الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ستتألّف حكومة الطبخ المسموم. الحكومة تألّفت. شو ناطرين؟!

المصدر: "النهار"
عقل العويط
ستتألّف حكومة الطبخ المسموم. الحكومة تألّفت. شو ناطرين؟!
ستتألّف حكومة الطبخ المسموم. الحكومة تألّفت. شو ناطرين؟!
A+ A-

ستتألّف الحكومة قريبًا جدًّا. وستكون حكومة اختصاصيّين. ومستقلّين، على يقين رئيسها المكلّف، وتأكيده (انتبِهوا إلى تعابير حسّان دياب، الاختصاصيّة والاستقلاليّة، المسحوبة كالأرانب من أكمام الطبّاخين). وستحظى برضا أهل الطبقة الحاكمة، مباشرةً ومواربةً؛ حزبًا إلهيًّا، و"عهدًا"، و"تيّارًا"، و"أملًا"، وسائر أطراف التركيبة التحاصصيّة المعهودة، فضلًا عن الانتهازيّين والمتسلّقين (هؤلاء كثيراتٌ وكُثُر)، باستثناء مَن لا يرغب في الالتحاق بالقطار قبل فوات الأوان.

لكنّ الأوان لم يفُتْ، بعدُ، إذا أراد بعضهم أنْ يراجع حساباته مليًّا، وأنْ يدقّق في موازين الربح والخسارة، وموازين الكرامة والعار.

اعتذار: أطلب من القرّاء الترفّق بي، وبأسبابي، لأنّي سأُكثِر من وضع بعض الكلمات ضمن مزدوجات، منعًا للالتباس.

وعليه، يمكن – دائمًا – أي حتّى اللحظة الأخيرة، تبديل اسمٍ باسمٍ. و"مستقلٍّ" بـ"مستقلٍّ". و"اختصاصيٍّ" بـ"اختصاصيٍّ" آخر. و"ناشطٍ" أو "ناشطةٍ" بـ"ناشطٍ" و"ناشطةٍ" آخرَين.

وإذا تعذّر ذلك، فيمكن توسيع الحكومة، لأنّها تتّسع.

لم يَفُتِ الأوان، بعدُ، لمَن يريد أنْ يلتحق، وإنْ زاحفًا، ومطأطئًا، ومعفَّرًا، أو لاهثًا ومادًّا لسانه من فرط الإجهاد والركض.

لم يفُتِ الأوان، بعدُ. هذا صحيحٌ، ما دامت التركيبة لم تُعلَنْ، بعدُ، بمرسومٍ جمهوريٍّ.

لكنّها، أي الحكومة العتيدة، قريبًا جدًّا، ستتألّف.

وأكادني أقول إنّها قد تألّفت في المطبخ الرسميّ، تردادًا لتصريحٍ عالٍ جدًّا جدًّا، زمط زمطًا – أو قصدًا - في المقرّ البطريركيّ المارونيّ السامي الاحترام، استُخدِمتْ فيه صيغة الفعل الماضي، كنايةً عن إنجاز المهمّة المستحيلة، وانبلاج الفرج المرجوّ.

ستتألّف، افهموا بوضوح، شاء مَن شاء، وأبى مَن أبى.

إنْ لم يكن بالحسنى، فبالأساليب المناسبة.

ستتألّف. وستكون ميثاقيّةً بامتياز، على رغم أنف مَن لا يريدها أنْ تكون ميثاقيّةً. وستكون دستوريّةً بامتياز. وشرعيّةً بامتياز.

فلا غبار قانونيًّا، أو طائفيًا، أو مذهبيًّا، سيعتريها.

ولا أي شيءٍ ممّا يُخاف عليه وفق معيار الـ 6 و6 مكرّر، ولا في ضوء حقوق الطوائف والمذاهب.

ثمّ، ثمّ، ثمّ. وهذا هو الأهمّ: "ستمتثل" للإرادة الشعبيّة الثائرة والمتمرّدة والمنتفضة.

فما يُسمّى بـ"الحَراك" (مع فتح الحاء)، أو "الانتفاضة"، أو "الثورة"، أو "المجتمع المدنيّ"، أو سواها من التسميات والأوسمة واللافتات والشعارات، فضلًا عمّن تُطلَق عليهم ألقاب "رموزٍ نضاليّين" مشهودٍ لهم في ساحات الوغى، هؤلاء جميعهم سيكونون ممثَلين في الحكومة العتيدة.

والحكومة هذه، ستنال الأكثريّة النيابيّة، إكرامًا لبيانها الوزاريّ المحمود.

والحكومة هذه، ستنزع الغطاء عن الشارع الحقيقيّ (بدون مزدوجات) الثائر المتمرّد المنتفض المُعانِد الذي سيرفض التسوية الذهبيّة النادرة، وسيواصل "دعواته الدونكيشوتيّة العبثيّة العدميّة" إلى التحرّك.

"الدعوات الدونكيشوتيّة العبثيّة العدميّة"، هي الأوصاف الدنيئة التي يوصف بها هذا الشعب النبيل الأبيّ، زورًا وحقدًا وخوفًا وكراهيّةً، بألسنة مرتزقة السلطة وأبواقها وخَدَمها، فضلًا عن ألسنة الرؤساء والحكّام والقادة والزعماء. وما أتعس هذه الألسنة!

وإذا بقي ثمّة مَن يلبّي نداء الرفض والاعتراض، والنزول على الأرض، وإنْ دائمًا بالطرق السلميّة، فإنّ ذلك لن يجدي نفعًا بعد التأليف.

مَن ضرب، يكون قد ضرب. ومَن هرب، يكون قد هرب.

كيف؟ لماذا؟

إنْ لم يكن الإسكات بمعاودة الكرّة بالكيّ، من طريق إرسال الشبّيحة لتلقين المعترضين على التسوية دروسًا قاسيةً لا تُنسى، فبالوسائل الدستوريّة والقانونيّة و... الأمنيّة المرجوّة.

سيُسحب البساط من تحت الأقدام، وسيوضع "الشارع الضالّ" أمام الحائط المسدود. وسيُترَك وحيدًا، أعزل، عاريًا، جائعًا، شريدًا، مكفَّرًا، متَّهمًا بالعمالة لإسرائيل، وللإمبرياليّة الصهيونيّة، فضلًا عن التشهير بكرامته وسمعته، وتعييره بخدمة مصالح السفارات و"أجنداتها"، وسيُنكّل بناشطاته وناشطيه. وسيتمّ إسكات هؤلاء بالأساليب المناسبة.

وإذا اقتضى الأمر، أي إذا لم ينفع ما سبق من إجراءات، فستُعلن حال طوارئ، يُمنَع بموجبها التظاهر والتجمّع والعصيان المدنيّ، وإبداء الرأي الاعتراضيّ، أو الكتابة، لأسبابٍ تتعلّق بالمصلحة الوطنيّة العليا.

الحكومة ستتألّف قريبًا جدًّا. وهي – ولا بدّ – قد تألّفتْ حقًّا، تردادًا – أكرّر - لتصريحٍ عالٍ جدًّا جدًّا، زمط زمطًا – أو قصدًا - في المقرّ البطريركيّ السامي الاحترام، استُخدِمتْ فيه صيغة الفعل الماضي، كنايةً عن إنجاز المهمّة المستحيلة، وانبلاج الفرج المرجوّ.

الحكومة ستتألّف من "اختصاصيّين"، و"مستقلّين" مسحوبين كالأرانب من مطبخ السمّ الزعاف. وستتألف من "الحَراك" (بفتح الحاء) ومن "رموزٍ للثوّار"، المسحوبين من غرف الانتهاز والتسلّق.

حكومة القمصان السود التنكّريّة تألّفت، وهي حكومة العهد العونيّة – الباسيليّة – البرّيّة، مدعومةً ومباركةً من الكرسيّ البطريركيّ السامي الاحترام.

هذه الحكومة تألّفت. فشو ناطرين (أنتم وهم، هؤلاء وأولئك، شو ناطرين)؟!

شو ناطرين؟!

افعلوا اللازم، كي لا يصير لبنان شبيهًا بمسيح الفنّان محمود الزيباوي، مصلوبًا، عاريًا، ووحيدًا.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم