الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الترجمة ورؤية 2035

دلال نصر الله
الترجمة ورؤية 2035
الترجمة ورؤية 2035
A+ A-

تهدف رؤية 2035 إلى "تحويل الكويت إلى مركز إقليمي، ومالي، وتجاري، وثقافي، ومؤسسي رائد"، أي أنّها تقوم على روافد جغرافيّة، واجتماعيّة، واقتصاديّة، وثقافيّة. وهي روافد تستوجب شراكة مجتمعيّة تقوم على استثمار العنصر البشري، ولا يتحقق ذلك إلا عبر تأهيل الكوادر الشبابية، والتخطيط لمستقبلها بما يتواءم مع الأهداف الاستيراتيجية لهذا الطموح. أهدِفُ في هذا المقال إلى لفْتِ النّظر إلى أهميّة التّرجمة، باعتبارها أداة لا تنحصر في التّواصل مع الشّعوب، ووضع حلول عملية لتفعيلها ضمن إطارٍ موحّد الهدف في دولة الكويت.

بما أنّ الترجمة هي وسيلتنا لفهم الآخرين، فيجب أن تسمو لمقام العلوم الأخرى، وكيف لا يحدث ذلك؟ وهي تتداخل مع باقي العلوم بشكل أو بآخر. التّرجمة تتّسق مع اقتصاد البلد، ومشروعات الكويت التنموية مع الصّين وغيرها، تستوجبُ وجود جُهد تُترجمي وطني مُحَوْكَم، من واجباته رسم خريطة طريق واضحة المعالم لميدان الترجمة، جهدٌ تُرجمي يوحّد كافة المبادرات الفرديّة والمُتناثرة، ويؤهّل مترجمين حقوقُهم مضمونة.

يُفترض أن يقوم قسم الترجمة في جامعة الكويت بدوره في تحقيق هذه الرؤية، من خلال تفعيل مسار الترجمة، وإدراج لغات أخرى غير الإنكليزية والفرنسية، غير أنه تقاعس عن هذا الدور. يُذكر أنّ أفراح ملاعلي – مترجمة صاحب السمو الفورية – قد بذلت قصارى جهدها في سبيل تأسيس قسم اللغة الإسبانية، وعرضت تدريس مواده مجانا، إلا أن طلبها قد قوبل بالرفض، بحجة عدم حاجة سوق العمل لهذا التخصص! أعزائي، وباقتضاب: "من لا يَتقدّم، يتقادم".

على المستوى الحكومي، تبذل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ممثلة بالدكتورة ليلى الموسوي جهدا كبيرا في ترسيخ التفكير العلمي من خلال الكتب والمجلات العلمية المترجمة. وأرفع لهم القبعة، لمساهمتهم الفاعلة في إثراء النّشر الإلكتروني المُترجم. في حين أنّ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والذي يشار له بالبنان في أرجاء الوطن العربي، ويُعتبر واجهة الكويت الثقافية، يفتقر لآلية واضحة في اختياره للأعمال المترجمة التي تخدم الرؤية، ويتجاهل دوره في تأهيل مُخرجات جامعة الكويت، ويغفل عن دوره في ترجمة نتاج مبدعي الكويت الفكري إلى لغات العالم.

قلتُ جهودا ومبادرات فرديّة، لأنّ شواهد الواقع تؤكد ذلك. الّترجمة الأدبيّة هي الأنشط نسبيّا. وأذكر منها – مع حفظ الألقاب – دور كل من: بثينة العيسى صاحبة مكتبة تكوين، وساجد العبدلي صاحب دار شفق، وإقبال العبيد صاحبة مؤسسة ترجمان، وتوفيق الهندال وشريكته هديل الحساوي في دار الفراشة، ودخيل الخليفة وجاسم الشمري (دينامو دار مسارات)، ودار الخان والعاملين فيه، وغيرهم. جهودُهم جبّارة في نشر التّواصل المعرفي الإنساني، ودفع عجلة التنمية قُدما في الكويت. اهتمامهم ينصبُّ في خانة التّرجمة الأدبية على الأغلب، والتي يستحيل طبعا الاستغناء عنها، ولا يُقبل تحجيمها؛ لأنّها عصيّة على التّرجمة الآلية بحكم أنها مجال إبداعي بحت. ألا يستحقون دعما ماليا على أقل تقدير، والاستفادة من إمكاناتهم بما يخدم هذه الرّؤية؟

غير أن الترجمة بحر شاسع، ولا تنحصر بالترجمتين العلمية والأدبية. إنها أشبه باقتصاد يقوم على تنوع المعارف، وسأورد فيما يلي توصيات وحلولا من شأنها التغلب على الصعوبات التي تواجه الترجمة في الكويت:

1- تدريب الطاقات البشرية الكويتيّة على التّرجمات التالية: الرّبط، والشفهية، والتتابعية، ولغة الإشارة، لاستخدامها في مجالات: الطب، والتّجارة، والقانون، والسّياحة، والتكنولوجيا.

2- تمكين ذوي الحاجات الخاصّة من تعلم اللغات، بُغية تحقيق الرّكيزة الثّالثة من خطة التنمية على الأمد البعيد.

3- تدريب المترجمين على صناعة المحتوى، وإثرائه، وتطوير مهاراتهم في استخدام برامج الحاسب الآلي، وتقنيات الترجمة، إضافة إلى توجيههم للتخصص في أحد العلوم، مع تعزيز لغتهم العربية أولا.

4- إدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسيّة - أسوة بالمملكة العربيّة السعوديّة – وخطط الابتعاث. (فرَضَت الصّين استخدام مترجميها الفوريين علينا، فلماذا لم نؤهل مترجمين كويتيين عن اللغة الصينية حتى الآن؟).

5- العمل على تأسيس جهة حكوميّة توفّر أعدادا كافية من المترجمين الأكفاء عن كافة اللغات، وتحفظ حقوقهم، وتوفر الحوافز المادية والمعنوية لهم. (جمعية المترجمين الكويتيّة مجرّد حبر على ورق منذ أكثر من عاميْن).

6- توطين مهنة الترجمة، بخاصة في القطاعيْن العسكري والنفطي.

استشراف مستقبل الكويت، وتحقيق مستقبل مستدام لها في ظل رؤية 2035، لن يكتمل إلّا بالاعتراف بأهمية التّرجمة في الكويت أولا، وتفعيلها ثانيا.

• مترجمة كويتية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم