قطار التأليف انطلق... فهل يصل قبل رأس السنة؟

لم تتمكن الاحتجاجات في الشارع السنّي تحديداً من تأجيل الاستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها الرئيس المكلف تأليف الحكومة حسان دياب امس، وحرصت القوى الامنية على تأمين وصول الكتل الى ساحة النجمة للقاء دياب، علما ان بعض النواب اعتذروا او قاطعوا تلك الاستشارات، واعرب عدد منهم عن الرغبة بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة، ما يدفع الى جعلها حكومة اللون الواحد، اذ ان غياب مكونات ما سبق وعرف بقوى 14 اذار ستكون خارج الحكومة اي "تيار المستقبل" وحزب "القوات اللبنانية" والاشتراكي والكتائب على ما بدا من لقاءات الامس، وهو ما سيدفع احزاب 8 اذار و"التيار الوطني الحر" الى الخروج العلني من الحكومة المقبلة فلا تتحول حكومة مواجهة تتحمل احزابها مسؤولية ما قد يذهب اليه البلد، من انهيارات سياسية واقتصادية ومالية، في ظل رفض دولي وعربي لها. وبذلك تكون الانتفاضة الشعبية حققت هدفا بارزا بابعاد الاحزاب عن الحكومة، واو ظاهريا، ودفعت باتجاه حكومة تكنوقراط، ومصغرة. فقد صرح الرئيس المكلف انه يسعى الى حكومة مصغرة ونقلت عنه النائبة بولا يعقوبيان انه يسعى الى حصر العدد بـ 18 وزيرا.

واعلن دياب في ختام الاستشارات أنه سيعمل على "تشكيل حكومة مصغرة مؤلفة من مستقلين"، وقال: "من يشكل الحكومة هو رئيس الحكومة ولن أعتذر". أضاف: "حسان دياب هو مواطن لبناني يحب بلده ولا يريد شيئا لنفسه، ويريد أن يلعب دورا في هذه المرحلة الصعبة بمشاركة جميع الأطراف التي أبدت استعدادها للتعاون".

وتابع: "حان وقت العمل، وفي هذه المرحلة الدقيقة والحساسة نحن بحاجة الى كل جهد ممكن، وفي ضوء النصائح المفيدة التي سمعتها من الكتل والنواب، سنعمل على تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن". وردا على سؤال، قال: "أنا أوافق على كل ما يقال في الحراك الشعبي لجهة تشكيل حكومة من المستقلين والإختصاصيين والنظيفي الكف، الذين يعملون بجدية على الملفات الملحة، ولا سيما الاقتصادية منها".

وعلمت "النهار" من مصادر وزارية متابعة ان الجهد ينصب على اختصار الوقت الى الحد الاقصى والعمل على ولادة الحكومة قبل مطلع السنة الجديدة اي في غضون اسبوع او عشرة ايام، ما لم يطرأ اي سبب معرقل، في ظل ضوء اخضر اعطي لدياب للمضي في خطته التي يراد لها ان تكون انقاذية مع توفير كل الظروف لانجاحه لان اي انتكاسة ستضرب ما بقي من العهد. ويعتبر المصدر الوزاري ان الانتكاسة ان حصلت فستكون نوعا من المؤامرة التي يعمل عليها بعض الداخل وبعض الخارج لاثارة الفوضى في البلد.

وفيما غابت المواقف الدولية من عملية التكليف، علم ان عددا من الدول المعنية بالشأن اللبناني تتريث في اتخاذ موقف في انتظار مراقبة الخطوات الاولى للرئيس المكلف، والمعايير التي سيعتمدها في عملية تأليف الحكومة،

وهذه المعايير توجزها مصادر دبلوماسية لـ"المركزية" بالاتي: حكومة موثوقة تتمتع بالمصادقية، قادرة على تنفيذ الاصلاحات، ليست من لون واحد، ترضي الشعب وتوحي الثقة للخارج، تأتي بوجوه جديدة من الاخصائيين ممن لم يتربعوا سابقا على العروش السياسية، والاهم ان تكون اجندتها وقرارها لبنانيين غير خاضعين لسيطرة اي حزب او فريق سياسي أو محور خارجي، تنأى في بيانها الوزاري بالنفس وتمارسه فعلا، على ان يكون هذا البيان مزيجا من بيانات مجموعة الدعم الدولي وورقتي بعبدا الاقتصادية والحريري الاصلاحية.

من جهة ثانية، استكمل وكيل وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل لقاءاته اللبنانية التي تميزت بالطابع الحزبي فالتقى بداية رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ثم انتقل الى معراب واجتمع مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في حضور النائبة ستريدا جعجع وعدد من المستشارين.

بعد ذلك، انتقل هيل الى البياضة والتقى وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في منزله. واولم باسيل على شرف الوفد الاميركي. ونقلت مصادر متابعة "ان اللقاء الذي استمر نحو ساعتين كان اكثر من ايجابي". ولم يرشح عن الموفد الاميركي اي موقف من الحكومة باستثناء المعايير السابقة الذكر، وفي انتظار عودته الى بلاده لتنسيق الموقف الرسمي من المستجدات اللبنانية.