الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

قصتي في 2019- وداع مي منسّى: التغطية التي بقيت في قلبي من العام 2019

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
قصتي في 2019- وداع مي منسّى: التغطية التي بقيت في قلبي من العام 2019
قصتي في 2019- وداع مي منسّى: التغطية التي بقيت في قلبي من العام 2019
A+ A-

 *لمناسبة نهاية العام، طلبنا من الزملاء اختيار اللحظة المهنية الأكثر تأثيراً في نفوسهم خلال الـ2019، ومشاركتها مع القراء.

حاولتُ جاهدة أن أتهرّب من الكتابة عن وداع الإعلاميّة الكبيرة الراحلة مي منسّى. ولم أفهم لمَ وقع الاختيار عليّ لأكتب تغطية دفنها. المسؤولون عنّي في الجريدة قالوا إن الخيار كان سهلاً لاسيما وأنني كنت قريبة منها خلال السنوات الـ24 التي جلست فيها إلى جانبها في "مبنى الحمرا" القديم ولاحقاً عندما انتقلنا إلى وسط بيروت. لم أقتنع. واجتاحتني براكين داخليّة حاولت جاهدة أن أكظمها لأنها كانت أكبر منّي وأكثر قوّة من قدرتي على التحمّل. أعترف بأنني قررتُ أن أهرب من الكنيسة حيث كان الوداع الأخير للسيّدة التي كانت "تُصفصف" أحاسيسها الرقيقة في وعاء وضعته على "رفّ الحياة"، ووثّقتها بدراماتيكيّة أمامي "تقريباً كل يوم". كيف أكتب عن منزلي الروحي وعن السيّدة التي أنارت وزخرفت الحياة الدنيويّة وكأنها في الواقع تلقي قصيدة كنتُ فضّلت شخصياً لو نسيتها "بتهوّر" أو أقلّه على عجلة وتسرّع؟ هل كانت "ميم ميم" حقيقة جميلة أم وهماً جميلاً تماماً كالحياة؟ وهل يُمكن الكتابة عن روحها وكأنها أصبحت في الواقع قطعة أثريّة أجمل من الحياة "بمليون مرة"؟ ارتبكتُ وحاولت أن "أدفن" دموعي التي كانت تسبق أحاسيسي داخل الكنيسة. ولكنني فجأة أجهشت في البكاء القوي ولم أتمكّن من التوقف إلا بعد انتهائي من الكتابة لاحقاً في الجريدة. لا أذكر ماذا كتبت. ولكنني أذكر جيداً أن الزملاء وقفوا إلى جانب مكتبي "الواحد ورا التاني" وطلبوا مني أن أكون قويّة لأعطي "ميم ميم" حقّها في تغطية وداعيّة أنيقة.

اليوم بعد "أقل من سنة بشوي" على ذلك اليوم "الرهيب"، أعترف أن تغطية وداع "ميم ميم" رافقتني باستمرار. وغالباً ما وجدتُ نفسي أرددُ بعض جمل من التغطية التي لا أذكرها كاملةً، في لحظات ضعفي وانكساري. وكأنها كانت الطريقة الفضلى لأهدهد تعبي المحتوم. صحيح أنني أكتب في الجريدة منذ 25 سنة، بيد أنني اكتشفتُ أن التغطيات التي تبقى في الروح هي تلك التي نكون فيها على طبيعتنا. فهي تُصبح عندئذٍ الإنعكاس الحقيقي لكل ما لا نجرؤ على الاعتراف به حتى أمام أنفسنا.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم