الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ماذا تعرفون عن لغز "البحار المتوهجة"؟

جاد محيدلي
ماذا تعرفون عن لغز "البحار المتوهجة"؟
ماذا تعرفون عن لغز "البحار المتوهجة"؟
A+ A-

كتب القبطان رفائيل سيميز، من قمرته على متن السفينة "سي أس أس ألاباما"، عام 1864 عن تجربة مروره عبر مياه زرقاء عميقة في غاية التوهج لدرجة تثير الدهشة، وقال: "بدا لي أن وجه الطبيعة قد تغير بالكامل، وبقليل من التخيل، ربما بدت ألاباما كسفينة أشباح يضيئها وهج شاحب خارق للطبيعة يصدر عن بحر يعج بأشباح". هذه الكلمات التي وصفت المشهد أمامه لم تكن خيالية ولم تكن صادرة عن فيلم سينمائي. فيعد الإبحار في مياه "البحر المتوهج" لساعات طويلة، بالنسبة للبحارة الذين يعتقدون بشدة في وجود وحوش البحار، أو عرائس البحار، من الأشياء المرعبة للغاية. ما ذكرناه يحصل بسبب حدوث ظاهرة البحر المتوهج في وجود مليارات التريليونات من البكتيريا التي تصدر ضوءاً حيوياً، وتعيش في بقعة من المياه تمتد من السطح حتى قاع البحر. ولم يكن لدى البحارة الذين تملكتهم الدهشة طوال القرن التاسع عشر أدنى فكرة عن سبب حدوث هذه الظاهرة، الا أنهم كانوا متأكدين من أنه شيء شرير ونذير شؤم. وقد وصفوه أحياناً كما لو كان حليباً مسكوباً، أو سحباً تمتد من الأفق إلى الأفق، تتخلل رصاصاً منصهراً أو حقل من الجليد. يشار الى أنه تم فهم الظاهرة ولكن الغموض مازال يكتنف سبب وكيفية حدوثها.

وفي هذا الإطار، يصف ستيفين ميلر، كبير العلماء الباحثين في جامعة كولورادو، الإضاءة الحيوية بأنها كالحوت الأبيض الذي تستشعره الأقمار الصناعية عن بعد، وقد عجزت أجهزة الاستشعار السابقة عن رصده، الا أن الأدوات والأجهزة التي يستخدمها ميلر تستطيع قياس المستويات الخافتة من الضوء التي تصل إلى المياه، مثل ضوء القمر. وتعد أكثر مشاهد الأقمار الصناعية التي حصل عليها ميلر تلك التي جاءت عام 1995 من تقرير للسفينة "ليما"، فبينما كانت تبحر قبالة سواحل الصومال، أشار قبطان السفينة "ليما" إلى وهج أبيض اللون يلمع في الأفق، تبعه وهج في المياه بعد 15 دقيقة، على نحو أعطى البحر انطباعاً كما لو أنه تحول إلى حقل ممتد من الجليد. وقام ميلر بزيارة أرشيف لصور الأقمار الصناعية التي التقطت في السابق لتلك المنطقة ليرى إذا كان فيها شيء يمكن رؤيته لهذه الظاهرة، ولدهشته الكبيرة تمكن من رؤية "بقع" في المياه، وهي أول صورة مؤكدة لإضاءات حيوية لبحر متوهج.

وصل المدى الذي غطته الظاهرة إلى ما يعادل مساحة ولاية كونيتيكت الأميركية، أي 15 ألف كيلومتر مربع. ويقول ميلر: "لم نحل بعد سر البحار المتوهجة. استطعنا فقط رصدها، لكن لا يوجد دليل ملموس على كيفية حدوثها ولماذا تتكون أصلاً. نحن فقط نريد أن نعرف عنها أكثر بكثير مما نعرفه حالياً". ويستخدم فريق ميلر الأقمار الصناعية لرصد موقع آخر لتلك الظاهرة، ومن ثم أخذ عينات لدراسة الظاهرة بشكل أكثر عمقاً. وهناك أيضا ظواهر بحرية أخرى ساحرة، من بينها المد الأحمر حول فلوريدا، ونمو الطحالب الكثيف على امتداد محيطات العالم، ومازال هناك الكثير من الأمور التي لم تكتشف بعد، وخاصة تلك المتعلقة بعالم البحار. وكانت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" قد أعلنت أن العلماء يعرفون عن الفضاء أكثر مما يعرفون عن المحيطات في الأرض.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم