الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المجسّم الحديديّ في وسط بيروت وضع في حزيران 2018: قطعة فنية انتُزعت بذريعة "نجمة داود"

هالة حمصي
هالة حمصي
المجسّم الحديديّ في وسط بيروت وضع في حزيران 2018: قطعة فنية انتُزعت بذريعة "نجمة داود"
المجسّم الحديديّ في وسط بيروت وضع في حزيران 2018: قطعة فنية انتُزعت بذريعة "نجمة داود"
A+ A-

تحوّلت قطعة فنية معاصرة في وسط بيروت، خلال ساعات قليلة، تهمة بالصهيونية والتطبيع مع إسرائيل. هذه "نجمة داود"، وفقا للاتهامات، "وماذا تفعل هذه النجمة في وسط بيروت متربعة على حجار اثرية؟ حدا يفيدنا"، وفقا لما تم تناقله على حسابات في وسائل التواصل، بينما عمدت حسابات اخرى الى اتهام الثوار بوضعه FactCheck#.

ما تردد من اتهامات وشكوك ربطت القطعة الفنية بنجمة داود، او بالثوار، يدخل ضمن "الاخبار العارية من الصحة والمغلوطة".

تلبية لطلب "حدا يفيدنا"، هذه القطعة فنية معاصرة بامتياز، "تتكوّن من ثلاثة مكعبات فارغة ومتداخلة، مع اضاءة". وقد انجزها الفنان البريطاني المعروف ناتانييل راكوي Nathaniel Rackowe الذي "وقع في حب بيروت"، بتعبيره. ويوضح: "لقد استلهمت هذا المجسم من الهندسة والمباني التي شاهدتها حول بيروت". و"قد استخدمت الضوء لتحويل مادة الصلب القاسية كوسيلة لكشف الجمال في المدينة".

هذه القطعة الفنية وضعت في وسط بيروت في حزيران 2018، بناء على طلب غاليري ليتيسيا Letitia Gallery، وبعد موافقة الجهات الرسمية المعنية. وتؤكد مديرة غاليري ليتيسيا غايا فودوليان لـ"النهار" ان "القطعة الفنية لا علاقة لها اطلاقا بنجمة داود"، وهي "ترمز الى قطع الحديد والمكعبات المستخدمة في ورش البناء في بيروت".

بعد مشهد ليلي متوتر في وسط بيروت، على وقع غزوات شنّتها مجموعات مناوئة السبت 14 كانون الاول 2019، أفاق اللبنانيون، الأحد 15 منه، على جدل من نوع آخر، "نبت" بسبب مجسّم حديديّ شمال ساحة الشهداء يشبه "نجمة داود" وفقا للاتهامات، وذلك اثر نشر صورة ليلية له. المؤامرة تطل مجددا برأسها تعززها حسابات حللت كما ارتأت، واتهمت وخوّنت من دون اي دليل او تدقيق، وصولا الى الصاق تهمة التطبيع مع إسرائيل بالثوار.

وقد حسم محافظ بيروت زياد شبيب الجدل بقرار طلب فيه إزالة المجسم من مكانه. وهذا ما حصل في اليوم ذاته.

كلام كثير قيل في شأن "المجسم" على وسائل التواصل، ونشرت حسابات معلومات واتهامات استوجبت بحثا وتدقيقا هادئين. انطلاقا من هذا، طرحنا أسئلة على غايا فودوليان، أولها لماذا أرادت غاليري ليتيسيا وضع هذا العمل الفني في وسط بيروت، فأجابت ان الغاليري تقيم نشاطات فنية كثيرة، في مقرها وخارجه. وضمن هذه النشاطات، ندعو فنانين اجانب الى المشاركة عبر عرض اعمالهم الفنية، بغية تعريفهم الى لبنان. واحد الفنانين الاجانب الذين دعتهم الغاليري الى لبنان هو الفنان البريطاني المعروف ناتانييل راكوي الذي يستوحي اعماله الفنية من اضواء المدينة City Light. عام 2009، جاء الى لبنان، حيث امضى 3 اشهر تعرف خلالها الى بيروت وشوارعها وابنيتها، كي يستوحي عملا فنيا وينجزه. وقد طلبت منه الغاليري ان يعود مجددا، ويقدم معرضا منفردا في صالاتها عام 2018. وكان بعنوان: The Shape of a City (شكل مدينة). وانطلاقا من رغبتنا في ابقاء أحد اعماله الفنية في بيروت، طلبنا وضع قطعته الفنية التي تحمل اسم LP46 في وسط بيروت، وذلك في خطوة تدرج ضمن سياسة معرض ليتيسيا لتحفيز التفاعل الفني بين المواطنين والفن التشكيلي في الإطار المديني.

وضع العمل في حزيران 2018 أي قبل نحو سنة ونصف السنة، بعدما حصلنا على كل التراخيص والأذونات من المراجع الرسمية المختصة. وهذه القطعة مكونة من ثلاثة مكعبات فارغة ومتداخلة. وهي ترمز الى قطع الحديد والمكعبات المستخدمة في ورش البناء في بيروت. هذه هي الفكرة الرئيسية التي اراد راكوي تجسيدها في قطعته الفنية. وقد انجزها لتضيء ليلا، باللون الاصفر. الاصفر هو لون الاضاءة الذي يستخدمه راكوي اساسا في كل اعماله الفنية تقريبا.

وعن اتهام العمل الفني بأنه يرمز الى نجمة داود، قالت إن هذا الاتهام ليس في محله اطلاقا. لا علاقة اطلاقا لهذه القطعة الفنية بنجمة داود. ولو كانت ترمز الى ذلك، لما قبلنا ابدا وضعها في بيروت. ويختلف العمل الفني بحسب الزاوية التي يُشاهد منها. ونظرا الى ان القطعة الفنية في بيروت تتكون من مكعبات، فليس غريبا رؤية نجمة او اشكال مستطيلة او مربعة، وفقا للزاوية التي تتم من خلالها المشاهدة. وهذا ما حصل. القطعة تتكون من أشكال هندسية، وهذا لا يعني انها ترمز الى شيء.

وأوضحت فودوليان أن الفنان راكوي ليس يهوديًّا. وهو فنان معروف يعرض على مستوى عالمي، لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة. ولديه غاليري في دبي.

ماذا حصل للقطعة الفنية LP46؟ قبل ظهر الاحد الماضي، توجهنا الى ساحة الشهداء، وطلبنا ان نزيل بأنفسنا القطعة الفنية، خصوصا بعد اللغط الذي اثير حولها. غير ان محافظ بيروت رفض ان نتولى المهمة، مشيرا الى ان هذه المهمة من صلاحية المحافظة. وللاسف، تعرضت القطعة الفنية لاضرار وتكسرت بسبب طريقة حملها ونقلها. لم يعرفوا كيف يحملونها ويتعاملون معها. وقد صادروها. اتصلنا بالمحافظة أمس، وطلبنا موعدا للقاء المحافظ من اجل استرجاع القطعة، وننتظر الجواب. نحن مصرون على استرجاعها.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم