السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

كلام عن مقاربات أمنية مختلفة خلال التسليم والتسلم في وزارة الداخلية

عباس صالح
A+ A-

بعد نحو من عشرين عاما يعود نهاد المشنوق الى المكان نفسه في مبنى الصنائع، ولكن برتبة وزير سيادي يحمل حقيبة الداخلية والبلديات، بكل حساسياتها وألغامها وألغازها ونفوذها اللامتناهي على امتداد الارض اللبنانية.


قبل 20 عاماً، كان المشنوق في هذا المبنى عندما عمل مستشارا اعلاميا وسياسيا للرئيس الراحل رفيق الحريري، وكان المبنى نفسه مقرا موقتا للسرايا الحكومية قبيل انجاز اعمال تأهيلها في وسط بيروت.
وما بين المحطتين رحلة سياسية حافلة للرجل الذي بات مخضرماً في عالم السياسة وخبيراً بكواليسها بما يمكنه من الإمساك بخيوط منصبه الجديد من جميع أطرافه وسبر أغواره كمحترف يجيد السير في حقل من الالغام، ومن هذا المنطلق تحديداً، يمكن قراءة الجملة الاولى التي قالها: وهي "ان الارهاب لا يكون حله بالامن فقط ولن نترك وسيلة ومنها الاستعانة بالخبراء".
على الضفة الاخرى، كان الوزير الذي يسلّم وزارته بارتياح كبير، تاركاً لانجازاته التي سطرها بفترة قياسية ان تحكي عن نفسها.
بدا مروان شربل منذ ساعات الصباح الاولى، مرتاحاً للغاية، وكأنه ربان ماهر خاض سفينة الأمن بجدارة مطلقة في زمن العواصف السياسية الهوجاء، ورغم كل الانواء العاتية، على كل المستويات، استطاع ان يوصلها الى شواطئ آمنة نسبياً، ويسلمها مرتاح البال والضمير، وهو يشبّه الوزارة باليخت الذي يفرح صاحبه يوم يشتريه ويوم يبيعه فقط، ويقول: "على هذا الاساس أنا فرح اليوم لأنني أسلّم وزارتي وأنا مرتاح الضمير والوجدان بأنني لم أكلف الخزينة اللبنانية قرشاً إضافياً بل وفرت عليها مئات ملايين الدولارات".
واذا كان الكلام عن حقبة شربل في الداخلية يطول، كما جردة الانجازات في الوزارة خلال عهده فيها، فإن اللافت للجميع هو أن هواتف شربل لم يتوقف رنينها ولا رنين هواتف المساعدين والمرافقين من حوله ولا سيما الرنين الخاص بالرسائل المفعمة بمشاعر الوفاء والحب الصادقة، من كل الناس والتي تعبر عن حفظ الجميل للرجل الذي ترك بصمات في وزارته كما في عالم السياسة لا يمكن ان تمحى، على اعتبار انه خطّ نهجاً جديداً يعتمد الحكمة في مقاربة الامور الامنية، أكثر مما يتوسل القوة والحسم كأقصر الطرق للوصول الى الهدف.
وهذا ما عبّر عنه شربل في كلمته خلال حفل التسليم والتسلم في الوزارة ظهر اليوم بقوله: "مصارحة المواطن نصف الطريق الى معالجة مشكلته".
بعد المراسم االبروتوكولية، سلم شربل مفتاح الوزارة الى المشنوق كتقليد معتمد وعقدا خلوة، تلاها مؤتمر صحافي استهله شربل قائلا: "تصرفت إنطلاقاً من المبادىء التي نشأت عليها، وهذا ما دفعني الى العمل الدؤوب خلال الظروف الصعبة والتحديات الكثيرة والامكانات المحكومة بظروف البلاد، وكنت صادقاً مع الذين عملت معهم ومع أبناء بلدي عندما كنت أعالج ملفات معقدة وشائكة، دون ان يرهبني ويمنعني أي ظرف من الافصاح عما تكوّن لديّ من خلاصات وآراء ومواقف من الاحداث، لأنني أعتبرت ان مصارحة المواطن هي نصف الطريق الى معالجة مشكلته.
اضاف: "إن كان من توصية أضعها بين أيديكم فهي أن الحكمة والموضوعية شرطان متلازمان لتحمل مسؤولية هذه الوزارة".
وأشار الى "ملفات أساسية أنجزت، وملفات أساسية أعملنا عليها وتتطلب المتابعة ".
والقى المشنوق كلمة قال فيها: "ان عماد النجاح في إرساء الأمن والاستقرار يكمن اولا وأخيراً في شعور كل المواطنين بالتساوي أمام سلطان القانون وحده لا شريك له، وهو ما أتطلع الى ان يكون مرشدي في هذه المهمة التي أُقبل عليها، محكوماً بهاجس وحيد هو كرامة المواطن اللبناني، كل مواطن لبناني، في مواجهة كل أشكال التفلت من الشرعية لا سيما في المدن الكبرى، بدءا بالعاصمتين طرابلس وبيروت، اللتين عانتا وذاقتا مرارات التسلط غير الشرعي بكل اتجاهاته، وعليه لا قاعدة غير قاعدة ان الامن للجميع والشرعية فوق الجميع".
وتابع: "قد تبدو إمكاناتنا محدودة في مواجهة كل الأخطار التي تتحالف على الوطن، من ثقافة السلاح والمسلحين الى ثقافة الانتحار والانتحاريين، لكننا لن نتواضع في إصرارنا على حق كل اللبنانيين بالأمن والكرامة ولن نتواضع في قيادة كل الجهود الممكنة نحو تحقيق هذا الهدف الوطني".


وشدد ان "لا حل أمنياً فقط لمشاكل الأمن السياسي، لا سيما في البلدان المركبة كلبنان، الا انني ساظل اراهن على السعي لإنتاج أوسع شبكة تلاقٍ سياسي تحت سقف القانون والدولة وقيم السيادة والاستقلال من اجل جعل وزارة الداخلية، وزارة المواطن اللبناني الذي يستحق منا أفضل الجهود واخلص المساعي لتجديد إيمانه بلبنان".
ورأى ان"الارهاب الذي لا يكون حله بالامن فقط ولكن لن نترك وسيلة، ومنها الاستعانة بالخبراء والاختصاصيين من أمنيين وعلماء لمناقشة سبل مكافحة الارهاب في المجتمع وليس فقط اعتقاله".
وقال "ان العنف الاسري اصبح ظاهرة في الفترة الاخيرة، وسأطلب من الاجهزة الامنية بما يسمح به القانون من تصرف جاد ومسؤول وحازم تجاه هذه القضايا، قبل ان نصل الى القضاء، لانه عمليا معظم الاجهزة تعودت ترك حل هذه المشكلة على عاتق الاسرة التي تؤدي الى ما تحمد عقباه".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم