشوارع المدينة منذ السابع عشر من تشرين الأول الفائت، وكل كلمة كتبتها أو صورة التقطتها عدسة الكاميرا، تركت لديّ معنى وأثراً لا يمكن نسيانه. باختصار، في لحظات كثيرة كانت المشاعر تخرج عن السيطرة خلال تغطية أو كتابة تقرير. أشارككم تلك اللحظات البارزة: 

-التظاهرة الصاخبة لتلامذة المدارس الرسمية والخاصة التي اجتاحت كل ساحات وشوارع المدينة ولم نتمكن لا نحن ولا عناصر الجيش من اللحاق بهم ومواكبتهم؛ كانوا كالموج المتدفق والشلال الهادر يهتفون ويصرخون بأعلى حناجرهم: "ثورة ثورة" أو "فليسقط حكم الأزعر".

-مشهد المتمرّسة في التحركات المطلبية قبل وبعد الانتفاضة هدى حافظ (أمّ جاد) وهي تهتف أمام المتظاهرين، حتى إذا تعبت تولت المهمة عنها ابنتها الفتية ليلى بنفس الشعارات والصوت الصارخ.

-الشابّة غنى حسن صالح التي كلما اعتلت منصة ساحة الانتفاضة وقبل أن تتحدث، تصرخ بصوت مديد وجهوري عبارة "يا ثوار يا أحرار"، وبصوت واحد يردد جمهور الساحة العبارة بحماس.

-مشهد الصيداوية المسنّة أمّ محمد وهي تتقدم مسيرات المتظاهرين وتقرع بالملعقة على طنجرة وكأنها تقول للناس الموجودين في بيوتهم (اصحوا يا نائمين).

-الشقيقان إسماعيل ومحي الدين حفوظة ما غابا يوماً عن ساحة الانتفاضة وعن مشاركتهما في كل التظاهرات والاعتصامات في الليل وفي النهار، وناصيف عيسى (أبو جمال) وابنته جمال ودورهما البعيد من الأضواء كان يتكامل، ولكل منهما اهتمامات خاصة للحفاظ على الحراك واستمراريته.

-أيضاً مشهد المجموعة التي كانت تواظب كل مساء على المسير من ساحة الانتفاضة إلى مبنى مصرف لبنان والاعتصام أمام مدخله باعتباره رمزاً للفساد وسرقة الأموال العامة.

ولن أنسى دور ضباط وعناصر الجيش اللبناني وفي مقدمهم قائد اللواء الأول العميد رودولف هيكل الذي كان دائم الحضور حيث يتواجد المتظاهرون والمعتصمون، يحاور كبيرهم كما صغيرهم بقلب مفتوح، يصغي إلى أحاديثهم الغاضبة لكنه كان يردّ عليهم وكأنهم بمثابة أولاده أو أصدقائه؛ كانت لديه قدرة على التفاهم مع المتظاهرين وإقناعهم بعدم اللجوء إلى أي عمل سلبي يشوّه أهداف مطالبهم وتحركهم الاحتجاجي السلمي.

أخيراً، مشهدان لم أكن أرغب في مشاهدتهما أو الكتابة عنهما: مشهد اقتحام مجموعة من المحسوبين على طرف رسمي وحزبي لحديقة المنتفضين في ساحة صيدا وتكسير بعض الخيم والاعتداء على بعض المتواجدين، ومشهد ردة فعل بعض المحسوبين على الحراك الذين تظاهروا في بعض شوارع صيدا وقاموا بأعمال تخريب لبعض المرافق العامة في المدينة.

وعلى طريق عام برجا – الجية لم أجد بعد تفسيراً لمغامرات بعض سائقي السيارات وركابها من عبورهم الطريق العام وبأقصى سرعة خلال قطعها بالإطارات المشتعلة وبعض المعوقات.

حبّذا لو أن بعض الأحزاب الطائفية والمذهبية التي تدّعي زوراً أنها ضد الفساد ومحاكمة الفاسدين شاركت في هذه الانتفاضة أو أقله تركت الخيار لجمهورها بدلاً من قمعه ومنعه من التعبير عن موقفه ووجعه تحت حجج واهية تتعلق بأهداف الانتفاضة، لكان بالإمكان إحداث تغيير في بنية النظام والمحاصصة الطائفية واستعادة المال المنهوب والحفاظ على المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، بدلاً من إيجاد حاجز بينها وبين المنتفضين الذين يعترف الجميع داخل السلطة وخارجها بأحقية مطالبهم المشروعة. وسيكتشف المشككون بأهداف الانتفاضة، عاجلاً أم آجلاً أنهم أضاعوا فرصة ذهبية لا يمكن تعويضها من أجل بناء وطن جديد تسود فيه العدالة بين الجميع، وطن يعيش فيه الناس بكرامة ويحافظ على مستقبل أبنائه وأجياله الصاعدة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم